الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الخوف عند مواجهة الآخرين وأشعر بالفشل

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة بعمر 18 عاماً، أعاني من خوف شديد عند الجلوس مع الناس، وأخاف إلى درجة أني لا أستطيع الجلوس، وأشعر بأن الجميع يتحدث عني في نفسه، فأضطر للانسحاب من الجلسة سريعاً! قطعت علاقتي بأقاربي، وأذهب إليهم في الشهر مرة منعاً لإحراج والدي.

أدرس في السنة الأولى من الجامعة، لكن في الجامعة ليس لدي الرهاب بالصورة الشديدة التي أجدها مع أقاربي.

شخصيتي بالجامعة مناقضة لشخصيتي الرهابية تماماً، بدأت أفكر في الانسحاب من الجامعة؛ لأني لا أستطيع فعل شيء، فأنا فاشلة جداً في حياتي جميعها، دائماً أفكر وأقول: حتى وإن أكملتِ دراستك فالرهاب سيمنعك من الوظيفة.

لدي صديقات لا بأس بعددهن، وأستطيع الحوار والضحك والمزاح معهن، وأستطيع أن أتحدث بصوت عالي، فلا يهمني من يلتفت إليّ.

أواجه مشكلة حقيقة، وهي أنه عندما يطلب مني شرح دروس لا أستطيع إلقاء درس أو كلمة قصيرة على مجموعة كبيرة من الطالبات، حيث تظهر لدي جميع عوارض الرهاب، فأصبحت لا ألقي شيئاً من ذلك، لكني أتألم في داخلي، فدرجاتي فقدتها بسبب رهابي، والجميع يسألني عن سبب تجاهلي للشرح، ويحذروني من فقد درجاتي، لكني أبدي لهم أني مهملة، وليس لدي الوقت للتحضير.

معلمتي أصبحت تسخر مني أمام صديقاتي، وتصفني بالمهملة، لكني أقابل كلماتها بابتسامة، ولا أحب أن يعرفوا أني أعاني من الرهاب.

أيضاً قبل أنا أشارك في الصف أستخير عدة مرات قبل الإجابة، فأنا لا أثق في نفسي مطلقاً، وأرتبك كثيراً إن خرجت للحل في السبورة أمام الطالبات، مع أني أكون فاهمة للحل، لكني أنسى كل شيء بمجرد التقدم للحل.

أنا في مرحلة حرجة من حياتي، أريد التفوق الجامعي، لكن مهما فعلت فالرهاب يمنعني من كل شيء.

أرجوكم أريد حلاً عاجلاً غير آجل.

طرحت على والدتي فكرة الذهاب إلى دكتور نفسي لكنها رفضت ذلك، قلت لها: احضري لي فقط الدواء، لا يهم إن ذهبت إلى دكتور أو لم أذهب، فرفضت أيضاً، وقلت لأبي ذلك فرفض أيضاً؛ لأنهم يروني فتاة عادية، ولا يرون أن ما أعانيه هو مرض يجب التخلص منه.

أنا في المنزل أتكلم وأضحك مع الجميع إلا أخواتي فأعراض الرهاب تأتيني أمامهن، لكن أمي وأبي وأخي أتحدث وأضحك وأتخاصم معهم، ويقولون: أنت تعاندين نفسك، ولو جربت تشرحين لما فشلت، وأنا والله لا أعاند.

أرجوكم أنقذوني، لا أحد يريد مساعدتي من أهلي، وأتمنى لو تُقدِّرون حاجتي إليكم، فأنتم أملي الوحيد بعد الله، وكم فرحت -والله- كثيراً عندما علمت بوجود مكان للاستشارات في موقعكم.

أفيدوني، جعلكم الله من أصحاب الفردوس الأعلى.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Shahad حفظها الله.
وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نحن نُقدِّر مشاعرك جدًّا، ونقدِّر أيضًا موقف والديك، حيث إنهما لا يُحبذان استعمالك لأي دواء خاصة الأدوية النفسية، وفي هذا الأمر نحن لا نلوم والديك أبدًا؛ لأن الطب النفسي بكل أسف ارتبط بشيء من السلبية في تفكير بعض الناس، كما أن ما يُسمى بالوصمة الاجتماعية أيضًا لعبت دورًا في هذا السياق، وقطعًا أنت صغيرة في السن ويخاف والداك أن تستمري على الأدوية النفسية لفترة طويلة.

أنا أرجو أن تتحدثي مرة أخرى إلى والديك؛ لأنك تعانين بالفعل من نوع من الخجل الاجتماعي الذي لا بد أن يُعالج.

أنت أيضًا لديك عرض مهم جدًّا، وهو أنك تتجنبين الآخرين؛ لأنه يأتيك الشعور بأنهم يتحدثون عنك، هذا ليس من الرهاب الاجتماعي، هذا نوع من الشكوكية والظنانية، حتى وإن كانت بسيطة، فيجب أن تُعالج، وأنا -أيضًا- أرى أن شخصيتك تحمل قليلاً من صفات الشخصية التجنبية، هذه كلها تُعالج.

اذكري هذه الحقائق التي ذكرتها لك لوالدك ووالدتك الأكارم، وأنا متأكد أنهم سيقدرون وضعك، ويذهبون معك إلى الطبيب؛ ليضع لك الخطة العلاجية بعد أن يضع التشخيص المناسب.

هذه الحالات بسيطة جدًّا، وتُعالج تمامًا، وليس من الضروري أن يكون العلاج دوائيًا لوحده، فهناك برامج سلوكية، وحتى إن اضطر الطبيب أن يُعطيك دواءً فسيكون دواءً بسيطاً وسليمًا وغير إدماني وغير تعودي، أرجو أن تقنعي والديك بأهمية الذهاب من أجل العلاج، هذا هو الذي ننصحك به.

أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً