الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعد وفاة والدي أصابتني صدمة فصرت أخاف كثيراً، فما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة بعمر 17 سنة، في السنة الماضية توفي أحد أفراد عائلتي إثر حادث مروري، وكان الخبر قد أثر بي بشدة، ذهبت لتوديعه في المغسلة ورأيته وودعته، وبعد وفاته بفترة، ذهبت ذات ليلة للنوم، وأنا على الفراش أتاني شعور غريب! وكأن روحي سوف تخرج، وجاءني خوف شديد جدًا، وشعرت أني سوف أموت، في تلك اللحظة الشعور لا يوصف أبدًا.

بعد هذا الهلع الذي أتاني، والخوف، انقلبت حياتي رأسًا على عقب، بدأت أخاف من كل شيء، أخاف أن أفقد أقاربي أو زملائي، أخاف من المطر وصوت الرعد، أخاف من أتفه الأشياء.

تغيرت كثيرًا، ونفسيتي أصبحت سيئة، أصبحت أخاف حتى من الصلاة، وحينما أصلي الوتر وأدعو الله أن يبعد عني هذا الشعور، يأتني الوسواس، ويقول لي: إني سوف أموت في هذه اللحظة، أصبحت أكره السفر بالسيارة، يأتيني وسواس يقول: سوف نموت في حادث، وكل الأشياء أصبحت أربطها بالموت!

الأعراض التي تأتيني هي حالة فزع غريبة، وقلق شديد، ضيق بالتنفس، وأطراف أظافري يصبح لونها أزرق، وأسمع صفيراً بأذني، وأشعر بدوخة، أشعر وكأنني في حلم وليس حقيقة، أحيانا تأتيني هذه الحالة فجأة دون سابق إنذار، وأحيانا تأتي بعد أن يتكلم أحد معي عن الموت‘ وتظل نوبة الهلع مستمرة معي لساعات طويلة جدًا!

لا أريد الذهاب إلى طبيب نفسي ولا العلاج، أخاف أن تصبح نفسيتي أشد سوءاً من ذي قبل، حاولت أن أبعد الأفكار عني، وأفكار الموت خاصة، ولكن الوسواس مسيطر علي لا أستطيع دفعه أبدًا.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نورة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله تعالى الرحمة والمغفرة لموتاكم وموتانا وموتى جميع المسلمين، وأن يرحمنا ويغفر لنا ولكم إذا صِرنا إلى ما صاروا إليه، ويختم لنا بخاتمة السعادة أجمعين.

أيتها الفاضلة الكريمة: أنت تعانين من خوفٍ مكتسب، تجربة وفاة قريبك هذا، ومن ثم ذهابك ورؤية جُثمانه في المغسلة، لا شك أن هذا قد كان كافيًا جدًّا ليتجذَّر في كيانك ويزرع في وجدانك رهبة الموت والخوف من الموت وكل ما يتعلق بالموت.

إذًا تجربة عشتِها، تجربة وجدانية جدًّا، لا أحد يستطيع أن ينكر التفاعل الإنساني الوجداني في مثل هذه المراحل، وأنتِ نسبة لسنِّك ووجدانك العطوف جدًّا تضخَّم وتجسَّد هذا الحدث لديك، وبالطبع ليس سهلاً، ومن خلال هذه التجربة، ومن خلال تحريك مشاعر نفسية داخلية على مستوى العقل الباطني، أصبحت وأصبح يأتيك الخوف والتوتر والوسوسة حول الموت.

الأمر طبيعي جدًّا من الناحية السلوكية، بمعنى أن التجربة واضحة جدًّا.

أيتها الفاضلة الكريمة: هذا الأمر يُعالج من خلال آليات بسيطة جدًّا: الاستغفار، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر الله تعالى، وأن تسألي الرحمة لهذا الميت ولجميع موتى المسلمين، وألا تجعلي هذا التفكير يسيطر عليك لهذه الدرجة، انطلقي في الحياة، هنالك واجبات دراسية عليك، هنالك واجبات أسرية، من حقك أن ترفِّهي عن نفسك، من حقك أن تتواصلي اجتماعيًا، وحرصك على صلاتك في وقتها، والدعاء، مع وردٍ قرآني يومي، هذا -إن شاء الله تعالى- يسبغ عليك الكثير من الطمأنينة، قال تعالى: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب} وقال تعالى: {قد أفلح من تزكَّى * وذكر اسم ربه فصلَّى} وقال تعالى: {واذكروا الله كثيرًا لعلكم تُفلحون}.

أريدك أن تمارسي شيئا من الرياضة، الرياضة حقيقة تقوّي النفوس، تزيل الخوف، تزيل التوترات، والرياضة ثبت علميًا الآن أنها هي المعزز الوحيد لإفرازات كيميائية على مستوى الدماغ، هذه المواد، وهي موصلات عصبية ضرورية تُفرز من خلال ممارسة الرياضة، وهي التي تؤدي إلى الاستقرار وطمأنينة النفس إن شاءَ الله تعالى.

تمارين الاسترخاء أيضًا هي تمارين ممتازة جدًّا، نحن دائمًا نُوصي بها في إسلام ويب، لأنها من أفضل الوسائل العلاجية السلوكية التي ربط ما بين الجسد والنفس، خاصة إذا طبقها الإنسان بصورة صحيحة، ارجعي لاستشارة بموقعنا تحت رقم: (2136015) وطبقيها حسب ما أوردناها.

بر الوالدين أيضًا وجدناه من أعظم الأشياء التي تقوي النفوس وتقوي الوجدان، وتجعل الإنسان على درجة عالية جدًّا من الطمأنينة، فاحرصي على ذلك، وأنا أعرف أنك -إن شاء الله تعالى- بارة بوالديك، لكن أريدك أن تُعززي جرعات البر هذه لترتقي بك وتوصلك لمرحلة الطمأنينة.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً