الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فقدت البهجة ولا أحس بقيمة الحياة وأعاني من الحزن والضيق.. ساعدوني

السؤال

السلام عليكم.

لدي حالة من الشعور بالضيق والحزن، وكأن على صدري جبل أحد، وأريد البكاء، وأريد أن أجلس مع نفسي، لا أريد أن أكلم أحدًا، كما أنني أحس بتعب وإرهاق من أقل مجهود، وأريد النوم، كما أنني أقوم بالتسويف في كل شيء، وأحس بالعجز وعدم القدرة على إنجاز أي شيء.

أنا فاقد للبهجة، لا أحس بقيمة أي شيء في الحياة، كما أنني أعاني من ضعف التركيز، وكثرة النسيان، ومن الممكن أن أضحك أمام الناس، ولكن في داخلي ألم لا يعلمه إلى الله، لا أستطيع أن أنهي أي شيء أبدًا فيه.

أرجو المساعدة، شكرًا، وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الإنسان قد تمر عليه أحوالٍ وظروفٍ يحسُّ فيها بالفعل بالكدر وشيء من الضيقة، وهذه هي طبيعة الحياة، والتغيرات المزاجية هذه في بعض الأحيان تكون مرتبطة بأسباب حياتية، والأسباب الحياتية حتى وإن كانت واهية حين تكون سلبية تؤثِّر على بعض الناس الذين لديهم أصلاً الاستعداد والقابلية للتأثر النفسي والوجداني السريع.

إن شاء الله تعالى (أخِي) حالتك هذه حالة عابرة، وهي تقع في خانة ما يمكن أن نسميه بالقلق الاكتئابي البسيط. ربما لا توجد أي أسباب، لكن راجع نفسك، إن وجدتْ أي أسباب فحاول أن تزيل هذه الأسباب، وأن تُصحح مسارك، هذا من ناحية.

من ناحية أخرى: لا تنهزم، لا تستسلم، لا تجعل للفكر السلبي سبيلاً إليك، أخي الكريم: الإنسان هو كتلة من المشاعر والأفكار والأفعال، ولا بد أن نُفعِّل هذه الثلاثة، حتى وإن كانت أفكارنا سلبية أو مشاعرنا غير مريحة يجب أن نفعل ونُكابد ونُحسن إدارة وقتنا؛ لأن الإنجاز في حد ذاته حتى وإن كان بسيطًا يعود على الإنسان بمردود نفسي إيجابي عظيم، وهذا يؤدي إلى أفكارٍ إيجابية، ويؤدي إلى مشاعر إيجابية، فاجعل هذا ديدنك وسبيلك في الحياة.

الأمر الآخر: الدعاء، الدعاء هو سلاح المؤمن، وأذكار الصباح والمساء ودعاء المناسبات، كلها تُفرج الكُرب والهموم والأحزان، وقطعًا الصلاة الخاشعة المطمئنة ترتقي بالإنسان، وترفعه درجات عُلى -إن شاء الله تعالى- وتنزل عليه الطمأنينة.

تلاوة القرآن – أخِي الكريم – صلة الرَّحم، برَّ الوالدين، وأن يجتهد الإنسان على زوجته وعياله، ويكون نافعًا لنفسه ولغيره... هذه كلها تُغيِّر المشاعر، حتى وإن كانت المشاعر سلبية.

الذي أريد أن أصل إليه – أخِي الكريم – هو أن تُثابر، وأن تُكابد مهما كانت مشاعرك، وفي نهاية الأمر سوف تجد أن الحياة قد أصبحت جميلة جدًّا.

كثرة النسيان وضعف التركيز هي نتاج للقلق ونتاج للإجهاد النفسي والجسدي.

أخي الكريم: أريدك أن تكون حريصًا على الرياضة، الرياضة تقوي أنفسنا قبل أجسامنا، وترفع من مهاراتنا ومقدراتنا المعرفية، هذا الكلام الآن مُثبت تمامًا عن طريق الأبحاث.

جزاك الله خيرًا أنك تحاول أن تجعل الآخرين أكثر سرورًا بالرغم من معاناتك، هذه -إن شاء الله تعالى- صدقة عظيمة، لكن في ذات الوقت يجب أن تجعل نفسك تعيش شيئًا من الطمأنينة والبهجة والسعادة الداخلية.

التواصل الاجتماعي مهم جدًّا، وهو يزيل الأحزان.

نهاية الأمر – أخِي – تذكر إيجابياتك، فهي كثيرة وكثيرة جدًّا، أنت رجل متزوج، -والحمد لله- قطعًا لديك عمل، لديك صداقات، لديك أسرة، هذه كلها أشياء عظيمة، ومجتمعنا -الحمد لله- مجتمع متماسك وخير، مهما كثرت المشاكل والصعوبات.

أخِي الكريم: ليس هنالك ما يمنع أبدًا أن تتناول أحد مضادات القلق البسيطة مثل عقار يعرف تجاريًا باسم (دوجماتيل Dogmatil)، ويسمى علميًا باسم (سلبرايد Sulipride) تناوله بجرعة خمسين مليجرامًا صباحًا ومساءً لمدة شهرٍ، ثم خمسين مليجرامًا مساءً لمدة شهرٍ، ثم توقف عن تناوله، ولا أعتقد أنك تحتاج لأكثر من ذلك.

لا بأس قطعًا أن تُجري فحوصات طبية عامة، فهذا أيضًا سوف يجعلك تكون مطمئنًا على صحتك النفسية والجسدية.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً