الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبت فجأة برهبة وسرعة في ضربات القلب عند صلاتي بالناس!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حصلت لي مشكلة نفسية قبل ما يقارب الشهرين، وهي عندما كنا نستعد لتدشين مسجد الحي، وحان وقت صلاة المغرب، قدمني سكان الحي: "صل يا شيخ، صل يا شيخ"، فتقدمت وانتابني شعور غريب عبارة عن رهبة، وسرعة في ضربات القلب، بصعوبة كانت الآية تخرج مني بعد أخذ نفس عميق، وأكملت الصلاة بصعوبة بالغة.

مع العلم أني كنت قبل ذلك أصلي بجماعات مختلفة ولم ينتابني هذا الشعور، ومنذ ذلك الوقت ما زال يراودني هذا الشعور كلما صليت بجماعة؛ فأصبحت أتحاشى الصلاة بأحد، ولا أدخل مسجد الحي إلا بعد إقامة الصلاة، وأنا لدي الرغبة بأن أعود كما كنت.

أرجو منكم تقديم المشورة والنصيحة لي كي أعود لوضعي السابق.

وشكراً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، أشكر لك التواصل مع إسلام ويب، وأبارك لكم تدشين مسجد الحي الذي نسأل الله تعالى أن يجعله عامرًا بذكره.

أخِي الكريم: الموقف الذي حدث لك - أو التفاعل الوجداني – هذا نسميه نوبة الهرع أو الفزع أو الرهبة، وهي أيضًا تحمل سمات الخوف الاجتماعي، وهذه الحالات تحدث – أيها الفاضل الكريم – لكن قطعًا الفُجائية التي حدثت بها هي التي أزعجتك، والموقف بالفعل ليس موقف سهل، لكن يُعرف تمامًا أنه لن يحدث للإنسان أي شيءٍ.

كثير من الناس حين تأتيهم هذه النوبات الهرعية يأتيه الشعور بأنه سوف يسقط أرضًا، أنه سيتلعثم، أنه لن يستطيع أن يسيطر على الموقف (وهكذا) هذا لن يحدث أبدًا -إن شاءَ الله تعالى-.

ومن وجهة نظري أن هذه الحالة التي حدثت لك؛ لأنك كنت تعيش حالة انفعالية زائدة، قطعًا كنت فرحًا ومسرورًا بتدشين المسجد، وحين قدَّمك الناس بالصلاة بهم هنا ازدادت عندك المسؤولية الداخلية، وهذا أدى إلى نوبة الهرع هذه.

أخِي الكريم: هذه النوبة ليست ضعفًا في شخصيتك، أو خللاً في إيمانك، هو تفاعل وجداني إنساني، لكن أهم شيء في العلاج هو ألا تتجنب، الآن أنت انتهجت منهج التجنب وهو أنك لا تدخل المسجد إلا بعد إقامة الصلاة، وأصبحت في الصفوف الخلفية، لا، أخِي الكريم: اذهب إلى الصفوف الأمامية، وكن خلف الإمام، وإن قدَّمك الناس للصلاة فصل، لن يحدث لك أي شيء أيها الأخ الكريم.

وحتى نضمن أنه لن يحدث لك شيء أريد أن تتناول عقار يُسمى (إندرال Inderal)، ويعرف علميًا باسم (بروبرانلول Propranlol) هو دواء جيد جدًّا، يتحكَّم في الإفرازات الفسيولوجية المصاحبة للرهاب والخوف والفزع.

الإندرال لا يُسمح باستعماله بالنسبة للذين يعانون من الربو، فإن كان عندك ربو فلا تستعمله أبدًا، وجرعته هي عشرة مليجرام صباحًا ومساءً لمدة أسبوعين، ثم عشرة مليجرام صباحًا لمدة أسبوع واحد، ثم توقف عن تناول الدواء.

أخِي الكريم: أنت أيضًا محتاج لما نسميه بالتغيير المعرفي، قطعًا حين يُقدِّمك الناس، فهذا يعني أنك أهل لهذا المقام العظيم، وأنك مصدر ثقة الناس، فلا تتهيب الموقف أبدًا.

والأمر الآخر: أريدك أن تتدرب على تمارين التنفس الاسترخائية، وأنت جالس على كرسي مريح في منزلك (مثلاً) أغمض عينيك، افتح فمك قليلاً، تأمَّل وتفكّر في حدث سعيد، ثم خذ نفسًا عميقًا وبطيئًا عن طريق الأنف، املأ صدرك بالهواء، بعد ذلك أمسك الهواء في صدرك لمدة ثلاث إلى أربع ثوانٍ، ثم أخرج الهواء بكل قوة وبطء عن طريق الفم، وهذه العملية الأخيرة يجب أن تستغرق على الأقل ثمان ثوانٍ.

كرر هذا التمرين بمعدل ثلاث إلى أربع مرات، وسوف يفيدك كثيرًا.

أخي الكريم: لا تتهيب الموقف أبدًا، وكنوع من العلاج المعرفي أيضًا أريدك أن تتصوّر أنك تؤمَّ الناس في مساجد كبرى جدًّا، وتصور إمام الحرم المكي الشريف وهو يؤمَّ آلاف الناس، يُشاهده ملايين الناس حول العالم، تذكّر هذه المواقف العظيمة، وهذا قطعًا سيكون سببًا في الدافعية الإيجابية لديك للإقدام على أن تكون في الصفوف الأولى في المسجد.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً