الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي صرع وأشعر أن كل ما يحدث أمامي تمثيل وخيال.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشكر كل القائمين على هذا الصرح العظيم، وأسأل الله جل وعلا أن يجعله في ميزان حسناتكم.

أنا أعاني من الصرع منذ 10 سنين -والحمد لله-، لي منذ 3 سنين وإلى اليوم لم تأتني نوبة صرع كبرى نهائيًا.

أنا أسكن في اليمن، وأعمل في عمل خاص لبيع مستلزمات الجوالات، قبل سنتين ظهرت لي أعراض غريبة جدًا وهي كالتالي:

1- أحيانًا أشم رائحة غريبة غير موجودة، وطعم غريب، وبعدها يأتيني نعاس شديد، وأنام نومًا عميقًا لمدة ساعتين، أو 3 ساعات، وعندما أصحو أحس بصداع شديد يستمر لعدة ساعات ويختفي، لكن إذا جاءت لي هذه الحالة في يوم تتكرر 3 أو 4 مرات في نفس اليوم؛ مما يعكر لدي اليوم كاملا.

2-أصبت بالاكتئاب والقلق الشديد.

3- أحيانًا أحس بأحاسيس غريبة جدًا يصعب حتى أن أصفها لكم، حيث أشعر أن كل ما يحدث أمامي هو مجرد تمثيل، وأنه أشبه بالخيال، أو كأنني أرى فيلمًا.

4- أيضًا أحيانًا أرى الدنيا غريبة، فعندما أخرج الشارع أقول هذه سيارة أمامي تمشي، هذا بيت، وأشياء وأحاسيس غريبة جدًا لدرجة أنني لا أستطيع وصفها.

ذهبت قبل 3 سنين إلى الأردن؛ لأن الطب لدينا في اليمن متدهور جدًا، وقابلت طبيب أعصاب بالنسبة للصرع، ووصف لي ديباكين كرونو 2000 جراما في اليوم، أي حبتين صباحًا وحبتين مساءً.

وقبل سنة سافرت إلى السعودية لأداء مناسك العمرة، وذهبت إلى طبيب أعصاب كي أطمئن على حالتي، وشرحت له ما حصل لي من أعراض في الفترة الأخيرة، فوصف لي كيبرا 1000 جراما في اليوم، مع الديباكين السابق، واقترح أن أزور طبيبًا نفسيًا.

ذهبت إلى طبيب نفسي في المدينة المنورة، وقال: إن لدي اكتئابا وقلقا، ووصف لي سيبرالكس 10 ملج في اليوم.

ولكن الطبيب اقترح علي اقتراحًا أثار استغرابي كثيرًا، قال: إن من الأفضل أن أعمل في السعودية في جدة، خصوصًا وأن لدي أقارب هناك، وقال: لأن حالتك من الضروري متابعتها كل 3 شهور، وهناك فحوصات لازمة، وهي طبعًا لا توجد لدينا في اليمن، واستمع مني كل ما يحصل لدينا في اليمن من مشاكل اقتصادية واجتماعية وأسرية، وقال: إن هذا من أكبر المسببات لما أعانيه أنا من الصرع والاكتئاب والقلق؛ حيث إنني حقًا أعاني من مشاكل أسرية شديدة في البيت، وبلادنا متدهورة جدًا من ناحية العمل وهكذا.

ما رأيكم في الأدوية التي أتناولها، وما رأيكم في اقتراح الدكتور النفسي، هل حقًا من الضروري ذلك أم هو من باب التفضيل؟

وبالنسبة للأحاسيس الغريبة ما سببها؟ علمًا أن نوبة الصرع الكبرى لم تعادوني منذ أكثر منذ 5 سنين، وما هو نوع الصرع الذي أعاني منه؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء، وإن شاء الله تعالى أنت مأجور على هذا الابتلاء، وهو -بإذن الله تعالى- ابتلاءً بسيط جدًّا.

مرض الصرع يمكن أن يُعالج، ويجب أن يُعالج، وأنت -الحمد لله تعالى- تسير في المسار الصحيح من حيث خطتك العلاجية.

دواء (دباكين كرونو) من أفضل الأدوية، والجرعة التي تتناولها هي جرعة ممتازة جدًّا، وإضافة عقار (كِبرا) هي قطعًا إضافة جيدة؛ لأن هذا الدواء أيضًا من الأدوية الفعالة جدًّا.

عقار (سبرالكس) لا شك أنه محسِّنٌ للمزاج، وأسأل الله تعالى أن ينفعك بما تتناوله من أدوية.

بالنسبة للظواهر التي تحدثت عنها: (تغير الأحاسيس – الشعور بالغرابة والاستغراب – الإصابة بشيء من الاكتئاب): هذا نشاهده لدى ستين بالمائة من الذين يعانون من مرض الصرع، والذي أعجبني أنك دقيق الملاحظة، كثير من الناس لديهم أعراض مشابهة لأعراضك، لكنهم قد لا يلتفتون إليها كثيرًا.

هذا النوع من الظواهر التي تحدثت عنها نشاهدها أكثر إذا كانت البؤرة الصرعية منطلقة من جزء من الدماغ يُسمى بالفص الصدغي، وتناول عقار (سبرالكس) أعتقد أنه خيار جيدًا، وفي بعض الأحيان نعطي جرعة صغيرة من عقار باسم (دوجماتيل Dogmatil)، ويعرف علميًا باسم (سلبرايد Sulipride) بجرعة خمسين مليجرامًا مثلاً لمدة شهرين أو ثلاثة، أيضًا يُساعد كثيرًا في إزالة القلق والأحاسيس التي تحدثت عنها.

فيا أخي الكريم: الظاهرة معروفة، الظاهرة مفسَّرة، وإن شاء الله تعالى من خلال ما تتناوله الآن من أدوية تنتهي تمامًا، وأريدك أن تعيش حياة طبيعية.

اقتراح الأخ الطبيب بأن تكون في جِدة: مع احترامي لهذا الرأي أنا لا أدعوك أبدًا أن تعطل حياتك وتضع نفسك في المكان الخطأ، إذا كان ذلك لن يكون مناسبًا معك، المهم هو أن تتناول أدويتك، نعم الطب في اليمن قد لا يكون بنفس المستوى كما هو في جدة، لكن عليك أن تُسدد وأن تُقارب، وأي طبيب أعصاب في اليمن يمكن أن يُتابعك -أيها الأخ الكريم-.

وإن أُتيحت لك فرصة أفضل للعمل في جدة هذا أيضًا سوف يكون أمرًا جيدًا، لكن لا أريدك أبدًا أن تعطل حياتك، أو تضع نفسك في مكانٍ خاطئ، حالتك يمكن أن تُعالج، وبشيء من الحرص على تناول الأدوية، والمتابعة مرة واحدة كل ثلاثة أشهر مع الطبيب -أي طبيب معقول- يمكن أن يتابع حالتك.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً