الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حياتي على وشك الانهيار بسبب زوجي المريض نفسيا، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أشكر لكم جهودكم، وبارك الله فيكم، وفي مساعدتكم لهموم الناس ومشاركة أحزانهم.

أنا متزوجة منذ سنتين، ولدي طفلة عمرها سنة، بدأت حياتي بالتدهور منذ أول شهر من الزواج، حيث قام زوجي بضربي، وأغلق الباب علي حينما غضبت وقررت الخروج من البيت، والسفر إلى أهلي، ثم سامحته ولم أسافر.

وصلنا طريقا مسدودا، حيث أنه إنسان لا يبالي ولا يتحمل المسؤولية، ولا يقدر جهدي في البيت، ولا يلتفت إلى جمالي، حيث أن الفرق شاسع بيني وبينه في كل شيء من شكل وثقافة وعلم، ورغم ذلك قبلت به من بين كل المتقدمين للزواج مني، وهو عسكري في أول رتبته.

اكتشفت مؤخراً أنه يتناول حبوبا للاكتئاب، لأنه لا يريد عمله ولا المنطقة التي نعيش فيها، فوقفت جنبه ودعمته، فأصبحت حياتي جنة، ولكن بمجرد أن ترك هذه الحبوب، رجعت حياتي جحيما معه، يتلذذ بحزني وقهري، حياته لأصدقائه ولنفسه فقط.

مرت عليه فترة انهيار وبكاء يتوهم فيها رؤية الجن، ولا يريد عمله، وكان يتمنى الموت، وينظر إلى الحياة بنظرة سوداوية، فسافرنا إلى أهله مباشرة، وصرف له الصيدلي حبوب بروزاك، فتحسن بعدها.

حدث خلاف بيننا في موضوع السفر مع أصدقائه، فتهرب من الموضوع، أيقنت بعدها أنه مريض، لا يريد النقاش، ولا يريد الرضا، ولا يريد أن يوصلني لأهلي، فلم أره أسبوعاً كاملاً، مع أننا في منزل واحد، يخرج ويدخل ولا يسأل عنا أبدا، في اليوم الثالث أرسل صورة قمر، قائلا: هذه أنت اشتقت لك.

قررت الذهاب إلى أهلي، ووعدني أن يوصلني إلى المطار، لكنه قبل الرحلة بساعات خرج من المنزل ورفض أن يوصلني، واضطررت أن أتصل لأحد أقاربي لنقلي إلى المطار، مكثت عند أهلي شهراً كاملاً، لم يتكلم ولم ينطق بحرف.

ما رأيكم في الموضوع؟ علماً بأنه كريم، وقلبه طيب، وأغلب تصرفاته عن جهل وفهم خاطىء للمرأة، وكيفية العلاقة معها، علمت مؤخرا أنه ترك عمله، ولديه عملية في ركبته، وأهله لم يستقبلوه، وأمه غاضبة منه، أفيدوني، جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم غلا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك حسن العرض للسؤال، وقد أسعدنا صبرك رغم صعوبة الأحوال، ونسأل الله أن يقر عينك بشفائه، وأن يحقق لنا ولكم الآمال.

لقد صبرت كثيراً، وأرجو أن تكملي المشوار، لتحولي بينه وبين الانهيار، خاصة بعد رفض أهله استقباله وغضب والدته، ونعتقد أنه بحاجة إلى مقابلة طبيب نفسي بارع، وسوف يكون من المفيد معرفة الطبيب النفسي بكل ما ذكرت، وأرجو من إخواني في الموقع إضافة توجيهات دكتورنا وأستاذنا محمد عبد العليم، وأيضا أن يقابل راقيا شرعيا.

ولا يخفى عليك -ابنتنا الفاضلة- أن المريض له وضع خاص، وليس على المريض حرج، ومن هنا فنحن ننتظر وقوفك معه، ودعمك له، مع ضرورة المحافظة على نفسك وطفلك، وخذي رأي الطبيب في التطورات المتوقعة، والتوجيهات اللازمة لحمايتكم.

وعند التأمل بين السطور نلاحظ ما يلي:
1- أنك قبلت به دون سواه لدينه، وأرجو أن يوفقك الله، ويقر عينك بهدايته وعافيته.
2- شعرنا أن في نفسه ود لك، ورغبة في أن تكوني معه.
4- يخيل إلينا أنك لا زلت في دائرة اهتماماته، والدليل الإهداءات والرسائل.
3- نؤكد أن ما يحصل غير طبيعي، وسوف يزول -بحول الله وقوته- بزوال أسبابه، ثم بالمحافظة على علاجه ودوائه.

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد، سعدنا بتواصلك، ونأمل في الاستمرار مع موقعك، ونحن -بحول الله وقوته- عون لك.
____________________________________________

انتهت إجابة الشيخ الدكتور/ أحمد الفرجابي -مستشار الشؤون الأسرية والتربوية-.
وتليها إجابة الدكتور/ محمد عبد العيم - استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان-.
_____________________________________________

نشكر لك التواصل مع إسلام ويب، وقد قام الأخ الدكتور/ أحمد الفرجابي –حفظه الله– بإسداء الإرشاد العلمي والشرعي الرصين لك، فأرجو أن تأخذي به، ومن جانبي أقول لك:

زوجك الكريم يجب أن تقفي بجانبه، ويجب أن تكوني بالحصافة والذكاء الذي تحافظين من خلاله على زواجك، والرجل لا أرى أنه مُصاب بمرضٍ عقلي أو ذهني خطير، ما دام قد استجاب للبروزاك في فترات سابقة، فهذا يعني أنه يعاني من أحد أمراض الاكتئاب أو القلق أو ما شابه ذلك، وهذه أمراض تُعالج وتُعالج بصورة ممتازة جدًّا، خاصة إذا وجد من يُعينه ويقف بجانبه.

أريدك أن تجلسي جلسة مع نفسك، تراجعي الأمر، واعلمي –أيتها الفاضلة الكريمة– أنك بالفعل إذا أردت الإصلاح ما بينك وبين زوجك فالله تعالى سوف يُوفِّق بينكما مِصداقًا لقوله تعالى: {إن يُريدا إصلاحًا يُوفِّق الله بينهما}.

وأن تتصلي به هذا ليس ضعفًا من جانبك أبدًا، وإن لم يتنازل بعضنا لبعضٍ فممن إذًا؟

خذي المبادرة الطيبة، اسألي عنه، اسألي عن أحواله، وتدريجيًا اجعلي علاقتك معه تعود لطبيعتها، وحين يجمع الله بينكما تحدثي معه بلطف شديدٍ ومودةٍ ومساندةٍ، واطلبي منه أن تذهبي معه إلى الطبيب النفسي، لا بد أن تكوني أنت شخصٍ مُشاركٌ وبحيوية في أمر علاجه، وأعتقد أنه لا يعاني من مرضٍ شديدٍ، ربما يعاني من ظاهرةٍ نفسية كما أوضحتُ لك.

وموضوع أن يتم تناول الدواء فقط عن طريق الصيدلية ليس أمرا صحيحا، فهو يحتاج للتوجيه، وأنت تحتاجين أيضًا للتوجيه والإرشاد، وأنا متأكد أنه سوف يقبل دورك الإيجابي فيما يخصّ علاجه، هذه هي نصيحتي لك، وأنا دائمًا أقول: المرأة الذكية تحفظ زواجها وهي وحدها التي تعرف السبل التي يمكن من خلالها أن تُرضي زوجها دون أن تُقلل من شأنها.

ويا أيتها الفاضلة الكريمة: أنا أريدك أن تنظري لزوجك بصورة إيجابية، حتى الفروقات التي تحدثت عنها في أول رسالتك أقول لك: جزاك الله خيرًا أنك قد قبلت به، لكن لا تضعي له صورة سلبية في تفكيرك، هذا يُعيق كثيرًا دافعيتك نحو الإصلاح، وتذكري حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة: الودود، الولود، الغيور على زوجها، التي إذا آذت أو أوذيت جاءت حتى تأخذ بيد زوجها ثم تقول: والله لا أذوق غمضا حتى ترضى عني، هي في الجنة، هي في الجنة، هي في الجنة).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً