الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خوفي من الجلطات والأمراض جعلني ضحية للاكتئاب والتعب دون بذل جهد

السؤال

السلام عليكم

أنا عمري 33 سنة، متزوجة ولا أشكو من ضغط أو سكري –والحمد لله-، لكن من فترة بدأت تظهر معي أعراض غريبة لم أجد لها تفسيرا، شعور بالإغماء الوشيك لكن لا يغمى علي، وهذا الشعور مستمر 24 ساعة حتى عند الاستلقاء يكون موجودا، وأصبح عندي غثيان وكتمة في الصدر، وألم بسيط في اليد اليسرى.

وزني نحيف بالنسبة لطولي، وأكلي صحي جدا، وأخاف من الأمراض وأقرأ عن أعراضها كثيرا، أخاف كثيرا من أمراض القلب ومن الجلطات بالذات، من 5 شهور أجريت فحص جهد وإيكو وتخطيطا للقلب وكان سليما، كانت الأعراض خفيفة وقتها، ولا أعرف هل يجب أن أعيد الفحوصات؟ لي ثلاثة أسابيع أقوم بعمل تخطيط قلب بمعدل مرة في الأسبوع ويكون سليما، لا يوجد عندي ضعف دم، وأجريت صورة رنين للرأس وكانت سليمة، عندي ديسك بسيط في الرقبة، والدكتور أخبرني أنه لا يسبب مثل هذه الأعراض.

أعاني من اكتئاب من ثلاثة أشهر بسبب وجود الأعراض التي لا أجد لها تفسيرا، ويحاول طبيب الأعصاب أن يقنعني أنها نفسية، أجريت فحوصات الأذن وكلها سليمة، والغدة الدرقية والكوليسترول والدهون سليمة، أنا دائمة التردد على الأطباء، لأن جسمي بدأ يضعف وفقدت شهيتي للأكل، وعندي ضيق تنفس، وطبيب الطوارئ أخبرني أنه نفسي، لكن الآن أنا خائفة من وجع يدي، وقد أجريت تخطيط قلب من يومين وكان سليما لكن ما زلت خائفة، وأكثر ما أعاني منه هو القيام في الصباح، فأكون خاملة متعبة حتى لو نمت فترة طويلة، مع العلم أن نومي صعب منذ أن اكتأبت، وأحلامي أصبحت مخيفة وتفسيرها كلها عن الموت، أشعر بالتعب بدون مجهود، وأنه سيغمى علي بأي وقت وأموت، فأصبحت أخاف الخروج أو أن أبقى وحيدة.

أرجو أن تفيدوني، لأن الأعراض لا زالت موجودة بل تزيد، والأطباء لم يجدو لها سببا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ليلى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية.

استوقفتني مباشرةً قولك (وأصبح عندي غثيان وكتمة في الصدر وألمٍ بسيطٍ في اليد اليُسرى)، حين ذكرتِ عن هذه الألم البسيط في اليد اليُسرى؛ أتتني قناعة كاملة أنه لديك تخوُّف من أمراض القلب، وبالفعل هذا هو ما أفصحت به بتفصيل واضح وجلي في الأسطر التي تلتْ ما ذكرتِه.

أيتها الفاضلة الكريمة، أنت لست مُصابة بمرض القلب، وأنت لديك تخوِّفٍ من مرض القلب وتخوُّفٍ من الأمراض، أنا لا أحبُّ أبدًا أن أستعمل كلمة (التوهم المرضي) لأني أراها كلمة قبيحة، لكن أقول لك: لديك وساوس حول صحتك، وهذا الأمر – أيتها الفاضلة الكريمة – يُحسم حسمًا تامًا بالتوكل، بالدعاء، والأخذ بالأسباب، وفي هذه الحالة التصميم على عدم التردد على الأطباء، وهذا لا يعني أننا نمنعك من الحرص على صحتك ومراجعتها عند الأطباء، لا، اذهبي لطبيبٍ واحدٍ - طبيب الأسرة مثلاً - مرة كل ثلاثة إلى أربعة أشهرٍ، هذا من أجل الفحوصات والفحص الدوري، وهذا وجدناه مفيدًا جدًّا، يمنع تمامًا المخاوف والوساوس المرضية، فأرجو أن تلتزمي بذلك.

الأمر الآخر هو أن تعيشي حياةً صحيَّةً، تنامي مبكرًا، تستيقظي مبكرًا لصلاة الفجر، تُمارسي شيئًا من الرياضة، يكون هنالك توازن غذائي، تتجنبي النوم النهاري، وتكون لك برامج حياتية مفيدة، تُديرين من خلالها وقتك بصورة صحيحة وجيدة ومتفائلة، وهذا قطعًا يصرف انتباهك تمامًا عن هذه المخاوف.

أيتها الفاضلة الكريمة: أيضًا تناول أحد مضادات قلق المخاوف الوسواسي وُجد أنها مفيدة. سوف أترك هذا الأمر للطبيب، حين تراجعي طبيب الأسرة وتوضحي له شكواك، وتوضحي له ما نصحناك به وهو تناول أحد مضادات المخاوف القلقية، أعتقد أنه يمكن أن يصف لك جرعة صغيرة من عقار يعرف تجاريًا باسم (زولفت Zoloft)، أو يعرف تجاريًا أيضًا باسم (لسترال Lustral)، ويسمى علميًا باسم (سيرترالين Sertraline)، أو عقار (سيمبالتا Cymbalta) والذي يعرف علمياً باسم (دولكستين Dyloxetine)، أو عقار يعرف تجاريًا باسم (زيروكسات Seroxat) ويسمى علميًا باسم (باروكستين Paroxetine)، وأنت تحتاجين لتناولها فقط لمدة ثلاثة أشهر وبجرعة صغيرة.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً