الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اتهمت بالفاحشة ظلماً فأثر ذلك علي نفسياً!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الإخوة في موقع إسلام ويب المحترمين: أود أن أشكركم جزيل الشكر على هذا الموقع الرائع، والمليء بالمعلومات المهمة والمفيدة، والذي يعتبر مرجعا للعديد من الأمور التي أحاول أن أبحث لها عن إجابات، وأتمنى لكم مزيدا من التقدم والنجاح.

لقد حاولت في السابق كثيرا إرسال استشارتي هذه، ولكن لم يسعفني الحظ، فأنا أود أن أطرح عليكم مشكلتي، والتي أعاني منها منذ خمس سنوات، ولم أستطع إيجاد أي حل لها، وذلك لأن مشكلتي نفسية، وليس هناك أي أطباء نفسيين في المنطقة التي أسكن بها، وألخص لكم مشكلتي كالتالي:

أنا بعمر 26 عاماً، حدث معي موقف منذ خمس سنوات أنني اتهمت باللواط، وقد انتشرت هذه التهمة بين العديد من الناس، علما أنني لم أمارس هذا الفعل قط، وذلك بالرغم من أنني فعلاً أعاني من اضطرابات جنسية، وأحاول دائما أن أشجع نفسي من الداخل بأنني لست شاذاً، بالرغم من أنني أضعف أحيانا أمام شهوتي، وهذه الاضطرابات التي أعاني منها بالأصل، بالإضافة إلى التهمة التي وجهت إلي ظلما؛ أضعفتني بشكل كبير جدا.

منذ ذلك الحين وإلى اليوم لم أنس ذلك الموقف، وهو يراودني بشكل دائم، وعندما أسير في الشارع أشعر بأن كل من ينظر إلي كأنه يتهمني بأنني ذلك الشاذ، ومن خلال تراكم المواقف التي حدثت معي؛ وصلت إلى مرحلة نفسية صعبة جدا، لدرجة أنني أكره الحياة كثيرا، ولم أعد أستمتع بأي شيء كنت أستمتع به سابقاً.

وصلت لمرحلة شديدة جداً من الكسل، حيث إنني أرغب دائما في النوم أو الاستلقاء على السرير، وذلك بالإضافة إلى كثرة النسيان، وضعف شديد بالتركيز، وتنتابني أيضا العديد من نوبات القلق والخوف عند مواجهة الناس، أو التفكير في مواجهتهم، حيث تتسرع ضربات القلب لدي بشكل كبير، وأشعر برجفة في رأسي.

حدث مرة أن سقطت على الأرض، بعد أن حاولت أن أطرح سؤالا في اجتماع عمل، حضره عدد كبير من الجمهور، وهو ما سبب لي حرجاً شديداً.

فكرت كثيراً في الانتحار، وتمنيت الموت دائماً، وحاولت أن ألتزم بصلاتي، لكني لم أستطع أبداً؛ نظرا للكسل الشديد الذي أعاني منه، وهو ما يجعلني أتراجع دائما عن فكرة الرغبة بالموت؛ لأنني لم أصلِّ بعد، ولا أريد أن أموت كافرا أيضا.

أفكر كثيراً، وذهني دائم الشرود، وأفسر كافة المواقف المحيطة بي بشكل سلبي تماما، وأحس أن كافة من هم حولي، سواءً من العائلة، أو الزملاء بالعمل، يتهمونني حتى بنظراتهم، ويقصدونني بكل ما يقولون.

أرجوكم ثم أرجوكم ساعدوني، والله إنني تعبت كثيرا، وبكيت كثيرا بدون جدوى، وأريد أن أصبح إنسانا آخر سويا، مثل كل من هم حولي، وأن أكمل حياتي بما يرضي ربي ثم نفسي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فارس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، ونشكرك على الثقة في إسلام ويب، ونأسف إن كانت رسائلك السابقة لم تجد وسيلة أن تُنشر أو يطلع عليها المختصين.

أخِي الكريم: أنت لديك أعراض قلق نفسي واضح، وهذا أدى إلى شعورٍ بالسلبية وعدم الفعالية، وربما شيء من الاكتئاب النفسي البسيط، فكرك أيضًا ذو طابع وسواسي لدرجة ليست كبيرة، تسارع ضربات القلب يحدث لك في المواقف الاجتماعية، وهذا دليل أن لديك شيئاً بسيطاً أيضًا من الرهاب الاجتماعي.

لا تنزعج، أنت لست تعاني من عدة تشخيصات، هو تشخيص واحد، هو نوع من قلق الرهاب الوسواسي وليس أكثر من ذلك.

موضوع أن الناس قد اتهموك بممارسة اللواط: أخِي الكريم، الحل بسيط جدًّا، تجاهل كل ما يُقال، ولا تهتمَّ به، وحقِّره، وحاول أن تعيش حياة فاعلة، حياة الرجولة، فأنت تحدثت عن شيء من الاضطرابات الجنسية، ولكنك لم توضح ما طبيعة هذه الاضطرابات، وأنا أعتقد أن الناس يقيسون سلوك الآخرين من خلال ملاحظاتهم، وأنت الآن مطالب بأن يكون مسلكك بالفعل مسلكاً ممتازاً، ومنضبطاً، وتؤدي صلاتك مع الجماعة في المسجد.

عملية التكاسل عن الصلاة لا بد أن تُحسم من جانبك، لا تهاون في الصلاة، فالصلاة عماد الدين، ورأس الأمر، ويجب أن تُشارك الناس في مناسباتهم، وتكون حريصًا وغيُّورًا على أسرتك، وتكون من الذين يساعدون الضعفاء، وانخرط في بعض الأنشطة الثقافية والاجتماعية والخيرية، هذا يُجمِّل من صورتك تمامًا أمام الآخرين، وفي ذات الوقت يُساعدك بالفعل أن تنظر إلى نفسك نظرة إيجابية، لأنك سوف تُصبح إنسانًا فعّالاً، والفعالية هي المقاس الحقيقي الذي يُحدد أمزجتنا.

علاج حالتك يكون من خلال هذه الطرق السلوكية التي حدثْتك عنها، وقولك أنك قد فكرت في الانتحار كثيرًا وتمنيت الموت، هذا خطأ جسيم جدًّا، ولا يحل مشكلة، والمنتحر مآله النار أيهَا الفاضل الكريم، ولا أحد يتمنى الموت، والموت قادم أصلاً، لكن الإنسان يعمل لما بعد الموت ويستمتع بحياته ويعيش فيها بقوة، هذا النوع من الفكر أنا لا أحبذه أبدًا، ويجب أن يُحقّر، ويجب أن تكون إنسانًا فاعلاً ونافعًا لنفسك ولغيرك.

يا حبذا أيضًا لو ذهبت إلى طبيب نفسي؛ لأنك تحتاج لأحد مضادات قلق المخاوف، إن كان ذلك ممكنًا فهذا أمر جيد، أنت ذكرت أن المنطقة التي تعيش بها ليس فيها أطباء نفسيون، وأنا أقول لك: إن الأطباء العموميين وأطباء الأسرة لديهم إلمام كبير جدًّا بالحالات النفسية، خاصة مثل حالتك هذه.

عمومًا إذا صعب عليك الأمر حاول أن تتحصل على عقار يعرف تجاريًا باسم (زولفت Zoloft) أو يعرف تجاريًا أيضًا باسم (لسترال Lustral) ويسمى علميًا باسم (سيرترالين Sertraline) دواء ممتاز جدًّا، دواء فاعل، دواء طيب لمعالجة القلق والمخاوف والوساوس، وأعتقد أنه سوف يعطيك ثقة كبيرة جدًّا في نفسك.

الجرعة المطلوبة هي جرعة صغيرة في حالتك، هي أن تبدأ بنصف حبة –أي خمسة وعشرين مليجرامًا– تتناولها ليلاً لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك اجعلها حبة كاملة، تناولها ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة ليلاً لمدة شهرٍ، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهرٍ آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً