الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أساعد صاحبي المكتئب لسبب مجهول؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لدي صديق يعاني من الأرق، ومن أمراض نفسية، ودائما يصبح كئيبا، ولم نعلم ما به، وحاولت جاهداً أن أشجعه ليخبرني، وظل يقول: ما بي شيء، لا أعاني من شيء، فتركته مدة ليرتاح نفسياً من الأسئلة، ومن صدمته المجهولة، وكنت أسأله كل مدة 2-3 أيام عن نومه كم ينام، فيقول لي: ساعة, لا أنام، أو ساعتين أو ثلاث، فقلت له: اذهب للمستشفى، وأصبحت أشجعه للذهاب، فتردد، وقال: لا أستطيع أن أخبر أهلي.

ذهب إلى صيدلية، فوصف له حبوبا منومة، وأخبره أن يأخذها قبل أن ينام بنصف ساعة، فتحسنت حالته قليلا، بعض الأحيان تنفع، وبعض الأحيان لا، وقد حاولت إخراج الحقيقة منه؛ لأني أرى حالته جدا سيئة وكئيبة، وكنت أتقطع بداخلي إذا رأيته هكذا، وأحس بمعاناة، فقد عانيت من الأرق بصغري، وشجعته حتى أخبر أهله وذهب للمستشفى.

وقال له الدكتور: أنت متعرض لصدمة، قال: وفاة ابن عمتي، وقال: يمكن منه، لكن هو من قبل يعاني من ذلك، وأعطاه حبوبا، وحاولت إخراج الحقيقة منه، وقال: أنا آخذ مخدرات، خفت أنها الحقيقة، وبعد ذلك قال: أمزح، أنا قصدي حبوبا مخدرة، فضحكت، وبعدها أخبرني بالحقيقة، وقال: رأيت حادثا مع أبناء عمي، ذهب ووجد شخصا كله دم، وملقى على الأرض، وقال لم أفعل شيئا، فأحسست بدوخة، ورجعت للمنزل، وأصبحت حالتي على ما هي عليه.

أصبح لا ينام، وإن نام يحلم بكوابيس مرعبة، ويفزع من نومه، أنا أشك أنه يأخذ مخدرات؛ لأنه دائما مكتئب ولا أعلم لماذا، ولكن أبعدت شكوكي عندما سألت ابن عمه، وأكد لي أنهم رأوا الحادث، وقال لي صديقي: أن لا أخبر ابن عمه أنه رأى الشخص؛ لأنه صرفهم (أبعدهم عن المكان وذهب لينظر هو وحده).

ماذا أفعل؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ معاذ التميمي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكر لك الثقة في إسلام ويب، وأشكرك على اهتمامك بأمر صديقك، الذي أسأل الله له العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أيها الفاضل الكريم: هذا الأخ كما ذكرت يعيشُ مزاجًا اكتئابيًا انقباضيًا، والاكتئاب ربما يأتي دون أي أسباب أو مقدمات، خاصة إذا كان الشخص لديه الاستعداد الجيني أو الوراثي للاكتئاب النفسي، وفي حالات أخرى يكون الاكتئاب مُسبَّبًا، بمعنى أن الشخص قد تعرَّض لحدث حياتي معيَّن، أو تعاطى مُخدرًا كما تفضلت وذكرت، هذا قد ينتج عنه قطعًا الاكتئاب النفسي.

هذا الأخ –حفظه الله– مهمَّتك أن تُسانده، أن تجعله أكثر انفتاحا ويخرج من انغلاقه هذا، دعه يخرج معك، دعه يذهب إلى الصلاة معك في المسجد، دعه يُمارس معك بعض الرياضة، هذا –أيها الفاضل الكريم– يجعله أكثر صراحة ووضوحًا معك، وفي ذات الوقت سوف يُفكّر تفكيرًا إيجابيًا إن كان له أيُّ أخطاء –أي ممارسات غير صحيحة– سوف يُحاول أن يُصحح مساره، هذا مفهوم تمامًا.

موضوع وفاة ابنه عمِّه أو الحادث الذي رآه، هذا أمرٌ يمكن أن تتحدث عنه، وطمئنه، قل له: (لا تحسُّ بالذنب، الأمر كان شديدًا عليك وأدَّى إلى هذ الصدمة النفسية، لكنها يجب أن تكون مؤقتة، وهكذا الحياة)، الكلام عن الأحداث السلبية والصدمات النفسية يؤدي إلى ما نسميه بالتفريغ النفسي، والتفريغ النفسي من أفضل العلاجات التي تعالج الانفعالات النفسية السلبية، يعني: بمجرد إفصاح هذا الأخ حول هذا الموضوع سوف يستفيد.

وأعتقد أنك بعد أن تبني معه هذه العلاقة وتتطور يمكن أن تعرف إذا كان يتعاطى مخدِّرًا أم لا، وانصحه أن يذهب إلى الطبيب النفسي، ويمكن أن تذهب معه أنت، هذا أيضًا سيكون خطوة إيجابية جدًّا.

فمن وجهة نظري هذه هي الخطوات التي يمكنك أن تتخذها، وإن شاء الله تعالى في نهاية الأمر سوف تعود بخير كثير على هذا الصديق، وأنت -إن شاء الله تعالى- لك الأجر والثواب.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً