الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

محتاج إلى الزواج ولكني بغير عمل، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم

شهوتي قتلتني، وأرغب بالزواج، والحمد لله لم أقع بالحرام، لكن أرغب بالزواج، وكلما أحدث الوالد ليزوجني يقول لي: ارفع نفسك تتزوج؛ يقصد: توظف وارفع رأسك مثل الرجال وتزوج، لكن المشكلة أني لم أحصل على وظيفة، والله إني تعبت من البطالة.

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

يسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يُسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يُجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين، وأن يمُنَّ عليك بعملٍ صالحٍ طيبٍ مباركٍ، وأن يُكرمك بزوجةٍ صالحةٍ تكون عونًا لك على طاعته ورضاه.

وبخصوص ما ورد برسالتك –ابني الكريم الفاضل عبد الرحمن–: فمما لا شك فيه أن الفترة السِّنية التي أنت فيها هي أخطر مرحلة تمر بالشاب المسلم؛ لأن الإنسان يُصبح رجلاً بمجرد البلوغ، ومما لا شك فيه أنك قد تجاوزت هذه المرحلة، وإلى الآن لم تتزوج وهناك هذا الداعي الفطري الذي فطر الله الناس عليه، داعي الشهوة يُلح عليك بشدة وبقوة.

وأنت إلى الآن كما ذكرت تفضَّل الله عليك بأنك لم تقع في الحرام، وهذا من محبة الله لك، ومن علامات رضوان الله عليك؛ لأن النبي –صلى الله عليه وسلم– قال: (عجب ربُّك من شابٍّ ليستْ له صبوة) وقال أيضًا: (سبعة يُظلهم الله في ظله يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه، ومنهم شاب نشأ في طاعة الله) نسأل الله أن يجعلنا وإياك منهم.

فأنت من هؤلاء الكرام الذين أكرمهم الله تبارك وتعالى بالشباب النقي، وأسأل الله أن يُديم عليك نعمة العفة ونعمة الفضيلة ونعمة البُعد عن الحرام.

ولكن –يا ولدي– عليك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى أن ييسِّر الله أمرك، وعليك بطرق باب والدك مرة بعد مرة، وإن استطعت أن توسِّط بينك وبين والدك أحدًا ممن له تأثير على والدك لتغيير هذا القرار، حتى تستطيع أن تُعان على غض بصرك وتحصين فرجك يكن خيرًا، وحاول –بارك الله فيك– أن تجتهد في البحث، وأن تترك المكان الذي أنت فيه وأن تذهب إلى أي مكان آخر، لعلك تجد فرصة في بلدة أخرى، كما قال الله تعالى: {ألم تكن أرض الله واسعة فتُهاجروا فيها}.

أحيانًا قد تكون الأرزاق متوقفة في مكانٍ من الأماكن، فما أن يتحرك الإنسان حتى يفتح الله له، ولذلك أنت في المملكة تجد ملايين من المغتربين الذين جاءوا من بلادهم يعملوا في بلادكم؛ لأن الله جعل أرزاقهم هناك مع أرزاقكم، وكذلك لا مانع أيضًا من أن أخرج أنا من بلدتي وأذهب إلى إحدى دول الخليج المجاورة، أو أذهب إلى إحدى المدن الأخرى غير المدينة التي أنا بها، متحصِّنًا بالإيمان والتقوى والتوكل على الله تعالى، وما دام معك شهادة علمية لعلَّ الله أن يمُنَّ عليك بعمل، حتى وإن كان الدخل قليلاً، المهم أن تبدأ العمل.

وأوصيك بالصوم والإكثار منه قدر الاستطاعة، حتى تستطيع أن تُطفئ ولو بنسبة معقولة حِدة هذه الشهوة؛ لأن النبي –صلى الله عليه وسلم– قال: (من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أحصن للفرج وأغض للبصر، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)، فأكثر من صيام النوافل في خلال هذه الأيام، لعل ذلك أن يحُدَّ من شدة الشهوة وثورتها.

عليك أيضًا بالإلحاح على الله تبارك وتعالى، والدعاء في أوقات الإجابة خاصة في جوف الليل، أن الله ييسِّر لك عملاً تستطيع به أن تتزوج، كذلك عليك بالدعاء أن يمُنَّ الله عليك بزوجة صالحة، وأكثر من الاستغفار؛ لأن الاستغفار كما ذكر الله تبارك وتعالى: {فقلتُ استغفروا ربكم إنه كان غفّارًا * يُرسل السماء عليكم مِدْرارًا * ويُمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارًا} فهذه مجاديح السماء كما ذكر أمير المؤمنين عمر –رضي الله عنه– أي مفاتيح السماء ودِلاؤها.

كذلك أيضًا عليك بارك الله فيك بالإكثار من الصلاة على النبي –صلى الله عليه وسلم– بنيَّة أن يمُنَّ الله عز وجلَّ عليك بعمل صالح عاجلاً غير آجل.

تحرَّك –بارك الله فيك– في أرض الله، ولا تقعد في مكانك الذي أنت فيه، وحاول، حاول -كما ذكرت- أن تتحرك يمينًا ويسارًا، وأن تتوجه إلى الله بالدعاء، وأن تُكثر من الاستغفار والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأن تحاول مع والدك، وبإذن الله تعالى سيجعل الله لك مخرجًا عاجلاً، وأسأل الله أن يمُنَّ عليك بذلك، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً