الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبت بذهان حاد بعد تعاطي الحشيش، فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم

أود أن أطرح مشكلتي، وهي أني أصبت بالذهان قبل عشرة أشهر، وذلك بسبب تعاطي الحشيش تقريبًا لمدة سنتين فأصبحت أسمع أصواتًا، وأرى أشياءً غير موجودة، وصعوبة في النوم، فأخذني أهلي للطبيب النفسي، فشخص حالتي على أنها ذهان حاد، وأعطاني دواء بريكسال 5mg واستمررت عليه.

الآن آخذ نصف حبة كل يوم، -والحمد لله- لا يوجد أي أعراض ذهانية، ولكني أصبت باكتئاب شديد، حيث لا أحب أن أتكلم مع الناس، ولا أخرج من البيت، وصداع مستمر، خاصة عند التفاعل مع الناس، وأصبحت شخصيتي ضعيفة، وأحس أنه لا فائدة في الحياة، ولا أرغب بعمل شيء، وأشعر بالملل عند الذهاب إلى الأقارب، أو في الجامعة، ودائمًا أتمنى الموت، وأفضل الموت على الحياة بسبب هذه الأعراض التي تجعلني أبكي.

ذهبت للطبيب وشرحت له حالتي، وأعطاني دواء سولتيك أخذته لمدة شهر، ولكن دون فائدة، فعمل الطبيب على تبديل الدواء إلى بروكسيتين (فلوكسيتين)، والآن لي أسبوعان وأنا آخذه لكن دون فائدة.

فما هو السبب برأيكم بعدم الاستجابة للدواء؟ وهل هذه أعراض اكتئاب أم أنها بسبب مرض الذهان؟ أرجوكم أعطوني تفصيلاً لحالتي، وبماذا تنصحوني؟ وهل ممكن أن تعالج لأني محبط جدًا؟

وهناك سؤال أخير: ما هو الذهان الحاد؟ وهل يمكن أن يتطور للفصام؟

وجزاكم الله كل خير وشكرًا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ وليد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لا بد أن تبتر السبب الذي أدى إلى الحالة الذهانية التي عانيت منها، والسبب هو تعاطي الحشيش، والحشيش حقيقة يعتبر من أكثر المواد التي تحمل موادا سُمِّيَّة تؤدي إلى الاضطراب العقلي والذهاني، والآن هناك دراسات كثيرة جدًّا تُشير إلى أن الاستمرار والتمادي في تعاطي الحشيش يؤدي إلى مرض الفصام، ليس فقط الأعراض الذهانية المُصاحبة للتعاطي، بل الفصام بكل مقوماته، وحين نتحدث عن الفصام لا نقصد فقط الهلاوس والشكوك والظنان، إنما التدهور المعرفي، وكذلك التدهور الاجتماعي المُريع.

أيها الفاضل الكريم: أنت بفضلٍ من الله تعالى استوعبت الدرس، وأفضل علاجٍ لحالتك هو ألا تعود مطلقًا للتعاطي مرة أخرى، وأن تبدأ حياة جديدة، أهم ما أنت مُطالب به الآن هو الإصرار على أن يكون مزاجك مزاجًا طيبًا، وهذا ممكن، بما أنك قد حررت نفسك من الحشيش هذا يجب أن يكون فيه مكافئة عظيمة لك، اشعر بما أنجزته، واسألِ الله تعالى أن يغفر لك، وأن يرشدك إلى طريق الخير والصواب.

الأمر الآخر: الاكتئاب الثانوي بعد تناول الحشيش، أو بعد الإصابة بالذهان معروف، وتوجد أيضًا حالة تُسمى بفقدان الطموح والدافعية نُشاهدها عند متعاطي الحشيش، فقدان الطموح والدافعية قد يظهر في شكل أعراض اكتئابية، والدراسات تقول: إن ذلك ناتج من التأثير على الفص الأمامي، أو ما يعرف بالفص الجبهي عند الإنسان، وهي الناصية {ناصيةٍ كاذبةٍ خاطئةٍ} وناصية الإنسان هي التي تتحكم في مشاعره، خططها المستقبلية، وهي مركز فكره وتحليله، وقدرته الاستنباطية.

فيا أيها الفاضل الكريم: أرجو ألا تخدش مرة أخرى هذا الجزء من دماغك بتعاطي الحشيش، والتحسُّن سوف يأتي، تناول الفلوكستين أعتقد أن هذا قرار سليم جدًّا، وقد تحتاج أن ترفع الجرعة إلى كبسولتين في اليوم – أي أربعين مليجرامًا – على الأقل لمدة ثلاثة أشهرٍ، بعد ذلك ارجع وتناول كبسولة واحدة في اليوم لمدة لا تقل عن ستة أشهر.

وأريدك أيضًا أن تُضيف عقارا مثل: (دوجماتيل Dogmatil)، والذي يعرف علميًا باسم (سلبرايد Sulipride) هو دواء لطيف جدًّا، تناوله بجرعة كبسولة صباحًا ومساء لمدة شهر، ثم كبسولة صباحًا لمدة شهرٍ آخر، ثم توقف عن تناوله.

هذا من وجهة نظري، لكن قطعًا الاسترشاد برأي طبيبك المعالج هو الأساس الذي يجب أن تتبعه.

من جانبي أقول لك: إن الرياضة مهمة جدًّا، اجعل لنفسك برامج رياضية يوميًا، الرياضة تزيل الإجهاد النفسي، تحسِّن المزاج، تُحسِن النوم، تحسّن الأداء الوظائفي لجميع أعضاء الجسم خاصة الدماغ؛ مما يؤدي إلى التحسُّنِ في المزاج.

التواصل الاجتماعي، صلة الرحم، بر الوالدين، الإنتاجية، العمل، الفعالية، الحرص على العبادات، هذا كله – أيهَا الفاضل الكريم – علاج، وعلاج مهم جدًّا، فأرجو أن تتبع ما ذكرته لك.

بالنسبة لسؤالك الأخير: ما هو الذهان الحاد؟ وهل يمكن أن يتطور إلى فصام؟

الذهان الحاد هي أعراض اضطراب عقلي حادة، تأتي فجأة، قد تأتي في شكل هلاوس وضلالات وظنان، وتغيُّرٍ كبيرٍ في استبصار الإنسان، وهي تشبه الفصام حقيقة، لكن قد تنتهي بانتهاء السبب، يعني التوقف عن الحشيش وتناول الدواء قد يؤدي إلى زوال تام لهذا الأعراض، لذا دائمًا إزالة الأسباب وتناول العلاج بالصورة الصحيحة هي - إن شاء الله تعالى - مفاتيح العافية والشفاء.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على تواصلك مع استشارات إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • أمريكا محمد

    اخي الفاضل
    انا اصبت بحالة نفسية مقاربة لوصفك وايضا بعد تدخين الحشيش
    كنت اميل للعزلة واخاف من المطر والبرق و اتخيل اشياء غير موجودة
    ايضا لا انام لايام لتسارع نبضات قلبي لحد الازعاج والخوف
    ولكن والحمد لله لم تستمر الا لمدة شهر تقريبا
    بدون علاج دكتور ولكن بفضل الله والتزامي بصلاتي و قراءة القران و اقلاعي عن التدخين وعن جميع الذنوب اللي قد تؤنب ضميري وتعطيني شعورا سلبيا
    انصحك بالتوجه لله عز وجل و بالدعاء والالحاح في الدعاء شفانا الله واياك وجميع المسلمين والمسلمات.

  • ليبيا ادم ابو فادي

    فيه تهويل ومبالغة في الموضوع او ان الامر يختلف من شخص لاخر، ما يعرف بالاعراض الانسحابية للاقلاع عن مادة مدمنة للجسم منها بيولوجية ، واخري نفسية بالنسبة للحشيش اعراضه الانسحابية البيولوجية والتي تؤثر علي وظائف الاعضاء لا تذكر اكثير عن التدخين العادي ، واكثر الاعراض تآثيرا تلك النفسية مثل الاكتائب الفراغ اعصاب ملل ...، وقوة شخصية الشخص وعزيمته قادرة علي تغيير عادات وسلوك ،،، اما خيار التعالج بالعقاقير انا احذر منه الا اذا كان مؤقت لا يتجاوز ثلاثة اشهر ولو تجاوز ذلك يصبح ادمان جديد ويفتح المتعالج افاق جديدة في عالم الادمان ويدور في هذه البالوعة الوهمية انا المتعة والحقيقة والوعي هي اجمل لحظة يمكن للانسان ان يعيشها اما اكراه النفس علي السعادة يحول الحياة الي وهم ونحن ف امس الحاجة لكل دقيقة والعلاج لكل هذه الامراض التوية والصلاة في وقتها وادعية الصباح والمسا ستنجلى كل هذه الاوهام انه سلاح الايمان السري

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً