الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الفرق بين العاطفة والحب .. والحث على الالتزام بالأخلاق الفاضلة

السؤال

بصراحة ما يجول في بالي أكثر من شيء، أنا - بصراحة - مدرك إدراكاً تاماً المرحلة التي أمر بها، وأعرف أنها مرحلة مهمة في تكوين ملامح شخصيتي وبناء الرجل الذي في المستقبل، وأنا - بصراحة - أدرك أيضاً توجه كثير من أقراني في هنا السن إلى الانحراف في هذه المرحلة، كطريقة يعتقدون من خلالها أنها الحل والطريق نحو المتعة والترفيه، لذلك أنا لا أريد هذه الطريق، أريد فقط الطريق الصحيح، وفي نفس الوقت أن أعيش مراهقة نظيفة وغير مؤلمة!

أما بالنسبة للاستشارة: جميعنا يعلم أن رب العزة خلق الإنسان والعاطفة تتدفق في قلبه، ولكن أريد التوضيح ما الفرق بين العاطفة والحب؟ فأنا درست في مركز صيفي مختلط، وكنت أشعر بالعاطفة المنهمرة تجاه فتاتين، ولكن بعد فترة انطفأت هذه العاطفة، ولا أدري فيما إذا سوف تعود أم لا؛ لأني سوف أعود إلى المركز، وبصراحة أنا خائف أن يكون لهذه الأمور تأثير سلبي على دراستي، فأنا والحمد لله متفوق في دراستي، ومهتم بها، واستدللت من خلال موت العاطفة في هذه الفترة أن هذا شيء طبيعي يشعر به أي مراهق في هذه المرحلة، وأنا مدرك في نفس الوقت أن الحب هو شعور انفعالي، يصور جمال الروح للإنسان، ولكني لا أجعله من أولوياتي في هذه المرحلة؛ لأن جميع المراهقين مثلي في هذه المرحلة لا يميزون بين تأجج العاطفة والحب، كما أننا لا نحسن الاختيار من الناحية العاطفية فقط، بل نحول هذه العاطفة إلى حب وهم وأيام من التفكير؛ حتى تشفى بعد أيام وتنسى؛ لذلك الذي أريده هو شرح هل هذه العاطفة نحو الجنس الآخر طبيعية أم لا؟ وكيف نميز بين العاطفة والحب؟ وكيف أتجنب التعلق بالجنس الآخر - خوفاً على مستقبلي الأكاديمي والمهني -؟

مع أنه أحياناً أحاول أن أتحدى نفسي، وأقول: إنه يمكنني بسهولة التكلم مع البنات والتسكع، ولكني خائف على مستقبلي خوفاً من أن أفرط بطريقة خاطئة وأتوهم؟

وأحياناً أرى أقراني أو الذين يكبرونني بسنة يتسكعون مع البنات؛ فأشعر أنهم بحالة نفسية أفضل مني، أنا الذي أمشي على خطوط القناعة بترتيب الأولويات، مع أني غير ملتزم بالصلاة، والرجاء الرد، والرجاء أن يكون الجواب من الناحية النفسية أكثر منها دينياً فقط؛ لأني مدرك حرمة بعض الأمور، ولكني بحاجة إلى تفسير نفسي!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ موسى العمري حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فقبل أن أُجيبك عن الفرق بين الحب والعاطفة يجب أن أوضح لك أمور هي القاعدة الأساسية في حياتنا، ولا يمكن الاستغناء عنها، وهي الالتزام بالأخلاق الفاضلة، فأنت تريدني أن أجيبك من الناحية النفسية وليس من الناحية الدينية، ولكن يجب أن تعلم أن السلوكيات النفسية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالناحية الخلقية الدينية.

وانظر أخي الفاضل إلى المشاكل التي تحدث في الغرب من تعاطٍ للمخدرات وكثرة الانتحار والزنا والقتل والفساد، كل هذا بسبب البعد عن الدين وعدم الالتزام بشعائره، وعدم التخلق بأخلاق الإسلام.

أنا لا أريدك أن تحوم حول الحمى، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
(ألا وإن لكلٍ ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه) فإذا تجاوزت المحارم وقعت في الحمى، ولهذا يجب أن تعالج الأمر من أصله. وكيف ذلك أخي موسى؟

بأن تبتعد عن الاختلاط بالفتيات، فإذا كنت تريد النجاة والراحة النفسية والسعادة فابتعد عن مصاحبة الفتيات، ولا تقل لي مجرد صحبة، واعلم أن الوقوع في المحرمات يأتي من مجرد نظرة ثم كلمة إلى أن تقع في الحرام، وهذه كلها من مداخل الشيطان، فاحذر -أخي موسى- وإذا أردت الحب الحقيقي والعاطفة الحقيقية فإنها تأتي عن طريق الحلال، وحاول أن تدخل البيت من أبوابه، ولا تنظر إلى أولئك الشباب، ولا تظن أنهم في سعادة، بل هم في شقاء، وهذه الابتسامة التي تراها على وجوههم إنما هي مصطنعة وسرعان ما تزول.

حاول أن تصاحب الأخيار، وستجد عندهم الخير الكثير بإذن الله تعالى، واعلم أن الراحة والطمأنينة النفسية في الالتزام بأوامر الله تعالى واجتناب نواهيه.

أما فيما يخص الفرق بين الحب والعاطفة، فالحب الحقيقي يجعلك ترى الصعب سهلاً، وتتذوق المر حلواً، والحب يبنى مع المواقف في الحياة، والحب هو أساس العلاقة بين اثنين، وتُعتبر العاطفة جزء من الحب، فالعاطفة إذا لم تتغذى التغذية الصحيحة ولم يعتنَ بها فسرعان ما تزول مع أي مشكلة تواجهها، ولهذا تجد العلاقة الزوجية تبدأ في الأساس بقوة المشاعر وبقوة العاطفة، وإذا لم يعط لهذه العاطفة وهذه المشاعر الاهتمام والتغذية بالحب الحقيقي الصادق فسرعان ما تزول وتتوتر العلاقة.

فالعاطفة جزء من الحب الحقيقي، وكل واحد مكمل للآخر، ولا يمكن أن يكون حب بدون عاطفة ومشاعر، ولا يمكن أن تستمر العاطفة بدون وجود حب حقيقي.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • اليمن radia

    اتفق مع الرد واتمنى للأخ السائل التوفيق والنجاح في المستقبل مع راحة تملى قلبة

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً