الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بسبب الاكتئاب كرهت حياتي وزاد وزني، فكيف أخرج من معاناتي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أعاني من الاكتئاب منذ سنة ونصف، ذهبت إلى الطبيبة فوصفت لي باكستين، واستمررت في أخذه فترة، ثم توقفت عنه؛ عندما بدأت أشعر بتحسن، لأنني كنت في فترة الرضاعة، ثم رجعت الأعراض وكانت شديدة، فذهبت إلى الطبيب، فوصف لي سيروكسات، واستمررت أستخدمه لمدة 3 شهور، ثم توقفت عنه؛ لارتفاع ثمنه.

والآن عادت الأعراض مرة أخرى، وهي: خمول، وكسل، ورغبة في الانعزال، وعصبية شديدة، وأحيانا تكون مدمرة، ورد فعلي يخيف أطفالي، وأحيانا ليس لدي رغبة في عمل أي شيء في المنزل؛ مما يسبب مشاكل دائمة بيني وبين زوجي، وأنا مقصرة في صلواتي، وأتكاسل عنها، رغم أنني كنت ملتزمة جدا، وكان لي وردا يوميا من الأذكار أداوم عليه؛ كل ذلك لم يعد له وجود.

أهملت نفسي، فازداد وزني بشكل كبير، حيث أتناول الطعام بشراهة، خاصة السكريات، وأنوي مرات أن أغير نمط حياتي ونفسيتي، ولكنني لا أستطيع، وأبقى على ما أنا عليه.

ليس لدي أدنى إرادة لأن أبدأ الحمية، وحتى الصيام لم أعد أقوى عليه، وكثيرا ما أنوي الصيام، ثم أتراجع عنه، لقد يئست من نفسي، وكرهت حياتي، وظلمت زوجي وأبنائي معي، فماذا أفعل؟ أشيروا علي بدواء يخرجني مما أنا فيه، ويساعدني على إنقاص وزني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم خالد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

أيتها الفاضلة الكريمة: أعراضك واضحة جدًّا، وهي أعراض اكتئاب نفسي من الدرجة البسيطة إلى المتوسطة، والاكتئاب بالفعل يجعل الإنسان مُحبطًا، ويجعله يحسُّ بالكدر، ويُقلل من فعاليته، ويؤدي إلى التكاسل والتراخي.

فالذي تعانين منه من وجهة نظري هو اكتئاب نفسي، والاكتئاب يجب أن يُعالج، من خلال التفكير الإيجابي، وأنت - الحمد لله تعالى –لديك أشياء عظيمة وجميلة في حياتك، لديك الذرية، ولديك البيت السعيد -إن شاء الله تعالى-، ولديك العمل، فتفكري وتدبري وتأمَّلي في هذا، لأن تغيير الفكر ليكون فكرًا إيجابيًا وليس متشائمًا، يعتبر أحد وسائل علاج الاكتئاب.

أيضًا: كوني منضبطة جدًّا مع نفسك فيما يخصُّ واجباتك: واجباتك الدينية، واجباتك الزوجية، واجباتك الأسرية، واجباتك العملية، ولا بد أن تُحسني إدارة وقتك، ومهما كانت مشاعرك وانفعالاتك، مهما كانت السلبية تسيطر عليها، يجب أن تكون هنالك أفعال وأعمال وإنجازات، وهذه سوف تُشعرك بسعادة غامرة -إن شاء الله تعالى-، أي إنجاز تقومين به ضد التكاسل وضد عدم الرغبة سيكون حافزًا عظيمًا جدًّا لك، هذا أمرٌ معروفٌ ومجرَّبٌ ونحن نحتِّم عليه كعلاج أساسي لعلاج الاكتئاب النفسي، فاحرصي على ذلك.

أيتها الفاضلة الكريمة: السُّمنة بالفعل هي مشكلة، والسُّمنة مرتبطة بالاكتئاب النفسي ولا شك في ذلك، أي أن السُّمنة ذاتها قد تكون سببًا في الاكتئاب النفسي، ونجد أن عشرة بالمئة من الذين يعانون من الاكتئاب النفسي قد تكون لديهم شراهة لتناول الطعام خاصة السكريات، وهذا هو الوضع بالنسبة لك، وهذا قطعًا يزيد أيضًا من السُّمنة، فاسعي لعلاج هذا الاكتئاب على الأسس التي ذكرناها لك، وأعتقد أنك في حاجة ماسة جدًّا لمضادات الاكتئاب، ومن أفضلها وأحسنها عقار يعرف تجاريًا باسم (بروزاك Prozac) ويسمى علميًا باسم (فلوكستين Fluoxetine) وليس الزيروكسات.

الزيروكسات دواء ممتاز، لكنه قطعًا قد لا يُناسب زيادة الوزن التي لديك، كما أن البروزاك دواء فاعل في تحسين الدافعية وإزالة التكاسل.

إذًا: تواصلي مع الطبيب -الطبيب النفسي أو طبيب الأسرة-، وابدئي في تناول البروزاك إذا وافق الطبيب على ذلك، والجرعة هي كبسولة واحدة، يتم تناولها بعد الأكل، تناوليها نهارًا لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعليها كبسولتين في اليوم – أي أربعين مليجرامًا – وهذه هي الجرعة العلاجية المطلوبة في حالتك، استمري عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضيها إلى كبسولة واحدة يوميًا لمدة ستة أشهر أخرى، ثم يمكنك التوقف عن تناول الدواء.

وقطعًا المتابعة مع طبيبك نوصي بها وننصح بها؛ لأن توجيهات الطبيب المباشرة قطعًا خطوة أكثر إيجابية ممَّا نُقدِّمه من خلال هذه الاستشارات الإلكترونية، حتى وإن كانت مفيدة.

أيتها الفاضلة الكريمة: لا بد أن تكوني حازمة جدًّا في موضوع الوزن، ضعي هدفًا لتخفيض وزنك، وضعي الآليات التي توصلك إلى ذلك -بإذنِ الله تعالى-.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً