الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطبني شاب له قصة مع الحشيش، هل تنصحوني بالزواج به؟

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة بعمر 21 سنة، تقدم لخطبتي شاب بعمر 28 سنة، جرت الأمور بشكل طبيعي، وحصل قبول من الطرفين، وأعجبت بطريقة كلامه وشكله، وأهله ووضعه، لكن قبل أن يحصل أي شيء اعترف أنه كان لديه قضية حشيش عندما كان بعمر 21 سنة، ويقول: إنه مظلوم وخرج من السجن لكن بقي لديه قيد في السجن.

بصراحة أنا فتاة يتيمة الأب، وأزواج خالاتي رفضوا الموضوع، ووالدتي أيضا, مع أن أهله أصروا على الموضوع، وحاولت والدته أكثر من مرة، ومرت 3 شهور وأنا لم أنس الموضوع، ويخطر في بالي أنه ربما تاب أو كان مظلوما.

خصوصا أن أهله من عائلة ملتزمة جدا، وحاولت أن أقنع والدتي أن أتواصل معه، وبالفعل اقتنعت وتواصلت معه على الواتساب، وهو ما زال يريدني، وأكد أن الموضوع لم يؤثر عليه في حياته العملية.

أنا خائفة جدا، ولا أريد أن أفعل شيئا أندم عليه طوال حياتي، فأرجو منكم أن تعطوني النصيحة المفيدة، وسأعمل بها إن شاء الله تعالى.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ولاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك في موقعك "إسلام ويب"، وإنَّا سعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله أن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدِّر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.

وبخصوصِ ما تفضلت بالسُّؤال عنه فإنَّنا نحبُّ أن نجيبك من خلال ما يلي:
- لا نريد أن تكوني جزعة أو قلقة أو مضطربة، ولا تظني اليتم يا ابنتي شرا، فخير خلق الله محمد -صلى الله عليه وسلم- كان يتيما، اليتم الحقيقي أن ينام الإنسان عن طاعة الله، وأن لا يستشعر أنسه مع الله، وأن يسير على هواه متوكلا على ذاته مستعينا بقدراته، مرتكنا إلى حسبه ونسبه، هذا هو اليتيم.

- ما يطمئنك ويسعدك ويرضيك أن الله الذي يحبك قدر عليك كل شيء قبل أن يخلقك بخمسين ألف سنة، فقد روى مسلم في صحيحه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب، فكتب مقادير كل شيء قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء)، فقدر الله غالب.

هذا الشاب إن قدره الله لك سيكون لا محالة، لن يعجل بإتمام الزواج حرص ولن يؤخره أو يلغي قدر الله عوائق الحياة، فاطمئني وثقي في الله وأملي فيه خيرا.

- لا يفوتك أختنا أن تعلمي بل تؤمني أن قضاء الله هو الخير لك، والله لا يقضي لعبده إلا الخير.

ثقي في ذلك واعلمي أن ما قدره الله لك خير مما أردتيه لنفسك، وتذكري أن العبد قد يلهث خلف ما يظنه خيرا له وهو الشر المحض ولا يدري، وقد يعترض على الخير يظنه شرا ولا يعلم أن فيه نجاته، وهذا قوله تعالى: (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم)، فكوني علي يقين بأن اختيار الله لك هو الأفضل دائما، وهنا سيطمئن قلبك وتستريح نفسك.

- الشاب على ما ذكرت –أختنا- يحتاج إلى بحث أكثر عنه، فجيد أنكم تواصلتم معه، لكن الأجمل أن تسألوا عنه خاصة عن أصدقائه ومن خالطوه وعايشوه حتى تطمئنوا تماما إليه.

- إن كان مظلوما أو تاب، وخلقه حسن وسيرته محمودة، فاستخيري الله عز وجل وتوكلي عليه، فإن تم الزواج فهو الخير والحمد لله، وإن صرفك الله عنه أو صرفه عنك فاعلمي أنه شر وقاك الله منه، فاحمدي الله على ذلك.

صلاة الاستخارة لا تشترك فيها رؤيا ولا يشترك فيها بشر وسرور كما يظن العامة، بل هي صلاة يعقبها فعل فإن تم الفعل فذلك خير، وإن أغلقت دونه الأبواب فذلك خير.

عن جابر رضي الله عنه قال: كان رسول الله يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن، وكان يقول -صلى الله عليه وسلم-: (إذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ, وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ, وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلا أَقْدِر, وَتَعْلَمُ وَلا أَعْلَمُ, وَأَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ, اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ -هنا تسمي حاجتك- خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ: عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ, فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ , اللَّهُمَّ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ (هنا تسمي حاجتك) شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ : عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ , فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ ارْضِنِي بِهِ وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ).

نسأل الله أن يسعدك وأن يرضيك وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرزقك الزوج الصالح.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً