الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

والدي أرغمني على أخذ قرض ربوي، كيف أتوب من هذا الذنب؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أنا شاب أبلغ من العمر 30 عاماً، أعمل بوظيفة حكومية، قبل عامين ونصف تقريباً اشتد الحال على والدي، وكان لديه ديون كثيرة للغير، فألح عليّ لأخذ قرض من البنك لتسديد الديون.

مع العلم أنني رفضت أخذ القرض، لكن والدي غضب، وبدأ يدعو عليّ، في النهاية أخذت القرض من البنك، وقمت بتسديد ديون والدي.

شعرت بالندم الشديد، وشعرت بأن ربي سيحاسبني على ما فعلت، فأرجو منكم مساعدتي بالأدعية المستحبة لإرضاء ربي، والتوبة من هذا الذنب، مع العلم بأنني ملتزم بصلاتي وصيامي.

وشكرًا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك في موقعك إسلام ويب، وإنَّا لسعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله أن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدِّر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبخصوصِ ما تفضلت بالسُّؤال عنه فإنَّنا نسأل الله العلي القدير أن يغفر لك، وأن يسامحك، وأن يعفو عنك وأن يجعلك من البارين بوالديك.

ونحن نبشرك -أخي الحبيب- برجوعك إلى الله، فما أنت فيه من الندم والحسرة دليل على صدق توبتك وإنابتك إليه سبحانه، وهو سبحانه يفرح بتوبة عباده ويقبلها، فلا تيأس من روحه ولا تقنط من رحمته، واعزم على ألا تعود إلى تلك المعصية، وأكثر من الاستغفار والأعمال الصالحة، واعلم أن الحسنات يذهبن السيئات.

واعلم -أخي الفاضل- أن الندم توبة كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهي الرجوع عما يكرهه الله من العبد ظاهرًا وباطنًا، وهي أول المنازل وأوسطها وآخرها كما قال ابن القيم، وهي بداية العهد وخاتمته، وهي ترك الذنب مخافة الله -عز وجل-، وهي استجابة لأمر الله، طاعة لأمر ربك سبحانه وتعالى: { يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً}، وهي سبب لفلاحك في الدنيا والآخرة، قال تعالى: {وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون }، وهي الجالبة لمحبة الله لك، قال تعالى: { إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين }، وهي سبب لدخولك الجنة ونجاتك من النار، قال تعالى: { فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئاً }، وهي الجالبة لنزول البركات من السماء وزيادة القوة والإمداد بالأموال والبنين، قال تعالى: { ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدراراً ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين }، وهي من أسباب تكفير سيئاتك وتبديلها إلى حسنات، قال سبحانه: { إلا من تاب وآمن وعمِل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً }.

وقد ذكر أهل العلم أن العبد إن تاب من القرض الربوي يجب عليه رد المال المقترض بدون فوائده إن استطاع، وإن لم يستطع فليدفعها ويستغفر الله تعالى.

نسأل الله أن يعفو عنك، وأن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يحفظ والدك، واجتهد في بره -أخي الحبيب- فإنه باب الجنة لك، والله المستعان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً