الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف نتعامل مع مجتمع فقد كل شيء ولا يهتم إلا بمصلحته؟

السؤال

السلام عليكم.

تقدمنا في العمر مرحلة مهمة، ونقول اكتسبنا وتعلمنا الكثير من الحياة، وأصبحنا حريصين في معاملتنا في الحياة، ومع الناس، ومع هذا نجد أنفسنا دائمًا في تناقض وفي لوم.

تشدنا مواقف وتحرجنا أخرى، والمعاملة الحسنة، أو اللطيفة مكلفة وغالية، ومن تمد له أصبعك يطمع في يدك، ومن تعطه يدك يقول لك هات ذراعك، تتعامل بحزم وجدية يتهموك بصعب المراس، وينفرون من حولك، تتساهل وتنزل عند مطالبهم ورغباتهم ومصالحهم الشخصية الضيقة يهينوك ويستخفونك، وفي بعض المرات يستهزؤون ويحتقرونك، حتى ولو كنت وسطًا ما تركوك، بل يترصدون ويصطادونك.

يأتونك بكل الأوجه ( أخوية، صداقة، معرفة ذئاب، نفاق ) ولأعطيك بعض النماذج اليومية ونصطدم بها مع كثير من فئات الناس:
- بعض الناس يفحصون عند أطباء ويعطونهم الثمن، ويذهبون لأطباء آخرين فيقولون لهم اقرؤوا هذه التحاليل، نحن لم نفهمها بدون مقابل، وإذا رفضت وقلت لا يمكنني ذلك لا يعجبهم الحال، ويتذمرون منك.

- لا يثقون في خدماتنا، ولكن يطلبونها في وقت الشدة ولا يهمهم قانونية أم لا؟

- تصلي معهم جنبًا لجنب، ولا يقدرونك مثل الذين هم بنفس الرتب يعطونهم التقدير والاحترام فوق اللزوم.

- يتوقف بعضهم بسيارته في نصف الطريق، ويشاجرك إذا نبهته.

- إن تواضعنا معهم أضعفونا في نفوسهم وأهانونا.

- العالم المسلم المثقف الملتزم الحريص على عمله في مجتمعنا العربي مهتز وغير مؤهل في نظرهم حتى ولو انقضت كل البشرية.

- كيف نتعامل مع هذا المجتمع الذي فقد كل شيء؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ taha yous حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلًا بك -أخي الحبيب- في موقعك، وإنه ليسرنا تواصلك معنا، ونسأل الله أن يحفظك من كل مكروه، ما تفضلت بالحديث عنه واقع معاش، وحقيقة مؤلمة سيما إذا وصلتك من أكثر من وجه، وعبر أكثر من موقف، وحل هذه المشكلة -أخي الحبيب- علاجها عند الناس أحد أمرين.

أما أن تغير الناس ليكونوا نسخة منك، فتسلم منهم، وأما الانكفاء بعيدًا عنهم، فتغنم سلامتك، لكن علاجها في الإسلام دوام العطاء مع عدم انتظار مدحًا أو ثناء؛ لأنك تنتظر الأجر يوم اللقاء.

أجل أخي كلما ذبحت رضا الناس في قلبك، وراعيت رضى مولاك هان عليك سخط الساخطين وعبث العابثين.

ثم تذكر أن مدح الناس قد يكون نذير شؤم على عملك، ولعل الله أراد لك الأجر كاملا، ويعينك على الصبر معرفة أجر من عفى عمن أساء إليه قال تعالى: { الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } آل عمران/ 134، وقال تعالى: { إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا } النساء/ 149، وقال سبحانه: { وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ }النحل/ 126، وقال سبحانه: { وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ } الشورى/ 43، وقال: { وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } التغابن/ 14، وقد قال صلي الله عليه وسلم: ( مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ ).

فأنت حين تَعْفُو تزداد بالله عزًا، وحين تصفح تكسب من الله أجرًا، وحين ترحم تنتظر رحمة ربك لك، فقد قال صلى الله عليه وسلم قَالَ: ( ارْحَمُوا تُرْحَمُوا وَاغْفِرُوا يَغْفِرْ اللَّهُ لَكُمْ ).

بهذا المفهوم -أخي الحبيب- لن تنقطع عن الخير طلبًا للأجر من الله، ولن يشغلك حديث الغير؛ لأن قلبك بالله معلق.

نسأل الله أن يوفقك لكل خير، والله المستعان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

لا يوجد صوتيات مرتبطة

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات