الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تهاجمني أفكار عنيفة ولا يمكنني التحكم فيها ضد ديني وشخصيتي ومجتمعي.

السؤال

السلام عليكمز

بدأ الأمر قبل سبع سنوات تقريبا عندما أتتني أول فكرة استغربت حتى كيف ومن أين أتت؟ ولكني استبعدتها ولم ألتفت لها، بعد ذلك بسنتين أتتني ذات الفكرة لكن بشكل أقوى، لم أواجهها ولكن أشغلت نفسي عنها بالدراسة أو بأشياء أخرى، لكن كل مرة تعود بشكل أقوى مما كانت عليه.

الآن أنا متخرجة ومتفرغة تماما فهاجمتني تلك الأفكار هجوما عنيفا، ولا أريد أن أشغل نفسي عنها، بل أريد أن أواجهها وأتخلص منها نهائيا، هذه الأفكار تختلف في كونها أفكارا تهاجم ديني أو تهاجم شخصيتي أو مجتمعي، فهي متضادة تماما مع معتقداتي وأفكاري؛ لذلك ينشأ صراع بداخلي بين أفكاري وهذه الأفكار الدخيلة، حاولت كثيرا في هذه الفترة أن أواجهها ولكن تأثير ذلك سرعان ما يزول، وأرجع لعيش تلك الصراعات النفسية، لقد تحول كل ذلك إلى هوس تقريبا؛ حيث أني لا أستطيع أن أفكر في شيء آخر مطلقا، بل أصبحت تلك الأفكار هي شغلي الشاغل طوال اليوم، حتى أني أصاب بالصداع والإرهاق وأرغب في النوم كل وقت.

سوف أطرح مثالا بسيطا جدا على تلك الأفكار، عندما أجهز رضعة لابنتي قد أضع ماءً حارا في الرضاعة المصنوعة من البلاستيك من غير قصد، فيفسر عقلي ذلك سريعا بأني فعلت ذلك لأني أريد إضرارها، وأني أم سيئة جدا ولا أصلح للأمومة، فأحاول أن أحارب ذلك وأقول لنفسي: إني لست كذلك، ويبدأ الصراع، وقد أتذكر كل الأشياء السيئة التي فعلتها، وقد أقتنع بأني فعلا شخص سيء، وهكذا في كل شيء أفعله في يومي، لدرجة أني أصبحت لا أحس بطعم الحياة ولا أشعر بالسعادة ولا بالحزن، وصرت انطوائية لا أحب الاختلاط ولا الخروج، وأتمنى الموت كثيرا حتى أرتاح من كل ذلك.

اسمحوا لي على الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ زينب حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكرك على الثقة في استشارات إسلام ويب.
رسالتك واضحة جدًّا وجليَّة، ومن خلال عرضك الجميل لنوعية الأفكار التي تُهاجمك وطبيعتها ومحتوياتها، أقول لك أنني على درجة عالية جدًّا من اليقين أن الذي تعانين منه هو وساوس قهرية، وساوس قهرية تقتحم وجدانك وهي بالطبع مُلحة ومستحوذة وسخيفة، هكذا دائمًا تكون الوساوس الفكرية.

أيتها الفاضلة الكريمة: الوسواس القهري مرض معروف جدًّا، ونُعالجه من خلال: أولاً: أن تُكثري من الاستغفار، أن تستعيذي بالله من الشيطان الرجيم حتى يخنس، وفي ذات الوقت لا تُناقشي هذه الأفكار، حقّريها، استبدليها بفكرٍ مخالفٍ تمامًا لها.

وأيًّا كان سبب الوساوس، أيًّا كان منشؤها اتضح أنه الآن – وبما لا يدع مجالاً للشك – تُوجد تغيرات في كيمياء الدماغ، هذا الأمر قد أُثْبتَ ولا جدال حوله ولا شك فيه، لذا وُجد أن الأدوية تُساعد كثيرًا في علاج الوساوس القهرية، لا أقول أنها العلاج الوحيد أو العلاج الرئيسي، لكنها علاج مهم وضروري، وهي على الأقل سوف تُسهل عليك كثيرًا عملية تحقير هذه الوساوس وعدم الاهتمام بها.

فأنا أفضل أن تذهبي إلى طبيب نفسي حتى تزداد قناعتك بأن تشخيصك صحيح، لأني أعرف أن الإخوة والأخوات الذين يعانون من الوساوس كثيرًا ما يتشككون، وحتى الوسواس يقنعهم أنه ليس بمرض وأنه ليس بوسواس، فالدواء مهم جدًّا في حالتك، وعقار مثل (بروزاك Prozac) والذي يسمى علميًا باسم (فلوكستين Fluoxetine)، أو عقار (زيروكسات Seroxat) والذي يسمى علميًا باسم (باروكستين Paroxetine) سوف يُريحك كثيرًا، ويُمهد لك القضاء التام على هذه الوساوس.

اصرفي انتباهك من خلال حُسْنِ إدارة وقتك، حياتك فيها أشياء طيبة وجميلة، يجب أن تتفكري فيها وأن تتأملي فيها، وهذه الأفكار السخيفة يُقضى عليها من خلال الآليات التي تحدثتُ عنها.

الوساوس تؤدي إلى كثير من الإحباط وإلى عُسْرٍ في المزاج؛ لذا أدى هذا إلى نوع من الانطوائية والانعزال في حالتك، ويا أيتها الفاضلة الكريمة ليس هنالك ما يدعوك إلى تمني الموت، هنا أنا لا أتفق معك أبدًا، أسأل الله لك حياة طيبة وهانئة، وأؤكد لك أن حالتك يُمكن أن تُعالج، وتُعالج بصورة فاعلة جدًّا.

أرجو أن تأخذي كل ما ذكرته لك بكل ثقة، وطبقيه، واسألي الله تعالى أن ينفعك به.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً