الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل من خطوات عملية للتخلص من الكبر نهائياً؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا صاحب الاستشارة (2264970)، وأشكر مرة أخرى الدكتور أحمد المحمدي.

من الواضح أن عندي غرور الطاعة، وكبر وعجب، وأعلم أن الله لا يحب المتكبرين، ولكني والحمد لله أقاوم شعوري بالعجب والكبر، ولكن ما العمل؟

أعلم خطورة الكبر ومساوئه وحقارته وأبغضه، وأعلم أن الطاعة هي بتوفيق من الله، وكل شيء بتوفيق من الله، لكن أشعر بأنني أحياناً أصبح مغرورا.

موضوع سوء الظن بالناس، أصبحت أشعر بأنني أبحث في الناس عن العيوب حتى لو لم أر عيباً.

أيضاً أشعر بشيء من النفاق لأني أظهر التواضع للناس، ولا أتكبر على الناس ظاهريا، لكن في القلب أشعر بالغرور، وأحاول أن أبتعد عنه.

أريد فقط معرفة حلول عملية للتخلص منه من القلب، مع العلم أني أدعو الله -سبحانه وتعالى- وهل هذا الأمر يتغير بسرعة أم يحتاج لفترات طويلة لكي أتخلص منه؟

جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ AMR حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك في موقعك "إسلام ويب"، وإنَّا سعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله أن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدِّر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبخصوصِ ما تفضلت بالسُّؤال عنه فإنَّنا نحبُّ أن نجيبك من خلال ما يلي:

أولاً: كما لا ينبغي التهوين من إساءة الظن بالغير، كذلك لا يصح التهويل حتى تصف نفسك أخي الحبيب بالكبر أو النفاق، نحن لا نوافق على هذا الوصف لك، فإن الكبر بطر الحق وغمط الناس، ولست منهما أخي الحبيب الفاضل.

ثانياً: مشكلتك تتمثل في أمر واحد وهو: رؤية طاعتك في سوء الظن بالغير، وهذه هي المشكلة، فلا تهول الأمر ولا تسمح للشيطان أن يعظم عليك المصاب.

ثالثاً: مشاكل القلوب أخي الحبيب تحتاج إلى وقت لكن من رحمة الله أنك بمجرد البدء يعاملك الله بلطفه ويغفر لك ما كان منك فلا تجزع.

رابعًا: العلاج يتم على وجهين:
الأول: النظر إلى طاعتك بعين النقص، وقد كان هذا دأب سلف هذه الأمة، كانوا يعملون ويجمعون مع الإحسان في العمل الشفقة والخوف من أن لا يتقبل الله منهم، يقول الحسن رضي الله عنه: "إن المؤمن جمع إحساناً وشفقة، وإن المنافق جمع إساءة وأمناً، ثم تلى قول الله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ }، وقال المنافق: {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي}.

وحكى ابن جرير قول سعيد بن جبير في تفسير قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} قال: " يفعلون ما يفعلون وهم يعلمون أنهم صائرون إلى الموت وهي من المبشرات.

وقد كان أبو الدرداء يقول: لأن أستيقن أن الله تقبل مني صلاةً واحدةً أحب إليّ من الدنيا وما فيها، إن الله يقول: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِين}، وقال علي رضي الله عنه: لا يَقِلّ عمل مع تقوى، وكيف يَقِلّ ما يُتقبل.

وقد ورد أن سائلا دخل على ابن عمر رضي الله عنه فقال لابنه: اعطه ديناراً فأعطاه، فلما انصرف قال ابنه: تقبل الله منك يا أبتاه، فقال: لو علمت أن الله تقبل مني سجدةً واحدةً أو صدقة درهم لم يكن غائب أحب إلي من الموت، تدري ممن يتقبل الله {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِين}. كل هذا مع إحسانهم في العمل وحسن ظنهم في ربهم، لكنه اتهام للنفس.

الثاني: النظر إلى الناس بعين الإحسان، وأنهم ربما فعلوا في خلواتهم من المعروف ما رضي الله به عنهم، وعند رؤية أحدهم على المعصية أكثر من الدعاء له.

درب نفسك على هذا أخي الحبيب، واعلم أنك في طاعة بذلك، ولا تتعجل النتائج، هو طريق لكنه إن شاء الله طريق فلاح وخير، وإنا نحسبك إن شاء الله من الصالحين، ونسأل الله أن تكون أفضل مما نظن.

والله المستعان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات