الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما هي نصيحتكم لزوجين مفترقين؟

السؤال

السلام عليكم.

امرأة تبلغ من العمر 19سنة، وزوجها 27 سنة، زوجها نعرفه من صغره، فهو طيبٌ معها، وهي دائماً لا تطيقه، ولا تحبه، فهما دائماً في نقاش حاد، من مساوئه التي تؤخذ عليه أنه بخيل، وزوجته لا تحب الحجاب، ولم تنهي دراستها بعد، أما هو فلم يدخل المدارس وليس مستعداً للدراسة، ويعيشان في بلدين مختلفين، ليس بينهما أي تفاهم، ماذا أفعل لكي أجمع شتات هذا البيت؟



الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله العظيم أن يوفقك للخير، وأن يستخدمنا جميعاً في طاعته، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.

جزاك الله خيراً على هذه الروح الطيبة، والمشاعر النبيلة تجاه تلك الأسرة، وهكذا المسلم والمسلمة يشعران بجراحات إخوانهم وأخواتهم، وخير الناس أنفعهم للناس، وأحرصهم على الخير، وطوبى لمن كان مفتاح الخيرات بيديه، وويلٌ ثم ويل لمن كان مفتاحاً للشر والفتنة.

أولاً: أرجو أن تعرف هذه الزوجة حق هذا الرجل، وتجتهد في طاعته، وما من إنسان إلا وفيه خير وشر، فلا شك أن لهذا الرجل إيجابيات، فعلينا أن نسلط الضوء عليها حتى ننصف الرجل.

ثانياً: إذا كانت هذه الزوجة لا تحب هذا الرجل ولا تطيقه، فالصواب أن لا تعلن ذلك أمامه، ولا أمام الآخرين، وبيوت المسلمين تبنى على أخوة الإيمان ورعاية الأحكام، وسوف يجعل الله بعد عسرٍ يسراً.

ثالثاً: إذا كان هذا الزوج طيب معها، فعليها أن تتقِ الله فيه، وتحسن عشرته، وتعرف له فضله.

رابعاً: إذا كانت هناك أسباب ظاهرة لهذه المشاكل، فمن مصلحة هذه الأسر تفادي الأمور التي تنكد على هذه الأسرة، ولكن المشاكل المتكررة غالباً ما تكون عبارة عن آثار لتراكمات خفية (وإذا عرف السبب بطل العجب).

خامساً: عندما يكون هناك تباينٌ في المستوى العلمي للأزواج فأحياناً يحدث سوء تفاهم، فقد يكون السبب هو تكبر هذه الزوجة على زوجها، وهو أيضاً سوف يقابل ذلك بأساليب تضيق الحياة على هذه المرأة، وقد يكون السبب هو تقصير أحد الطرفين في واجب من واجباته الخاصة تجاه الطرف الآخر (حقوق الفراش).

سادساً: ترك الحجاب معصية، وكل معصية لها آثارٌ خطيرة على الأسرة، وخير ما يعين الرجال والنساء على الاستقرار والسعادة هو طاعتهم لله، قال تعالى: (وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ)[الأنبياء:90].

سابعاً: لا مانع من إكمال الدراسة بالنسبة للزوجة؛ لأن هذا قد يكون من أسباب هذا الشقاق، وأرجو أن تشجع زوجها كذلك على تلقي التعليم الأساسي، ولكن من دون إظهار الافتخار والتعالي عليه، والحياة نفسها مدرسة يتعلم منها الإنسان الكثير، وفي الأسفار علومٌ لا توجد في الكتب، ولكن العلم الضروري لابد منه، وهو ما يصحح به الإنسان عقيدته وعبادته، قال صلى الله عليه وسلم: (طلب العلم فريضة على كل مسلم).

ثامناً: مما يساعد على رد الأمور إلى طريقها الصحيح قيام هذه الزوجة بالسؤال عن زوجها إذا كان في بلدٍ آخر، والاهتمام به إذا كان في نفس البلد، وطبعاً أنتِ تستطيعين لكونك امرأة التأثير على هذه الزوجة، والأنثى أعلم بطرق الوصول إلى قلب أختها، فاجتهدي في نصحها، وذكريها بحق هذا الزوج، وأخبريها بأنه لا يوجد في الدنيا زوجٌ بلا عيوب أو أسرة بلا مشاكل، ولكن الناس يعالجون مشاكلهم بسرية تامة، ويظهرون مشاعر الخير، ويتعاونون على البر والتقوى وتربية العيال.

تاسعاً: من الضروري أن يقدم كل طرف بعض التنازلات للطرف الآخر، ومن هنا تبدأ مسيرة التصحيح والعلاج، مع تجنب الأشياء التي تضايق الشريك الآخر.

عاشراً: يجب أن يعلم الرجل والمرأة أن في البيوت صابرات، ورجال يتحملون الأذى، فليس حسن العشرة فقط بالمعاملة الطيبة، ولكن لابد من احتمال الأذى، واحترام المشاعر، وتقدير الظروف التي تمر بالإنسان، ورحم الله أبو الدرداء الذي قال لزوجته ليلة بنائه بها: (إذا غضبت فرضني وإذا غضبتِ رضيتك وإلا لم نصطحب).

أسأل الله أن يصلح الأحوال، وأن يعين الجميع على طاعته، وأن يجزي من يسعى في الإصلاح خيراً، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً