الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أنا فتاة كنت أحادث الشباب وتبت إلى الله وندمت، ما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم

أنا طالبة في الـ 20 من عمري, كنت أحادث شباباً ولكني والحمد لله تبت إليه، وعاهدت نفسي أمام ربي أن لا أعود إلى هذا أبداً, وندمت ندما شديداً على ما فعلت في الماضي.

هناك شاب كان قد تعلق بي، وعند انقطاعي عن محادثته مرض ودخل إلى المستشفى، وأرسل لي "حسبي الله ونعم الوكيل".

ربي أعلم بنيتي, لم أكن أنوي أن أؤذيه ولا أريد أن يحدث هذا له, فقط لا أريد أن أفعل شيئا لا يرضي ربي أبدا.

سؤالي هو: هل هذه دعوة مظلوم؟ مع العلم أني لم أنوِ هذا أبدا, فقط تبت إلى الله ولا أريد أن أعود إلى هذا أبدا.

آسفة إن كنت قد أطلت الحديث لكني في حيرة من أمري ولا أدري ماذا أفعل؟ أرجوكم أريد نصيحة منكم لأعلم ماذا يجب علي أن أفعل فلا أريد لحياتي أن تقف على دعوة من شخص لم أنوِ أن أؤذيه؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Nan حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

يسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يتقبَّل توبتك، وأن يُجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يجعلك من الصالحات القانتات.

وبخصوص ما ورد برسالتك: فإني أحمد الله أن يسَّر لك هذه التوبة وأعانك على التخلص من هذه المعاصي والآثام التي أزعجتك وأفسدت العلاقة بينك وبين ربك ومولاك، فالحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه على هذه الخطوة الرائعة التي أكرمك الله تبارك وتعالى بها، وأتمنى أن تحافظي عليها دائمًا وأبدًا، وألا تتراجعي أبدًا مهما كانت الضغوط ومهما كانت الإغراءات، لأنك الآن قد أعتقت نفسك من عبودية الشيطان، لأن الشيطان هو الذي يُزيِّن المعاصي والفساد والفجور وغير ذلك من الأمور التي لا تُرضي الله تعالى، وأنت الآن – بفضل الله تعالى – قد انتصرت على الشيطان انتصارًا رائعًا، وأصبحتِ قريبة من ربِّك ومولاك، وقُربك من ربك تعالى سيجعل حياتك في قمة البهجة والسعادة إذا حافظت على الطاعة والعبادة والبعد عن المعاصي.

فيما يتعلق بهذا الشاب الذي دخل المستشفى بسبب مقاطعتك له وأنه قال: (حسبي الله ونعم الوكيل): هذا أمرٌ لا تُلقي له بالاً؛ لأنك تُبتِ إلى الله تبارك وتعالى، والله ما كلَّفك أن تبحثي في الآخرين، وأن تُقيمي علاقة مُحرَّمة حتى تُرضي هذا الشاب، وأن تُلقي بنفسك في التهلكة، الله تبارك وتعالى يقول: {كل نفسٍ بما كسبتْ رهينة} ويقول: {كل امرئٍ بما كسبَ رهين} ويقول: {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى * وأن سعيه سوف يُرى * ثم يُجزاه الجزاء الأوفى}.

إلى غير ذلك من النصوص التي تُبيِّن أن كل فردٍ منا مسؤول عن نفسه، وأنك عندما تبت إلى الله تبارك وتعالى أنت قمت بإنقاذ نفسك من النار، وهذا واجب عليك، ولذلك أمرنا الله تبارك وتعالى بالتوبة، وقال: {يا أيهَا الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحًا} وقال أيضًا: {وتوبوا إلى الله جميعًا أيهَا المؤمنون لعلكم تفلحون} فأنت نفذت شرع الله تعالى.

وكلام هذا (الشاب) لم ولن يؤثر فيك لا من قريب ولا من بعيد؛ لأنك ما ظلمته في شيء، بل أنت أنقذته من النار أيضًا؛ لأن تواصلك معه كان يؤدي إلى وقوعكما معًا في المعصية، فأنت عندما توقفت الآن معنى ذلك أنك أغلقت عليه بابًا من أبواب الشيطان وبابًا من باب الشر، فالأصل أن يحمدك على هذا الصنيع، ولكن لا تُلقي بالاً لهذا، ولا تلتفتي له، لأنك ما ظلمته في شيءٍ، كل الذي فعلته أنك فعلت الصح والصواب الذي كان ينبغي عليك أن تفعليه منذ البداية.

كونك قد وقعت في هذا، أو كان هناك نوع من التقصير ثم مَنَّ الله تعالى عليك فانتشلك من هذه الأوحال، هذه رحمة من الله تبارك وتعالى، والعبرة – يا بُنيتي – ليست بالتوبة الآن وفقط، وإنما باستمرارك على هذه التوبة، فعليك بمواصلة ما أنت عليه من الطاعة والعبادة والبُعد عن المعاصي، ولا تُلقي بالاً لهذا، ولا تحاولي أن تخضعي لكلامه، حتى وإن قال ما قال وإن فعل ما فعل، لا تتأثري بهذه الأمور التي قد يُثيرها، وأنه مسكين، وأنه كذا وكذا وكذا، لأن هذا كله سيكون على حساب دينك، وهذه الرومانسية التي هو فيها رومانسية كذَّابة، رومانسية في الحرام، إنما دعاه إليها الشيطان ليضلَّه ويحاول أن يضلَّك ويجرك إلى ما لا يُرضي الله، وهي من أهم وأخطر خطوات الشيطان التي يهلك بها بنو آدم.

أنت مطالبة بأن تحافظي على دينك، لأن الأمر بيد الله تبارك وتعالى، وأنك إذا كنت قريبة من الله يسَّر الله أمرك ومنَّ عليك بزوجٍ صالحٍ طيبٍ مباركٍ، وقضى حاجتك، وعشتِ سعيدة في الدنيا، وعشتِ مرضيَّةً في الآخرة، أسأل الله لك ذلك.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً