الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شخصية ابني معقدة وهو عاطفي وكتوم لما يحدث له، ما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

جزاك الله خيرًا، وجعل مساعدتكم للناس شفيعًا لكم يوم الدين.

بالنسبة لابني الثاني في الترتيب، شخصيته الأكثر تعقيدًا بين أبنائي، هو رائع في إخلاصه وذكائه وتحمله للمسئولية، وطموحاته، ورجولته، وتحامله الشديد على نفسه، لكن عنده بعض الاندفاعية، وهو دقيق للغاية ويهتم بالتفاصيل جدًا، كتوم جدا فقد يتعرض لمصائب، وحصل أن تعرض لجروح كبيرة حاول أن يهونها على نفسه، ويتصرف دون أن يخبرنا -نحن والديه-.

أحيانًا أكشف عنه الغطاء فأجده يبكي بكاءً شديدًا، هو عاطفي ويتألم لأجل الصغار والحيوانات، أذكر أني مرة طلبت منه إغلاق الباب فقال لي: يوجد فراشة انتظري حتى تطير وسأغلقه، وحين اندهشت قال لي: (حرام يا أمي ).

عنده حديث النفس أي التفكير الزائد كإخوته، يخاف بشدة من الظلام والوحدة، عنيد للغاية قد يصل به العناد والتمرد درجة أن يمكث في المطر يومًا كاملاً اعتراضًا على أمر ما، فوضوي، وغير منظم ومشتت.

بالطبع هو يشكو من أخيه الأكبر مر الشكوى، ومع ذلك هو يغار منه ويحتاجه في بعض الأوقات، كم ذاق منه عجينًا وطحينًا وضربًا في الوجه والعينين والرأس دون سابق إنذار حتى أنهما وهما في الصغر قام أحدهما بكوي يد الآخر بالمكواة، وحاول الآخر تفادي الأمر، لكنه أصيب بحروقات، ناهيك عن معاناته لحساسية صدر شديدة في صغره.

عمره 13 سنة، استشرت الطبيب بشأنه، ذكائه طبيعي، صفاته مميزة، وقد أعجب به الطبيب جدًا، صرف له ستراتيرا، وابيكسدون مثل أخيه الأكبر، تناول الدواء مدة 8 أو 9 شهور، ولم أستطع إحضارهم لجلسات العلاج السلوكي لظروف ما.

وبعد انقطاع فترة قد تصل لسنة ذهبت مرة أخرى للطبيب، وصرف له اريببركس شراب، ومودابكس 50، وأيضًا اتوموكس ايبكس 40 استمر عليها قرابة 6 شهور، وانتقلنا لبلد أخرى وتوقف العلاج، وبعدها بفترة لتزايد الأعراض ومنها تزايد حدة المناكفات والشجار داخل المنزل أعطيته مودابكس 50 لمدة 3 شهور أخرى، ثم توقفنا دون تدرج في التوقف.

نسيت أن أذكر لك أنه وأخاه الأكبر بداية ذهبت بهم لطبيب مخ وأعصاب، وصرف لهما تجريتول شراب استمر عليه (لا أذكر تحديدًا منذ 6 شهور إلى 9 شهور ) وكانت هذه أولى تجربتهم مع العلاج بالدواء.

سؤالي: ما هي نصيحتك، وهل يستمر في الأدوية، وما هي، أو أين أستطيع هنا في قطر أن أتوجه للاستشارة بشأنه؟

ملاحظة: وزنه الآن 36 ك.

وجزاك الله كل الخير، وجعل هذا العمل في ميزان حسناتك.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هدى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

توضيحك قطعًا عن ابنك الثاني مفصَّلٌ وواضحٌ ومفيدٌ ولا شك في ذلك، وكما تلاحظين -أيتها الفاضلة الكريمة- الطفل كثيرًا ما تكون لديه الكثير من التناقضات السلوكية والوجدانية، هنالك ما هو سلبي، هنالك ما هو إيجابي، لكن بصفة عامة هذا الطفل -حفظه الله- أرى ما دامتْ المقدرات المعرفية لديه ممتازة فلا خوف عليه -إن شاءَ الله تعالى-، أرى أنه سوف يسير في مراحله الارتقائية كما هو مطلوب، لكن في ذات الوقت قطعًا التدخل الاسترشادي من خلال مقابلة المختص سيكون أمرًا ممتازًا.

الطفل -حفظه الله- صُرفتْ له أدوية، المودابكس قطعًا مضاد للاكتئاب ومُحسِّنٌ للمزاج، الاستيرتيرا معروف عنه أنه يُعالج فرط الحركة الزائد.

التجراتول دواء يُنظم إيقاع الدماغ بالنسبة للأطفال الذين لديهم شيء من الاندفاعية، وهو في المقام الأول دواء يُعطى أيضًا للنوبات الصرعية، وابننا هذا -حفظه الله- ليس له شيء من هذا القبيل، والدواء أيضًا يُستعمل كمثبِّتٍ للمزاج.

أنا أرى -أيتها الفاضلة الكريمة- أن يستمر على أدويته هذه حتى تُقابلي قسم الأطفال واليافعين التابع لمؤسسة حمد الطبية، وكل المطلوب منك هو أن تأخذي تحويلاً من المركز الصحي -هنا في قطر- المركز الصحي المتواجد في المنطقة التي تعيشين فيها، وسوف يحوّل الطفل إلى قسم الأطفال واليافعين -كما ذكرت لك- وهذا القسم موجود في منطقة معيذر، مؤسسة حمد الطبية لديها مجمَّعٌ ضخمٌ جدًّا في منطقة معيذر فيه العديد من التخصصات والخدمات الطبية، قسم الأطفال واليافعين النفسي متواجد هناك، والقسم ترأسه الأخت الدكتورة حنان دربي، وهي من الأطباء المتميزين في طب الأطفال النفسي.

فكل الذي هو مطلوب هو أن تتحصلي على التحويل من المركز الصحي وتذهبي إلى القسم المختص، وأنا متأكد أنه سوف تتوفر له الرعاية التامة، لكن في هذه الفترة لا تتوقفي عن الأدوية؛ لأنني لا أريد أن أُعرض الطفل لأعراض انسحابية أو شيئًا من هذا القبيل.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً