الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خوفي من فيروس كورونا أصابني بالوساوس والاحتياطات المبالغ فيها!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بداية أشكركم على ما تبذلونه وتقدمونه في الموقع من خدمات جليلة ومساعدة للناس, جعلها الله في موازين حسناتكم.

قد تكون مشكلتي بسيطة في نظر الكثيرين، لكنها تسبّب لي معاناة مستمرة؛ فأنا أعاني من وساوس كبيرة بخصوص فيروس كورونا المنتشر في المنطقة وفي المملكة العربية السعودية خصوصًا.

ظننت أن الوسوسة ستكون لفترة بسيطة وتزول، لكن للأسف لا زلت أشعر بوسوسة كبيرة تجعلني أقوم باحتياطات كثيرة ومزعجة، وسأخبركم تحديدًا ما الذي أصبحت أفعله منذ أن أصبت بهذا الوسواس:

عندما ألمس أي شيء في البيت أقوم بغسل يدي بصابون (لايف بوي)؛ لأني أخشى أن يكون هناك فيروس كورونا في الشيء الذي لمسته!

عندما أجلب أغراضًا من السوق أو البقالة فإني أغسل يدي عند ملامستي لهذه الأشياء حتى لو مر على وجودها في البيت ساعات!

عند خروجي خارج المنزل وعودتي للمنزل يجب أن أغتسل بالماء والصابون، وأحرص على غسل وجهي ويديّ وذراعيّ وقدمي بالصابون المعقم، حتى لو كان خروجي فقط لخمس دقائق, كأنْ أذهب لبقالة أو محل قريب من البيت ولدقائق بسيطة، فلا أستطيع الشعور بالراحة أو أن آكل أو أشرب شيئًا إلا بعد أن أغتسل، وإذا ذهبت للبقالة أو أي محل ورجعت للبيت، واغتسلت، وتذكرت أن هناك شيئًا نسيت شراءه، فإني أذهب لإحضار ذلك الشيء، وأعود للاغتسال مرة ثانية، وخارج البيت من المستحيل أن أشرب أو آكل شيئًا؛ خشيةً من الفيروس!

بعد تفكير وجدت أنه يتوجب عليّ فهم بعض الأمور عن فيروس كورونا؛ لأن فهمي لتلك الأمور هو فقط الذي سيزيل الوسواس والخوف.

هنا أريد أن أطرح عليك -يا دكتور- من الأسئلة ما يجعلني أفهم خطورة الفيروس الحقيقية وطرق انتقاله؛ مما يجعلني أقل وسوسة، وتخفّ هذه الحالة المزعجة معي:

- كم يظل الفيروس حيًا خارج جسم الإنسان؟

- هل الفيروس ينتقل عبر الهواء أم أنه لا ينتقل إلا في وسط ناقل كالرذاذ مثلًا؟

- هل الفيروس يجب أن يكون في وسط رطب أم أنه ممكن أن يتواجد على سطح جاف؟

- لو عطس مصاب في مكان معين، ودخلت أنا للمحل بعد 5 دقائق، هل قد أُصاب بالفيروس أم أن الفيروس ينزل للأرض ولا يبقى في الهواء؟

- لو عطس المصاب بكورونا على شيء معين كعلبة بيبسي أو علبة بسكويت، وجئت أنا بعد وقت معين وأخذت هذه الأشياء، فما مدى احتمالية إصابتي بالفيروس؟

- لو اشتريت أشياء من السوق، فما أقصى وقت يجب أن يمرّ على تلك الأشياء لديّ حتى أضمن أنها خالية من الفيروسات، وأنها لو كانت تحمل فيروسًا، فإنه يكون قد مات وانتهى؟

- هل الملابس تنقل الفيروس؟ فملابسي سَتُلامِسُ أسطحًا مختلفة خارج المنزل, فهل عند ملامسة يدي لملابسي قد تنقل الفيروس؟

- يقولون في النشرات التوعوية: يجب عدم لمس الأنف أو العين خارج المنزل، وعند الاضطرار لذلك يجب استخدام المنديل, لو فرضنا أنّ يدي لامستْ أسطحًا ملوثة، ثم مَسَكْتُ المنديل بيدي، فهل سيتلوث المنديل أيضًا؟

- لو كان شخص يحمل الفيروس، لكن لم تظهر عليه الأعراض أو لو ظهرت كأعراض انفلونزا بسيطة، فهل ممكن أن ينتقل فيروس كورونا منه إلى أشخاص آخرين؟

أعتذر للإطالة، لكني –والله- أعاني وسوسة جعلتني أعيش بشكل غير طبيعي، وأقوم باحتياطات مبالغ بها، حتى أن يدَيّ كثيرًا ما التهبتا؛ لكثرة الغسيل بالصابون يوميًا!

شكرًا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فهد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك لك التواصل مع استشارات إسلام ويب، وأقول لك –أيها الفاضل الكريم–: الذي تعاني منه هو قلق المخاوف الوسواسي حول فيروس كورونا.

أخي الكريم، ليس من المستحسن أبدًا أن تُكثر من اطلاعاتك حول هذا الموضوع، والأسئلة التي طرحتها هي تعزيزٌ للمخاوف الوسواسية.

الأخ الدكتور/ باسل ممدوح سوف يفيدك بمعلوماتٍ أساسية حول هذا المرض، لكن لا أريدك أن تُبحِر فيه، ولا أريدك أن تُعزّز الوساوس من خلال طرح الكثير من التساؤلات، ونحن هنا -في إسلام ويب- نحذر تمامًا ممَّا نُسميه بالحوار الوسواسي؛ الأخذ والرد والتساؤل وتشريح المعلومات والبحث عمَّا وراء المعلومة وتأويل الأمور، هذا يُعزز الوساوس، ونحن ضدّ ذلك، نحن نقول للناس: تجاهلوا الوساوس، حقّروا الوسواس، الوسواس مرض ذكي، يتحايل على صاحبه، لكن يُغلق عليه من خلال التحقير وعدم النقاش أساسًا.

أخِي الكريم، توكل على الله، سَل الله –تعالى- أن يحفظك من كل مكروه، وأنا أفضل أن تتناول أحد الأدوية المضادة للمخاوف الوسواسية، وهنالك ثلاثة أو أربعة أدوية فاعلة جدًّا سوف تُريحك من هذا الفكر الوسواسي الذي تسلَّط عليك، لكن الدفع من جانبك –أي الدفع الإيجابي– لتحقير الفكرة أيضًا مطلوب.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.
ـــــــــــــــــــــــ
انتهت إجابة الدكتور/ محمد عبد العليم، استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان، تليها إجابة الدكتور/ باسل ممدوح سمان، استشاري أمراض وجراحة الأذن والأنف والحنجرة:
ـــــــــــــــــــــــ
الأجوبة حسب ترتيب الأسئلة كالتالي:

1- تعتمد مدة بقاء الفيروس على الأسطح خارج الجسم على نوع السطح؛ فالأسطح الملساء والصلبة قد يبقى فيها الفيروس مُمرِضًا من 24 إلى 48 ساعة، وقد تزيد هذه المدة في حال كون السطح باردًا ورطبًا لفترة تصل لأسابيع, وعلى بشرة الجلد من 8 إلى 12 ساعة.

2- الفيروس لا ينتقل إلا بالرذاذ من قطيرات اللعاب التي تخرج من فم وأنف المريض عند العطاس أو السعال.

3- يمكن للسطح الجاف أن يحوي فيروسات مُمْرِضة.

4- قطيرات العطاس تنزل للأسفل بحسب الجاذبية الأرضية خلال ثوانٍ، ولا تبقى تحوم في الجو.

5- احتمال الإصابة من أشياء لامستْ قطيرات العطاس أو السعال من مريض مثبت الإصابة بفيروس كورونا، هو احتمال كبير.

6- أقصى وقت لبقاء الفيروس قابلاً للإمراض على الأسطح الصلبة قد يمتد لأسابيع إذا كان الجو باردًا.

7- نعم، الملابس ممكن أن تنقل الفيروس.

8- المنديل يمكن أن يتلوث من يدك الملوثة؛ ولهذا عند استخدام المنديل لا تلامس السطح الذي لامس يدك مع الأنف أو الفم.

9- الشخص الذي ظهرت عليه الأعراض الخفيفة يمكن أن ينقل الفيروس للآخرين.

كما تلاحظ -أخي الكريم-، فإن أجوبتي لن تحل مشكلة الوسواس القهري لتنظيف اليدين والملابس لديك، بل بالعكس، يمكن أن تزيد من سوء الحالة، وأنا من ناحيتي لا يمكن لي أن أجيب إلا بما يقتضيه العلم وبأمانة، ولكن أقول لك نصيحة من أخ: الحياة تحتمل المخاطرة في كل خطوة نخطوها داخل أو خارج المنزل، وهذه الخطورة هي دائمًا يُمكن أن تكون مهددة للحياة، ولا يقتصر الأمر على العدوى بفيروس ما من هنا أو هناك؛ ولهذا فديننا يرشدنا لما فيه خيرنا وصلاحنا، والنصيحة الذهبية هنا هي كما قال نبينا -صلى الله عليه وسلم-: (اعقلها وتوكل)، وخير الأمور أوسطها.

عليك باتخاذ الأسباب: من نظافة الأيدي والملابس دون مغالاة في هذه النظافة وتحويلها لهاجس يؤرق حياتك، واعلم أن الاعتماد هو على الله، وليس على الأسباب، وعليك بالدعاء، فالله هو من يحميك إن طلبته، حيث قال السندي في شرحه على سنن ابن ماجه: "قال الغزالي: فإن قيل: ما فائدة الدعاء مع أن القضاء لا مرد له؟ فاعلم أن من جملة القضاء رد البلاء بالدعاء، فإن الدعاء سبب رد البلاء، ووجود الرحمة، كما أن البذر سبب لخروج النبات من الأرض، وكما أن الترس يدفع السهم، كذلك الدعاء يرد البلاء".

مع أطيب التمنيات بدوام الصحة والعافية من الله –تعالى-.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً