الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بالإحباط والفشل ولا أعرف كيف أتعامل مع الآخرين، أفيدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة عمري 34 سنة، متوسطة الجسم، وعلى قدر من الجمال، أعاني من الاكتئاب الشديد وعدم الرغبة في فعل أي شيء منذ سنوات، وأشعر بالإحباط وعدم التقدير في العمل، بالرغم من أنني خريجة كلية مرموقة، وذكية وأعمل بجد وإخلاص، وأحترم الآخرين، ولكنني لا أستطيع التعامل بخبث مع من حولي، فأنا طيبة، ولدي طموح ورغبة في التميز، لأنني أستحق ذلك، ولكن كانت أكبر مشكلاتي هي: أنني شديدة الحساسية، وأتوقع الخير من جميع البشر، ودائما أحزن عندما أصطدم بالعكس منهم، وكذلك عدم قدرتي على التعامل مع الأشخاص الذين يتعاملون بخبث وغيرة، ويتميزون بقلة الذوق والأخلاق.

أصبحت أعاني من الضغوط النفسية لزيادة المسئوليات في حياتي الشخصية، وأدى بي الإحباط للعصبية الشديدة، والانفعال والصراخ وعدم القدرة والسيطرة على الأمور عند الغضب، وعدم الإحساس بالأمان، والوحدة الشديدة، وفقدت الأصدقاء من حولي، فزاد قلقي وخوفي من المستقبل، ولم أجد الشخص المناسب للزواج، وافتقدت الحب والاهتمام في حياتي.

كتب لي طبيب المخ والأعصاب دواء لسترال، وبعد رابع يوم أحسست بالهدوء، وأصبحت حالتي أفضل، ولكنني شعرت بكتمة في صدري، ولم أستمر في أخذ الدواء، فتركت عملي، ولا أشعر بأي رغبة في الخروج من المنزل، وأشعر دائما بالكسل والتعب، والألم في كل جسدي، وعدم القدرة على بذل أي مجهود بدون سبب عضوي، وعدم الإقبال على الحياة، والشعور بالفشل.

فما هو الدواء الذي قد يساعدني على التفاؤل والنشاط، وحب الحياة وهدوء الأعصاب؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بنت من مصر حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

أنا اطلعتُ على رسالتك بكل تفاصيلها، وأستطيع أن أقول لك: أنه فيك خير كثير -إن شاء الله تعالى- وأنت لست بمكتئبة، لكن مشكلتك الأساسية هي افتقادك للمشاعر الإيجابية، وذلك نسبة لحساسيتك وتوقعاتك في بعض الأحيان، خاصة توقعاتك حيال مَن هم حولك، وأود أن أذكرك بأهمية أن تطوري ما لديك، بما نسميه بالذكاء العاطفي أو الذكاء الوجداني، اقرئي عنه، الذكاء الوجداني يتطلب منا أيتها الفاضلة الكريمة، أن نتواءم مع أنفسنا، ونسعى دائمًا للتواؤم مع الآخرين.

وأنا أريد أن أنصحك نصيحة هامة جدًّا، وهي: أن تقبلي الناس كما هم لا كما تُريدين، هذا ليس تنازلاً عن المبادئ، وليس تنازلاً عن القيم، ولا يعني أبدًا أنك لا تودين إصلاح الآخرين، لكن ترسيخ هذا المفهوم، مفهوم أن تقبلي الآخرين كما هم، في حد ذاته يُساعدك أنت نفسيًا، وورد في الحديث الشريف: (من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)، وأعتقد أن التغيير، أو السعي في تغيير الأمور بالقلب ينطبق مع هذا المفهوم، مفهوم أن تقبل الناس كما هم لا كما تُريد، هذا يُريحك كثيرًا -أيتها الفاضلة الكريمة-.

وفي ذات الوقت أنا لا أدعوك لأن تُعززي الفكر التشاؤمي لديك، لكن أريدك أن تتركي شيئًا من الحرية لمشاعرك لتوجّهك توجيهًا صحيحًا، وذلك من خلال تعلُّم أمرٍ مهم جدًّا، وهو توقع بعض السلبيات من قِبل الآخرين، اجعلي توقعاتك في حدود الانضباط الذي لا يجعلك تكوني متفائلة كثيرًا يحال ما يصدر من الناس، هذا ليس سوء ظنٍّ بالناس، لكنه نوع من الضوابط التي سوف تُعزز عندك السلوك الإيجابي وتجعلك تقبلين الناس تلقائياً بتصرفاتهم.

أيتها الفاضلة الكريمة: أنصحك بأن تنخرطي في نوعٍ من العمل الخيري أو الاجتماعي، هذا يُرضي طموحاتك كثيرًا في كيفية تحمُّل الآخرين، وما يصدر منهم من أذىً في بعض الأحيان، أنت فعلاً في حاجة لهذا الأمر، ولا تنسي أبدًا أنك في عمرٍ فيه الكثير من الطاقات الإيجابية، أنت في عمر الشباب، ويمكن حقيقة أن تضعي لنفسك خُطة حياتية تعيشين من خلالها حياة هانئة جدًّا: يجب أن تكون لك آمال، يجب أن تكون لك مشروعات، مشروع عمرٍ، يجب أن تكون لك أهداف قريبة المدى، وأهداف بعيدة المدى، وأهداف متوسطة المدى، وتضعي الآليات التي توصلك لذلك، واسألي الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح، وكوني إنسانة مشاركة بصفة إيجابية جدًّا في شؤون أسرتك، جميع شؤون أسرتك، كل ما يُساعد أسرتك على الاستقرار والتطور دائمًا اسعي إليه.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أنا أرى أن عقار (بروزاك PROZAC) أفضل لك كثيرًا، البروزاك دواء جيد، ودواء راق، ويُساعد في مثل أعراضك كثيرًا، الجرعة هي كبسولة واحدة في اليوم (عشرون مليجرامًا)، تناوليه لمدة أربعة أشهر، ثم اجعلي الجرعة كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهرين، ثم توقفي عن تناول الدواء.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً