الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبت بنوبة اختناق أعقبتها نوبات خوف فظيعة من الموت!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مشكلتي بدأت منذ بضع سنوات، بدايتها كانت عبارة عن ألم في الحلق، وعدم القدرة على البلع، وكأن هناك ثقلا في منطقة الصدر والحلق والمريء، وبعد ذلك صاحبه خوف وضيق في التنفس وبرودة في الرجلين، وألم في أصابع الرجلين حتى أضغط على الأرض بقوة من شدة الألم، ونزل نصف وزني، وكل شيء في تغير، ونفسيتي تعبت جداً، وطوال الوقت حزينة وخائفة، ولا أجد أي سبب للأعراض التي أعانيها!

وبعد الذهاب لعدة مستشفيات اكتشفت أن عندي ارتجاعا في المريء، واستخدمت أدوية لفترة بسيطة ثم تركتها، والحمد لله تحسنت قليلاً، لكن ألم الرجلين لم يتغير، والبرودة تذهب وترجع، وأحيانا تشع رجليّ حرارة، وبعد ذلك جاءني خوف من الموت بشكل فظيع، وأي شيء أفعله أقول (لن أفعل كذا؛ أخاف أن أموت ثم يقولون إنها كانت تفعل وتقول كذا وكذا) وجاءتني حالات مفزعة كثيرة، ولما فتحت النت وجدت أن هناك أعراضاً تشبه أعراضي تسمى (الهلع).

وآخر ما سأذكره أني كنت في طريق سفر وفجأة بدون سابق إنذار أحسست ببرودة وحرارة في رجليّ، ثم لم أعد أقدر أن أبلع ولا أتنفس وقلبي أصبح يدق بسرعة، وصرت أسمع من حولي يتكلمون وأنا أحس أن روحي ستطلع، وأريد أن أصرخ وأقول أني سأموت، ولكني كنت خائفة، ثم بدأت أرتجف وجسمي حار، مع جفاف حلقي، وبقيت أذكر الله لمدة نصف ساعة، حتى انتهت الحالة تدريجياً.

وبعدها صرت خائفة جداً من أن تعود لي هذه الحالة، أو أن تكون هذه فعلا أعراض الموت، ومرت فترة وأنا قلقة، وبعدها وأنا أغتسل أحسست بالماء ينزل حارا على رجليّ، وصعوبة في التنفس والبلع، وأحس أن تفكيري مشوش، فخرجت بسرعة من الحمام وأنا أحس بثقل في جسمي وخوف فظيع من الموت، والحالة خفت تدريجياً، ولكني إلى الآن أعاني من الخوف، وتصاحبني أفكار تشاؤمية كثيرة، ولا أحب أن أسمع أي شيء عن الموت، وصرت أخاف من الطريق ومن المستقبل، ولا أحب أن يقول لي أحد كلاماً أو اعترافاً بدون سبب، فأفكر بالأسوأ فورا.

وشهيتي مسدودة طوال الوقت، ولا أحب أن يقول أحد مثلا: سنخرج غداً أو بعده، هل تريدين الذهاب معنا؟ فلا أحب أن أجيب؛ خوفا من أن يصيبني شيء!

والله، إن صحتي تدهورت ونفسيتي تعبت، وأخاف أن أتكلم لأحد حتى لا يصير الشيء الذي أحكي عنه، وأحياناً أتكلم عن جزء مما يصيبني، وبعدها أندم وأتضايق أكثر من قبل، مع العلم أني كنت أعيش حياتي بشكل عادي وكنت مرحة وما كنت أخاف.

لا أريد الذهاب لدكتور نفسي؛ لأني أخاف من استخدم أدوية نفسية، فهل ما أعاني منه مرض؟ أريد وصفاً دقيقاً لحالتي، وهل هناك كثير مثل حالتي أو أنا الوحيدة المصابة بها؟

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أيتها الفاضلة الكريمة، في بعض الأحيان أعراض عضوية بسيطة قد تتحوّل إلى شيء ضخم ومُجسَّم، وذلك من خلال القلق النفسي الذي قد يُصيب الإنسان، والإنسان في بعض الأحيان حين يُصاب بهذه الأعراض الجسدية قد يبدأ في نوع من الوسوسة أو التأويلات السلبية، وهذا هو الذي حدث لك، الامر كان في غاية البساطة، ألمٍ في الحلق، مع عدم القدرة على البلع، وهذا قطعًا ليس عرضًا سهلاً، أنا لا أقلل منه، لكنه ليس عضويًا، ومن الواضح أنه حدثت لك انقباضات في عضلات البلعوم، وهذا أدى إلى الثّقل في منطقة الصدر أيضًا، وهذا كله ناتج من القلق، وبدأ بعد ذلك لديك الخوف والهلع والوسوسة، وحالتك هذه نسميها بالنفسوجسدية (سيكوسوماتية) وهذا هو التشخيص.

أيتها الفاضلة الكريمة، قد يكون لديك شيء من قلق المخاوف الوسواسي، وهو الذي جسَّد هذه الحالة، فأرجو أن تقتنعي أنك سليمة، وأنك -والحمد لله تعالى– في عافية ومعافاة، ولا توسوسي حول هذه الأمراض، وتجاهليها تمامًا، واجعلي حياتك حياةً صحيَّةً، الحياة الصحية لا تكون إلا من خلال النوم المبكر، حتى ينام الإنسان نومًا صحيحًا، ويستيقظ ويُصلي الفجر، ويبدأ حياته بداية صحيحة.

ممارسة الرياضة أيضًا نعتبرها ضرورة مهمَّة في مثل هذه الحالات، وأن يكون لك هدف، وألا تدعي مجالاً للوسوسة والفكر السلبي من خلال الفراغ الذهني والزمني، هذا أيضًا مهم، وأن يكون لك طبيب تثقين فيه، كطبيب المركز الصحي مثلاً، تراجعينه كل ثلاثة إلى أربعة أشهر من أجل الفحوصات الروتينية، وعليك بالغذاء المتوازن، والتواصل الاجتماعي الصحيح، وأن تكون لك أهداف – كما ذكرنا – حياتية، هذا يصرف فكر الإنسان.

أنت لا تحتاجين لمقابلة طبيب نفسي، ربما تحتاجين لمقابلة طبيبتك في المركز الصحي – كما ذكرت لك –، وسيكون من الجميل أن تتناولي أحد مضادات القلق البسيطة لمدة أسبوعين أو ثلاثة، ولست في حاجة لأدوية نفسية أكثر من ذلك.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • المغرب رضوان

    لدي نفس المشاعر التي تشعرن بها مند 7 اشهر تقريبا ولم اشفى منها بعد والحمد الله على كلي شئ

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً