الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما سبب شعوري باقتراب أجلي؟

السؤال

السلام عليكم

أعاني منذ ما يزيد عن 4 أشهر من حالة غريبة تكاد تصيبني بالجنون.

ابتدأ الأمر منذ شهر يناير؛ بخفقان شديد في القلب تواصل معي لمدة 14 ساعة، فذهبت إلى الطبيب وقمت بعمل تحاليل لجلطة قلبية، وكانت النتائج إيجابية والحمد لله.

وبعد يومين أحسست بحرقة كبيرة في الصدر ورجفة وكأني سأفقد أنفاسي، وبرودة في الأطراف وكامل البدن، ذهبت مسرعاً إلى الطبيب فكشف علي ووصف حالتي بأنها نزلة برد، ووصف لي دواءً، لكن لم يتغير شيء.

بدأ يساورني شعور بأن أجلي قد اقترب وأنها النهاية، وزادت حالتي سوءًا، بدأت أحس بآلام في المعدة والرأس، وضيق في الصدر وتعرق، ودغدغة في الحلق، وتفاقمت مشكلتي، وبدأت باعتزال العالم وفقدان لذة الحياة، وزاد يقيني بأنها النهاية، وأصبحت حالتي تزداد سوءًا، وأشعر بحرقة في كامل صدري، وحمى ورعشة وتجشؤ، وكل يوم تزداد حالتي سوءًا.

ذهبت إلى طبيب باطني وقمت بتحاليل شاملة وكانت إيجابية، ثم قمت بكشف بالمنظار على البطن وكانت النتيجة أني أعاني من بداية التهاب في المعدة، ووصف لي أدوية لكن لم يتغير شيء.

وتداخلت علي أمور نفسية وعضوية، وبدأ الإرهاق والأرق يظهر علي، وبدأت أعاني من قلة نوم وصداع، وإحساس بعدم اتزان وشرود وعدم تركيز، مع ظهور أوجاع في جانبي، والشعور بتنميل في اليد والساق، وتزداد كل يوم سوءًا، حاولت الخروج للتمتع ولكن كل شيء يذكرني أن نهايتي قد اقتربت، ووصل بي الأمر حتى عندما أضحك ينتابني شعور أنها الأخيرة.

أصبحت أحس أني مراقب، وتأتيني هذه الحالة في أي وقت، وتزداد سوءًا في الليل إلى حد كتابة هذه الأسطر، مع العلم أن عمري 26 عاماً، وأدخن.

أريد أن أعرف مما أشكو؟ وما سبب ما ينتابني؟

وجزكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ marwen حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

رسالتك واضحة جدًّا، وأعراضك جليَّة، وأنا أقول لك: إن ما حدث لك يُسمى بنوبة الهرع أو الفزع، وهي بالفعل تجربة شديدة ومُفزعة ومُخيفة لصاحبها، أنت وصفتها بصورة واضحة جدًّا، هنالك الجانب النفسي، وهنالك الأعراض العضوية – أي الأعراض الجسمانية – دون أن يكون هنالك مرض جسدي حقيقي.

وأنت ذكرت بأنك قد أجريت الفحوصات وكانت إيجابية، وأعتقد أنك تقصد بإيجابية أن الفحوصات كانت كلها سليمة، وهذا هو المتوقع، فالحالة نفسية في المقام الأول.

الذي أراه – أيها الفاضل الكريم – حتى لا تدخل في دوّامة التردد بين الأطباء، هو: أن تذهب إلى طبيبٍ واحد، طبيب الأمراض الباطنية مثلاً، أو طبيب الأسرة في المركز الصحي، تُراجع طبيبك مرة واحدة كل ثلاثة إلى أربعة أشهر؛ وذلك لأجل إجراء الفحوصات العامة. هذا من ناحية.

الناحية الأخرى: أنت سوف تستفيد كثيرًا جدًّا من ممارسة الرياضة، الرياضة وُجد أنها مفيدة للأجساد وللنفوس ولعلاج مثل حالتك هذه، والتي تسمى بالنفسوجسدية.

ثالثًا: عليك بحسن توزيع الوقت، وألا تُعرِّض نفسك لفراغ زمني أو ذهني، فكلاهما ضار، وكلاهما يجعل الإنسان يُوسوس وينشغل بصحته.

رابعًا: اجعل لحياتك معنى، ما هي أهدافك في الحياة؟ ما الذي تريد أن تصل إليه؟ قطعًا لديك آمال عظيمة، فاتخذ الآليات الصحيحة لتوصلك لهذا الذي تريد أن تصل إليه.

خامسًا: بر الوالدين والتواصل الاجتماعي والالتزام بالصلاة في وقتها وكل ما يجعلك قريبًا من الله تعالى فيه خير كثير لك، ويبعث الطمأنينة في نفسك.

أيها الفاضل الكريم: قطعًا سوف تستفيد كثيرًا من أحد الأدوية المضادة للمخاوف، ومن أفضلها عقار يعرف تجاريًا باسم (زيروكسات Seroxat) ويسمى علميًا باسم (باروكستين Paroxetine) سوف يفيدك كثيرًا.

إن استطعت أن تذهب إلى طبيبٍ نفسي لزيارة واحدة أو زيارتين ليصف لك هذا الدواء أو أي دواء آخر مُشابه له، فهذا هو الأفضل، وإن لم تستطع فيمكن للطبيب العمومي أن يصف لك هذا الدواء، ويقوم بمتابعة حالتك.

أكرر مرة أخرى: حالتك بسيطة، بالرغم من أنها مزعجة، لكنك لا تعاني من أي مرض عضوي، أؤكد لك هذا.

التدخين أنت تعرف مضاره، فأرجو أن تتوقف عنه تدريجيًا، وفي خلال أسبوع إلى أسبوعين يمكنك أن تتوقف عن التدخين تمامًا، وقطعًا ممارسة الرياضة بصورة منتظمة سوف تكون أفضل تعويض للأحاسيس التي تنشأ من النيكوتين، فاحرص على ممارسة الرياضة، وأعتقد أن هذا سوف يفيدك كثيرًا.

شعورك بأنك مراقب: أعتقد أن هذا نوع من القلق وليس أكثر من ذلك، ولا أعتقد أبدًا أنك تعاني من حالة ذهانية.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً