الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشكلة التلعثم جعلت من حياتي حزينة كئيبة، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة وبعمر 19 سنة، أعاني من التلعثم منذ أن ولدت، وهو شيء وراثي في العائلة، حيث إن خمسة من إخواني وأخواتي يعانون من التلعثم بدرجات متفاوتة، فيه الشديد والخفيف، وأنا حالتي متوسطة.

علماً بأن والديّ وأجدادي لا يعانون من ذلك، فما السبب أن أغلبية الأسرة تعاني من الحالة؟ حتى بعض من أبناء عمومتي.

أيضا أعاني من الكآبة والحزن، وبعض الأحيان أشعر بالخوف من الحرب، وأنسى همومي وأحزاني، وأستصغر مشكلة التلعثم لدي، وهذه الأيام أعاني من ألم الأسنان، وأفكر متى ما شفيت منه، سأبتلى بهموم جديدة، دون أن أعرف نوعية تلك الهموم.

أصبحت حياتي كئيبة، مع أنني -ولله الحمد والمنة-أملك كل ما أتمنى وأكثر، لكنني أشعر بخوف شديد بسبب التلعثم، أخاف كثيراً من فكرة الزواج، لأنني لو تزوجت سأضطر للتحدث مع الناس، والإجابة على أسئلتهم، فربما أتلعثم في الإجابة، كل تفكيري يدور حول نظرة الناس إلي فيما يخص التلعثم، رغم أنني لا أبالي بوجهة نظر زوجي في المستقبل بخصوص التلعثم.

أختي تعاني من التلعثم أيضا، وهي متزوجة منذ ثلاث سنوات، وهي الآن حامل، وقد عانت كثيرًا من الخوف والرعب من الناس، ودائما تشتكي لنا ما يحصل لها من مواقف، ودائما تقول إنها خائفة من التحدث مع الناس، وهذا الشيء تسبب في ازدياد خوفي من مواجهة الناس.

تقريباً لدي ثلاثة هموم أعاقت حياتي وأحزنتني وأرعبتني كثيرًا، وهي الكآبة والحزن، والخوف من الزواج، ومواجهة أسئلة الناس، وكل ذلك بسبب التلعثم، ففي الجامعة والمدرسة، أكثر كلمة أكرهها، ولا أطيق سماعها، وإذا سمعتها أشعر بمغص في بطني: (من تقرأ، برزنتيشن)، كلمات مقرفة جدًا، في الجامعة ثلاث مرات أو أكثر تهربت من العروض التقديمية، لا أريد أن يشفق علي أحد عندما أقدم عرضا وأتلعثم.

لا أريد أن أذهب إلى العيادة، ولا أريد أن أخبر أمي بأحزاني ومعاناتي، فأنا شخصية كتومة وغامضة، أريد منكم علاجا لتخفيف القلق والحزن والكآبة، مع أنه ليس بشديد، ولكنه أيضاً ليس بخفيف جدًا، فهل يوجد علاج للتلعثم؟ أو عندما يكون لدي عرضا تقديميا أستخدم بعض الحبوب، أريد أن أقدم عرضا تقديميا، لكنني أشعر بأنني لا أستطيع، أرتعب خوفا، ولا أستطيع أبدًا.

مرة في المحاضرة قررت الأستاذة أن كل مجموعة تقدم عرضا في نفس المحاضرة، وخرجت إلى المنصة، وقرأت النص المطلوب، وكنت لا شعوريا أنظر إلى الأستاذة، فطلبت مني أن أنظر ناحية الطالبات وليس ناحيتها، فلما نظرت نحوهن أصابتني دوخة بسيطة، أو شيء كالحلم.

رغم أنني أعاني من التلعثم، إلا أنني عندما أستفسر عن شيء معين، أو أسأل زميلتي، أو أتكلم مع الأستاذة، لا أشعر بخوف، وأسأل بكل ثقة، ولا أتلعثم إلا نادرا، لكنني لا أحب أن أتكلم مع صديقاتي في موضوع أو قصة معينة إلا نادرا، وأشعر أنني أقل منهم، فلم هذا الشعور؟ مع أنني شخصية مرحة مع القريبين مني، ولدي صديقات وأقارب يحبونني، لكنني لا أعرف سبب شعور النقص هذا، فهل هو بسبب التلعثم؟ لأن هذا هو النقص الوحيد الذي أشعر به.

كنت أريد أن أدخل قسم اللغات والترجمة، ولكن من شروط التخصص سلامة النطق، فما ارتحت له وتركته، وسجلت في تخصص الثقافة الإسلامية، وأنا مرتاحة لها جدًا، وأختي تقول خيرة.

يبدو أنني أطلت في الكلام، فهذه هي المرة الأولى التي أكتب فيها معاناتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سحر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وأشكرك على الصلة والثقة بإسلام ويب.

أيتها الفاضلة الكريمة: التلعثم والتأتأة وحبس الكلام تلعب العوامل الوراثية فيها دورًا، وحين تتهيأ الأسباب البيئية يزداد التلعثم ولا شك في ذلك، فأنت لديك عوامل وراثية، لكن هذا الإرث ليس إرثًا مباشرًا، يعني ليس أمرًا حتميًّا أن تحدث لك هذه التأتأة من خلال الإرث فقط، إنما الإرث جعلك أكثر استعدادًا لأن يحدث لديك التلعثم في الكلام في حالة وجود خوف وقلق، وأعتقد أن هذا هو الذي تعانين منه، ممَّا جعل موضوع التلعثم يكون شاغلاً لك، وهذا قطعًا أدى إلى خوفٍ، وأدى إلى قلقٍ مستقبلي حول الزواج.

حالة الكآبة والحزن التي تحدثت عنها لا أعتقد أنك تعانين من كدرٍ أو كربٍ حقيقي، لكن قد يكون لديك شيء من عُسْرِ المزاج الناتج من موضوع التلعثم، وما صاحبه من إشكالات نفسية بالنسبة لك.

أيتها الفاضلة الكريمة: الخطوات العلاجية متوفرة -إن شاء الله تعالى-:

أولاً: أريدك أن تنظري إلى نفسك إيجابيًا، وأنا أقول لك أن تصوراتك وتحليلاتك حول ما قد يتأتَّى من التلعثم وهو الصعوبات الزوجية والاجتماعية، أنا أحترم تصورك هذا، لكن أعتقد أن هنالك مبالغة كبيرة جدًّا من جانبك وتضخيمٌ للموضوع، فأول الخطوات التي يجب أن تُركّزي عليها: أن تطرحي بعض الأسئلة على نفسك: هل أنا مُحقَّة في مشاعري هذه حول التلعثم؟ أم أنا أبالغ؟ أم أن هناك مشكلة ولكن يجب ألا أعيرها هذا الاهتمام؟ أعتقد هذه الأخيرة هي التي يجب أن تكون منهجك الفكري.

ثانيًا أيتها الفاضلة الكريمة -: كنت أتمنى أن تسمح لك ظروفك بمقابلة الطبيب النفسي أو أخصائي التخاطب، هنا أعتقد قد تكون الفرصة عظيمة جدًّا بالنسبة لك للتدرب على بعض التمارين الاسترخائية وتمارين النطق، وهذا قطعًا يُساعدك، لكن هذا إن لم يتوفَّر لك أقول لك: عليك أولاً بأن تتدربي على تمارين الاسترخاء، ويمكنك الاستعانة باستشارة بموقعنا تحت رقم (2136015) هذه التمارين – أي تمارين الاسترخاء – هي ذات قيمة علاجية جدًّا وفائدة كبيرة جدًّا.

تمارين التنفس التدريجي تؤدي إلى راحة جسدية وإلى راحة نفسية، وهذا قطعًا يجعل الكلام أكثر طلاقة، وأريدك خلال هذه التمارين أن تتدربي على الربط بين الشهيق وإخراج الكلمات، هذا وُجد مفيدًا جدًّا، ويا حبذا لو ذهبت إلى أحد معلمات القرآن لتُدربك على مخارج الحروف وكيفية الربط بين التنفس وإخراج الكلمات.

النصيحة الأخرى هي: أن تقرئي بصوتٍ عالٍ وأنت جالسة وحدك في الغرفة، وأن تقومي بتسجيل ما تقومين بقراءته وأدائه من كلام، وبعد ذلك استمعي إلى ما قمت بتسجيله، سوف يتضح لك أن أداءك أفضل ممَّا كنت تتصورين. هذا الكلام أُثبت تمامًا من خلال تجارب عملية، والإنسان حين يكون لديه تصور سلبي، ويجد أن الواقع بخلاف ذلك، قطعًا هذا يُمثِّل دافعًا نفسيًا إيجابيًا جدًّا.

أريدك أن تجتهدي في التواصل الاجتماعي، وأن تكوني بارة بوالديك، وأن تكون لديك أنشطة اجتماعية، هذا يُساعدك بصورة مباشرة وغير مباشرة لأن تطوري من مهاراتك الاجتماعية، ممَّا يعود عليك - إن شاء الله تعالى - بانطلاقة نفسية وكلاميَّةٍ إيجابية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ولا تنسي قوله تعالى أو دعاء موسى عليه السلام: {رب اشرح لي صدري * ويسِّر لي أمري * واحلل عقدةً من لساني * يفقهوا قولي}.

وللفائدة راجعي علاج التلعثم والتأتاة سلوكيا: (280676 - 266962 - 280701 - 2102145).

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • رومانيا تفاؤلوا بالخير تجدوه

    «ربي اشرح لي صدري*ويسر لي امري*واحلل قعدة من لساني *يفقهوا قولي»
    لا تنسي ان موسى _عليه السلام_ وهو كليم الله كان متلعثما في لسانه
    فلا تحزني ولا تيأسي فالله اذا احب ابتلاه واحمدي الله انك تتكلمين   فهناك غيرك من يتمنى ان ينطق كلمه واحدة لا يهم كيف خرجت واحمدي الله وتذكري {ولئن شكرتم

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً