الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ليس عندي سرعة استدعاء لما أريد قوله، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حياكم الله وبياكم، أحب الموقع والمشرفين عليه وجميع المساهمين بتقديم الإفادة، وأسأل الله أن يبارك في أوقاتكم وأعماركم وعقولكم، وأن يتقبل أعمالكم كلها، ويجعلكم دائمي التوفيق والسداد، ويجزيكم الجنة في الآخرة.

أنا شاب، وبعمر يقارب 20 سنة، وعندي مشكلة، وفي حلّها إصلاحٌ لجوانب عدة في حياتي، ومشكلتي لم أطرحها على أحد من قبل، وفضيلتكم أول من أعرضها عليه، فأرجو أن أجد التوجيه المثالي الشافي لديكم، وإن طال وقت الإجابة على الاستشارة شهورًا، فأنا راضٍ تمامًا بالانتظار، وسأكون شاكرًا ممتنًا لنصيحتكم، وكلما جاءت ذكراكم، فالدعاء - بإذن الله- مستمر دومًا لكم في كل الأحوال، فهو أقل ما تستحقونه.

المشكلة كالآتي: معلوم أن الذكاء الفطري يتفاوت من شخص لآخر، وهو تفضّل من الله على خلقه، ومن النعم العظيمة جدًا، وأنا -الحمد لله- عقلي جيّد وأفهم جيّدًا، والمشكلة أنني قليل الإنتاج والإبداع، وإن حددت، فحوالي 90% من أموري مكتسبة، وأنا قطعًا لا أعترض على القضاء والقدر، لكني أحاول البحث عن حلول تُنَمّي الذكاء وقدرة الإنتاج والإبداع لديّ، فأغلب الحكمة التي عندي مكتسبة، وقدراتي العقلية قليلًا ما تنتج بنفسها.

هذه هي المشكلة بشكل عام، وسأبدأ الشرح ببعض التفصيل:

لم أكن شخصًا صالحًا، وحاليًا أحاول الالتزام، أحب القرب من الدين، ولا أحد من أصدقائي يود الإعانة على الالتزام الكلي، فأنا تقريبًا وحيد في هذا الطريق، بعضهم يصلي ويفعل الخير، وبعضهم لا، والذي يصلي يترك أشياء كثيرة هامة، وأنا -بفضل الله- أحاول تطبيقها، أحيانا أسقط، و-بكرم الله- أرجع للصواب.

أريد هداية مَن حولي، وخدمة ديني، ونفع نفسي وغيري في أمور الدنيا والآخرة، ولكن يعيقني في كل جانب شيء:

في جانب الدين: أنا لم أدرس منهجًا متكاملًا، لكني أحفظ بعض أجزاء القرآن، وأعلم بعض الفتاوى، والمشكلة في هذا الجانب، هي عند نصحي لأحد أو حدوث موقف ما يتطلب استدعاء آية أو حديث، أجد عقلي لا يستطيع التذكر الفوري، فيحدث كثيرًا أني أتذكر الآية أو الحديث أو ما أريد قوله بعد نهاية النقاش أو الموقف وترك المكان كليًا، أو يحدث أني عند تذكر الآية أضطر للقراءة في ذهني من أول السورة بسرعة حتى أصل إلى الآية التي أريد الاستدلال بها! فهل هذا ضعف استيعاب أو بطء استيعاب؟

في جانب الدراسة: بعض الدكاترة الجامعيين يطلبون في المحاضرات تلخيصًا لنقاط معينة، فيُكتَب هذا التلخيص في ورقة، ثم يخرج الطالب ليشرح لزملائه ما قد لخص، فأجد أحيانًا نفسي لا أستطيع التفاعل بشكل متميز، وأحس غالبًا أني غير مستعد!

أرجو منكم نصائح وتمارين أو توجيهات تربوية ودينية من خبرتكم أفعلها لتساعد -إن شاء الله- في تدريب العقل ليُصبح إنتاجيًا، ولديه سرعة استدعاء فورية للمعلومات التي أحتاجها.

أسال الله أن يبارك في عقولنا جميعًا، وأن يجزيكم خير الجزاء في الدارين.

أشكركم كثيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وجزاك الله خيرًا على كلماتك الطيبة، ونسأل الله أن ينفع بنا جميعًا.

أنت لست صاحب مشكلة، ولست مريضًا قطعًا، هذا هو الذي يجب أن نبدأ به. استفساراتك هي قائمة كلها على البحث عمَّا هو أفضل، والذي يظهر لي أيضًا أنك لم تستفد من طاقاتك النفسية والجسدية بالصورة المقبولة والمعقولة، وربما يكون هنالك نوع من النمط الوسواسي في تفكيرك؛ مما أخلَّ بثقتك بنفسك، وجعل تركيزك ليس على الصورة المطلوبة، ومتى ما وُجد النمط الوسواسي في التفكير، فهذا يعني أيضًا وجود قلق داخلي.

كل ما طرحته –أيها الفاضل الكريم–، هو طيب وجميل، وأنا أؤكد مرة أخرى أنك لست مريضًا، كل الذي تحتاجه، هو أن تكون لك خارطة واضحة في حياتك، يجب أن تُحدد أهدافك بعيدة الأمد والقريبة الأمد والمتوسطة الأمد. لا يمكن لإنتاجية الإنسان أن تكون جيدة ومُرْضية له إذا لم تكن في الأصل أهدافًا واضحة. والأهداف يمكن أن تكون أهدافًا بسيطة جدًّا على المستوى الآني، وأهدافاً متوسطة على المستوى المتوسط، وأهدافاً بعيدة المدى، والأهداف بعيدة المدى يجب أن تكون موضوعة على أسس، أن يسيِّر الإنسان حياته بالصورة التي توصله إلى طموحاته، كالزواج، التربية الصحيحة للأولاد، التطور العلمي، التطور الاجتماعي...، هذا كله –أخي الكريم– يجب أن تتفكّر فيه وتتدبر فيه، وتضع له الخطط والآليات التي توصلك إليها.

هذه هي الطريقة المهمة والضرورية، أي تحديد المطلوب والآليات التي توصلك إليها، والإنسان لا يمكن أن يُنجز إذا لم يكن فكره واضحًا وثاقبًا فيما يود أن يقوم به، ولا تتحسَّر على ما مضى أبدًا، لم يضع منك شيء، ولا تخف من المستقبل، هذا يجعلك -إن شاء الله تعالى– تعيش حياتك بقوة.

حُسن إدارة الوقت أيضًا تجعل الإنسان أكثر تركيزًا وتفكُّرًا وتمعنًا وإنجازًا، وهذه من الوسائل التي تطور مهارات الناس ومقدراتهم المعرفية، أو ما أسميته بتنمية الذكاء.

التواصل الاجتماعي مهم جدًّا وضروري جدًّا، الرياضة وُجد أنها تُساعد على تنمية وترميم خلايا الدماغ، إذًا هي وسيلة من وسائل حسن التركيز وتحديد وتحقيق الأهداف، فاحرص عليها.

الصلاة مع الجماعة لا شك أنها تعطيك الشعور بالأمن والأمان، والشعور بالجماعية، والشعور بالانتماء إلى أمة الإسلام، وذلك بجانب ما تجنيه من أجر عظيم -إن شاء الله تعالى-.

بر الوالدين باعث للطمأنينة، وحين تنبعث الطمأنينة يتحسن التركيز كثيرًا.

أخي الكريم، بالنسبة للجوانب والمناهج الدينية: كن وسطيًا في كل شيء، واكسب المعارف الشرعية من مصادرها الصحيحة.

إذًا هذه هي السبل التي تجعلك أكثر انضباطًا في تفكيرك، وإن شاء الله يتحسَّنُ تركيزك، وتصل إلى مبتغاك.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً