الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أنا في صراع دائم مع ذاتي، فما تشخيص حالتي، وهل سأشفى مما أنا فيه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالبة جامعية في العشرين من عمري، أعيش مع عائلتي بهناء -والحمد لله-، ولكني أعاني من مشاكل نفسية عديدة أساسها الوسواس، والذي بدأ قبل 5 سنوات في كل شيء: الوضوء، الصلاة، العقيدة، فقد كنت أقول كلاما كفرا، وأسب الدين، وعندما أدعو الله في شيء ولا يستجاب؛ أقول بأنني سأكفر به، وغير ذلك في أمور أخرى، فمثلا لا أحب الباب المفتوح، أو الضوء المنار، أو الصوت العالي، وأصوات الطبول والتصفيق أيضا، وقد تعافيت قليلا من بعض الأمور، ولكني لا أزال أعاني من الاكتئاب بشكل مروع، فأنا لا آكل، ولا أتحدث مع الناس، ولا أخرج من المنزل إلا للدراسة، ولا أحتمل وجود أناس حولي يضحكون، وأنام كل الوقت لأنسى.

وقد زادت حالتي سوءا بسبب تراجع مستواي الدراسي، وعجزي عن تنفيذ كل ما خططت له، ولم أعد أصلح لفعل شيء سوى الصراخ والشجار مع أهلي.

كما أعاني من كثرة أحلام اليقظة، والحديث مع نفسي، ومحاسبتها على كل شيء، حتى على قطعة ورق صغيرة جدا ألقيتها في الأرض وليس في السلة، وتأتيني أفكار أخرى بأن هناك شابا رائع بموصفات محددة سيأتي لخطبتي، ولن آخذ غيره، وقد زاد الأمر عن حده، إذ أنني لم أقبل أي شاب خطبني بسببه، وأنه هنا من أجلي، ومتأكدة أنه سيأتي، حتى أنني أعطيته اسما، وتخيلت حياتي معه، ومن الصعب أن أصدق بأنه غير موجود، أو أنه مجرد خيال، وخاصة أنني أنتظره، لأنني أعتقد بأن سعادتي معه فقط، وأن المكان الذي أنتمي إليه هو عنده، وهذا ما جعلني أضيع أكثر.

عندما بدأت أعالج الوسواس بنفسي؛ بدأت تأتيني أفكار أخرى جنسية مزعجة، وإذا لم أعالجها في يومي ذاك؛ فإنه ينتهي يومي بشجار مع عائلتي بدون سبب، أو فكرة أن المهدي المنتظر سيكون ابني، وأن ذاك الشاب هو أبوه، وأنني لن أتزوج لأن الله يعدني بالمهدي، وكأن الشيطان قد أعلن الحرب علي، وقد رقيت نفسي مرارا ولكن دون جدوى، وقد أخبرت عائلتي ولكنهم لم يوفروا المساعدة المطلوبة، وحالتي تزداد سوءاً يوما بعد يوم، فلم أعد أشعر لا بالوقت ولا بالمكان، وأنسى كثيرا وأتخيل، ولا أفرق بين أشياء فعلتها في الواقع أم في الحلم، ولم تعد لدي مشاعر تجاه أحد، ولا أتأثر لموت أحد ما أو مرضه، حتى أقرب الناس لي، ولم أعد أبالي، وأضرب نفسي بشدة حتى أنسى الأحداث، وأضرب من حولي بأي شيء حتى لو كان خطيرا لأهدأ.

أيضا أنا أملك غيرة شديدة على ديني، ومستعدة للجهاد في أي وقت من أجله، أؤدي الصلاة في وقتاها مهما حدث، وأحاول جاهدة لأخشع فيها، فإيماني بالله عظيم، وأحبه حبا عظيما، ولا أشكو لأحد إلا له، وأحاول قدر الإمكان الالتزام بقوله وذكره في كل وقت، وأستغفره، وأخشى أن يبعدني عنه، ولا أشعر بيوم مضى بدون أذكار الصباح والمساء، وأدعية اليوم كدعاء الركوب، ورؤية المرآة، والأذان، وغيرها.

فأرجو منكم إعانتي ومساعدتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منال حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك على الثقة في إسلام ويب، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مكونات أفكارك لها ثلاث اتجاهات أو مناحي، هنالك بالفعل أفكار وسواسية، هنالك أفكار هي نوع من حديث النفس الذي يشوبه بعض أحلام اليقظة، وهنالك مكون ثالث ربما يكون مهمًّا، وهو ما يأتيك من خيال حول الشاب الذي سوف يتزوجك، وكذلك موضوع أن المهدي المنتظر سيكون ابنك، فهذه أفكار ليست في النطاق الوسواسي، وليست في نطاق أحلام اليقظة، وأنا لا أريد أن أتعجَّل وأصفها أنها ربما تكون أفكارًا هوسية، ولكن يجب أيضًا أن أعطيها حجمها الحقيقي، ولذا أطلب منك أن تذهبي وتقابلي الطبيب النفسي، هذا أفضل -أيتها الفاضلة الكريمة-.

حالتك ليست صعبة، ولكنها تحتاج للخبرة المباشرة، أي أن تكون هنالك مناظرة من قبل الطبيب النفسي، وإن شاء الله تعالى سيقوم الطبيب بإعطائك العلاج الصحيح والسليم.

هذا هو الذي أنصحك به، والنقطة الأخرى التي أؤكدها لك أن الوساوس تُعالج من خلال التحقير، وعدم مناقشتها، وعدم حوارها، وتجاهلها التام.

أنت بصفة عامة تستطيعين حقيقة أن تبني لنفسك مستقبلا رائعا واستقرارا نفسيا كبيرا، وذلك من خلال تحديد أهدافك في الحياة، فلا بد أن تكون لك أهداف، ولا بد أن تكون لك آمال، ولا بد أن تكون لك طموحات، وأن تضعي الآليات التي توصلك إلى ما تبتغينه، وهذا -إن شاء الله تعالى- سيصرف عنك الكثير من الفكر الخيالي والفكر الوسواسي.

إذًا أرجو أن تذهبي وتقابلي الطبيب النفسي، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً