الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خفقان في القلب ودوخة ورعشة وشعور بالموت.. هل حالتي خطيرة؟

السؤال

السلام عليكم

أعيش في الغرب، عمري 23 سنة، مؤخرًا بدأت أعاني من بعض الأعراض الجسمية مثل: خفقان في القلب، ودوخة، ورعشة، وبرودة في الأطراف، والرجلين، وأحس بشيء غير طبيعي في أمعائي، وكل هذا يأتي مصاحبًا لنوبة من الخوف والهلع، وتضارب في الأفكار، ويهيأ لي أنني سوف أجن، وأنني سوف أموت.

في كل مرة تتكرر نفس الأفكار، وتكون متكررة ومن الصعب التخلص منها لدرجة أنني فقدت حس الحياة بداخلي، وأصبحت حزينًا في داخلي، وفي كل يوم أكون منهكًا من قلة النوم، والتفكير الذي لا يتوقف.

ومع العلم أنه مرت عليّ نفس الحالة سنة 2010، وبفضل الله شفيت منها بدون طبيب، وقد أجريت بعض الفحوصات مثل تخطيط القلب، وقياس ضغط الدم إلا أن الطبيب يقول: إنني لا أعاني من أي مرض عضوي، ومن خلال حديثه معي نصحني بزيارة طبيب للأمراض العقلية والنفسية.

وفعلا زرت طبيبًا في هذا التخصص، وعندما شخص حالتي قال: إنني أعاني من القلق وخوف عميق مصاحب للاكتئاب، وذكر إنه اكتئاب فصلي، ففي الصيف أكون في قمة النشاط والحيوية.

أما في الأجواء الغائمة والممطرة لا أكون في مزاجي، وقد قال: إن حالتي ليست بالخطيرة، ووصف لي بعض الأدوية مثل: DEROXAT 20mg، نصف حبة لمدة 4 أيام، وحبة كاملة لمدة 26 يومًا أي شهرًا في الصباح بعد الأكل، وSULPRID حبة لمدة 10 أيام، ونصف حبة لمدة 20 يومًا في الليل قبل الأكل، وTémesta وصفها لي مثل حبة للطوارئ، لا أستعملها إلا إذا لاحظت أنني لا أنام مدة 3 أيام متتالية، وعندما يستقيم نومي أقف عن تناولها.

وقال أيضًا: إنه يجب أن أتحلى بالصبر؛ لأنه لن يظهر مفعول الدواء إلا بعد عدة أسابيع، وفي الحقيقة أنا أعلم أن هذه ما هي إلا هواجس وأفكار خيالية، لكن لا أقدر على إقناع نفسي بذلك.

سؤالي: متى سيبدأ مفعول الدواء؟ وهل كما قال الطبيب حالتي ليست بالخطيرة؟ وما هي السلوكيات التي يجب أن أتبعها لأساعد الطبيب في العلاج لتكون النتائج سريعة؟

وشكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محسن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

وصفت حالتك بصورة جيدة جدًّا، وجزاك الله خيرًا أنك قد قمت بزيارة الطبيب النفسي؛ لأن حالتك تأتي من صميم الطب النفسي، وأنت تعاني من شيء من قلق المخاوف، وتضارب الأفكار يظهر أنها نوع من الوساوس، وإن كان هنالك أي نوع من الاكتئاب المصاحب فهو اكتئاب ثانوي وليس اكتئابًا أساسيًا.

الأدوية التي وُصفت لك أدوية ممتازة، أدوية فاعلة، أدوية تخصصية، وحتى يستفيد الإنسان من الدواء لا بد أن يلتزم بجرعته والمدة العلاجية التي وصفها الطبيب، وفعالية الدواء تحتاج لبعض الوقت في كثير من الناس، وهنالك تباين وفروق كبيرة بين الناس في درجة تفاعلهم مع الأدوية.

لكن بصفة عامة نستطيع أن نقول: إن فعالية هذه الأدوية تبدأ بعد أسبوعين من تناولها، وتصل قمة فعاليتها البيولوجية والكيميائية بعد شهرين إلى ثلاثة أشهرٍ من الاستعمال المستمر.

فالحمد لله تعالى الأمر فيه سعة، وهذه الأدوية ليست خطيرة، وهي سليمة جدًّا، فيا أخِي الكريم: تناول الدواء بانتظام، واسأل الله تعالى أن ينفعك بذلك.

الأفكار الخيالية لا تنزعج لها، سوف تختفي تمامًا، حاول أن تحقّرها وأن تصرف انتباهك عنها، هي جزء من حالة القلق ذي الطابع الوسواسي.

إذًا تحقير الفكر السلبي وصرف الانتباه عنه هو أحد العلاجات السلوكية الأساسية، وفي ذات الوقت ممارسة الرياضة، وتمارين الاسترخاء أيضًا نعتبرها ذات فائدة كبيرة جدًّا، فاحرص عليها.

وأن تكون لك برامج حياتية واضحة، تقود من خلالها نفسك نحو ما هو مفيد ونافع لك ولغيرك، هذا يُزيح تمامًا التفكير حول المخاوف؛ لأن الإنسان لديه وجدان معرفي، وهذا الوجدان المعرفي إذا تركناه فراغًا ننشغل بأشياء كثيرة، الخوف، الوساوس، الأمراض والخوف منها – وغير ذلك – لكن حين نكون فعّالين ونستفيد من طاقاتنا النفسية والجسدية قطعًا سوف نستطيع أن نغيِّر ما بأنفسنا، كما قال الله تعالى: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}.

فإذًا هذه هي العلاجات السلوكية المطلوبة، وأنا دائمًا أُناشد الناس وأذكّر نفسي أن الذكر والتسبيح باعث للطمأنينة، وخير الذكر والتسبيح هو الصلاة في وقتها، وتلاوة القرآن، فكن حريصًا على ذلك، ومن جانبي أسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد، وأنت لا تحتاج لأي إضافات بجانب ما ذكرته لك وذكره لك الأخ الطبيب المعالِج.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً