الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مصاب بالهلوسة وأتوهم الأمراض وأخاف من الأطباء ... أفيدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب عمري 26 سنة، متزوج، وطولي 183، ووزني 89 كغ، لا أدخن، ولا أمارس الرياضة.

مشكلتي أني شديد الهلوسة، خاصة عندما أقرأ وأسمع عن أمراض فأشعر أنها موجودة عندي، ولكن أنساها حيث أكون محاطا بالأصدقاء، أو منشغلا بشيء ما، وفي فترة من الفترات أحسست بضربة في قلبي تهز صدري أحيانا، فأعطتني والدتي آنذاك دواء اسمه (sedatif pc) وقالت لي: إن هذا من جراء القلق والهلوسة. وقد حصل نفس الشيء لأفراد أسرتي، وخلال أسبوع تعافيت منها والحمد لله.

حين انتقلت للعيش في أوروبا منذ سنتين أحسست بنفس الإحساس فأتجاهله أحيانا، وأحيانا أظن أني مريض. ومنذ ثلاثة أشهر أحسست بدقات سريعة وقوية، وأشعر كأنني سأموت في تلك اللحظة، ثم تلتها أوجاع في البطن، وأشعر بالراحة عند إخراج الريح، وحصلت معي ثلاث مرات، وأخاف من الذهاب إلى الطبيب للكشف، وهذه مشكلة أخرى أعاني منها أني أخاف الذهاب إلى الأطباء ومن النتائج.

بعد إلحاح من زوجتي ذهبت إلى الطبيب، وسمع دقات قلبي، وقاس الدم، وقال: كل شيء طبيعي. ولكن عندي كثرة المخاوف وما يعبر عنه ب (hyperventilation) ويعود هذا جراء الوحدة التي أعيشها يوميا بدون عائلة وأصدقاء، ووصف لي دواء، ونصحني بالذهاب إلى طبيب نفسي، ولكني لم أعمل بنصائحه، ولم أقتنع بكلامه.

من جهة أخرى شعرت بالراحة قليلا، ولكن ما زالت عندي مخاوف، وظهرت أعراض أخرى آلام طفيفة متنقلة في الصدر وفي اليد اليسرى، وتارة في اليمنى، وكذلك في فم المعدة، وكذلك ضيق، وأصبحت كثير التنهّد، هذه الأعراض أصبحت معيقة لي في حياتي، وأصبحت أكثر خوفا، لا أستطيع ركوب الدراجة الهوائية أو الجري؛ خوفا من السكتة القلبية وغير ذلك من المخاوف، وكلما أقرأ شيئا عن مرض آخر؛ أنسى الأعراض الأخرى، وتأتيني أعراض جديدة حسب ما كنت أقرأ.

أرجو من سيادتكم إفادتي في:

- هل هذا مرض نفسي أو أنه عضوي حسب الأعراض التي ذكرتها؟.

- كيف أواجه خوفي من الذهاب إلى الطبيب ومن النتائج السلبية -لا قدر الله-؟

- هل يعني كثرة التبول بمقدار 5 مرات في اليوم أني مريض بالسكري أم أن له علاقة بالجو البارد؟.

ملاحظة: منذ تلك الفترة وأنا أحاول أن أمشي 3 كم 4 مرات في الأسبوع، وقد نقصت 8 كغ.

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكر لك ثقتك في إسلام ويب.

رسالتك واضحة جدًّا، والذي استطعت أن أستنتجه أن لديك بعض القابلية والاستعداد لقلق المخاوف، وحين هجمت عليك نوبة الهرع والفزع التي حدثت لك وأنت في أوروبا وقبلها أتاك شيء من قلق المخاوف، هذا كله جسَّد وأصَّل لديك ما نسميه بقلق المخاوف الوسواسي، ومخاوفك كلها وجُلَّها هي حول الأمراض.

أيها الفاضل الكريم: هذه الحالة معروفة جدًّا، وهي منتشرة بين الناس، وتتفاوت في شدتها وحدتها.

أنا سوف أُجيب عن أسئلتك أسئلة مباشرة:

أولاً: هل هذا مرض نفسي أم أنه عضوي حسب الأعراض التي ذكرتها؟

هذا ليس مرضًا عضويًا أبدًا، وهو ليس مرضًا نفسيًا بمعنى المرض، لكنها ظاهرة نفسية، والظواهر أقل من المرض، والذي يحدث هو أن القلق والتوترات النفسية تؤدي إلى الأعراض الجسدية التي تحدث لك، لكن ليس منشؤها عضويًا أو مرضيًا، وهذه الحالات تُسمى بالنفسوجسدية، أي أن القلق والتوتر هو الذي أدى إلى هذه الأعراض التي تعاني منها.

وكيف تواجه الخوف وتذهب إلى الطبيب؟

أيها الفاضل الكريم: أنت الآن تعيش في بريطانيا، اذهب مباشرة إلى طبيب الأسرة دون أي تردد، الأطباء -أصلاً- وجودهم لفحص الناس، ومعاينة الناس، وعلاج الناس، ويذهب إليهم الناس من جميع القطاعات، فلا تتردد، وهذا أمر بسيط جدًّا، وأنا متأكد أن مثل حالتك هذه قد تعود عليها الطبيب كثيرًا، إذا كان الطبيب يقوم بفحص ثلاثين مريضًا في اليوم، أنا متأكد أن ثلاث إلى أربع حالات هي نفس نوع حالتك التي تشتكي منها، وما دام مثل هذه الحالات معروفة لدى الأطباء واعتاد عليها الأطباء؛ فيسهل على الطبيب كثيرًا أن يضع خططًا علاجية تُساعدك -بإذن الله تعالى-.

أيها الفاضل الكريم: بالنسبة لحالات التبول المتكرر: التبول يمكن أن يكون من مرض السكر، يمكن أن يكون من الالتهابات، يمكن أن يكون من مشاكل في الكلى، لكن من الواضح أنه في حالتك هذه سببه غالبًا هو القلق؛ لأن القلق يؤدي إلى ما يُعرف بالمثانة العصبية التي تجعل الإنسان يشعر دائمًا بحاجته للذهاب وقضاء حاجته.

فقدان الوزن أمرٌ مهم –أيها الفاضل الكريم– القلق قد يُسبب ذلك، لكن قطعًا مرض السكر أيضًا قد يكون سببًا في ذلك.

لا تنزعج أبدًا لما ذكرته لك، اذهب إلى الطبيب، الطبيب سوف يقوم بإجراء الفحص الكامل لك، ويطلب الفحوصات المختبرية المهمة، وقطعًا معرفة السكر سوف يكون أحد هذه الفحوصات، وإن شاء الله تعالى تكون كل فحوصاتك جيدة وممتازة، ومن ثم سوف يعطيك الطبيب أحد مضادات القلق والمخاوف، وسوف تستفيد منها كثيرًا.

ومن جانبك عليك أن تمارس الرياضة، وعليك أن توزع وقتك بصورة صحيحة، وعليك بالصلاة في وقتها، والدعاء، وأن تستثمر وقتك بصورة صحيحة، ولا تجعل أبدًا للفراغ سبيلاً إليك؛ لأن الفراغ الذهني والزمني والمعرفي والاجتماعي كثيرًا ما يجعل الناس يوسوسون ويخافون حول صحتهم.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأشكر لك التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً