الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

موظف بالجيش وأشعر بضيق وخوف وأفكار انتحارية!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عمري 24 سنة، وفي الجيش منذ شهرين, وأعاني من خووف شديد، مع أفكار لا أستطيع التوقف عنها بسبب الإهانات والذل وما سيكون مستقبلاً, لا أستطيع النوم نهائيًا؛ بسبب صعوبة الوضع، حيث إن النوم متقطع؛ فهناك ساعتان للخدمة ليلا، ثم أنام أربع ساعات، ونهارًا هناك شغل متواصل في الوحدة العسكرية.

أشعر بضيق في التنفس، وضربات القلب سريعة وقوية، وأحيانًا قوية فقط، وكذلك تنميل في أطراف أصابعي, ومن كثرة التفكير لا أركّز نهائيًا، وأشعر بالتوهان وعدم القدرة على تفسير كلام الآخرين، وكذلك أشعر بوجع في البطن وتوتر شديد.

أنا حاليًا في إجازة، ولا أدري ماذا أعمل؟ ذهبت وحيدًا إلى الطبيب لأستشيره؛ لأن عندي أفكاراً انتحارية، إذْ أقوم بكسر قدمي، وبالفعل حاولت، لكنها لم تنكسر، لكن حصلت كدمات.

الطبيب قال لي: لابد أن يكون معك أحد، وأبلغْه أن ينتبه لك، وينتبه لتصرفاتك، وأعطاني علاجين، واحدًا اسمه: (estikan)، والثاني: (prexal)، والمشكلة أن الاثنين مهدئان، وجربتهم أمس قبل النوم، ولم أصحُ إلا اليوم الثاني، وأنا أريد أن أنام، فماذا أعمل؟! هل أهرب من الجيش أم كيف أتصرف؟!

أفيدوني بسرعة، وشكرًا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ saad حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مهما كان الكدر، ومهما كان الضجر، فالمسلمُ لا يُفكِّرُ في الانتحار أبدًا، هذا –أخِي الكريم– لا يشبهك أبدًا ولا يناسبك كإنسان مسلم مؤمنٌ؛ ففي دينك يقول الله: {ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة}، ويقول: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيمًا} ويقول الرسول الكريم: (مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ شَرِبَ سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا)، وبذلك يكون من يفعل ذلك خسر الدنيا والآخرة، {ذلك هو الخُسران المبين}.

استعذ بالله تعالى -أخي الكريم الفاضل- من هذه الأفكار، واعرف أنك صغير في السن، ومن كان مكروبًا أو مهمومًا فعليه بالدعاء: {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} أو (اللهم اجعل خير عمري آخره، وخير عملي خواتمه، وخير أيامي يوم ألقاك فيه) أو (اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ) أو كَلِمَاتُ الْفَرَجِ -كما سمَّاها النبي صلى الله عليه وسلم-: (لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ, لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ, لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ، وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ).

أيها الفاضل الكريم، شبابك وحيويتك سوف تعود إليك بهذا المنهج الربَّاني والمنهج النبوي، بالحرص على الصلاة والدعاء والذكر وتلاوة القرآن.

انضمامك للجيش يجب أن تتكيَّف وتتواءم معه، فالحياة كلها جهاد واجتهاد، وفي نهاية الأمر تصل لمبتغاك -إن شاء الله تعالى-.

نظِّم أفكارك، نظِّم وقتك، كن متفائلاً، احرص على صلاتك، مارس الرياضة، احرص على بر والديك، وأخرج نفسك من حالة الضجر هذه، وتحدَّث إلى من تثق من أصدقائك، ولا تخفْ من المستقبل، فالمستقبل كله خير؛ لأنه بيد الله، والإنسان المؤمن يُحسنُ الظن في الله.

بالنسبة للعلاج الدوائي: يجب أن تلتزم به كما أعطاك إياه الطبيب، والصفة التهدئية للأدوية دائمًا تكون في الأيام الأولى للعلاج، بعد ذلك سوف يتعوّد جسدك على الدواء، وسوف تجني فائدته -إنْ شاء الله تعالى-.

هذه الأدوية تحتاج لوقتٍ لتكون فعاليتها واضحة، فاصبر عليها –أيها الفاضل الكريم–، وراجع طبيبك حسب الخطة التي وضعها لك.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً