الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل من طريقة أتجاوز بها التلعثم في الكلام؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

لدي مشكلة عويصة في التخاطب، أنا أتلعثم كثيراً في الكلمات، أفكاري غير منتظمة، بسبب أنني أنسى بعضها وأنا أتحدث، وقد يصل بي الحال أن أنسى الموضوع الأساسي، والذي كنت أتحدث فيه، فأضطر لقطع حديثي.

هذه المشكلة ظهرت معي منذ ثلاث سنوات تقريباً، وأثرت على ثقتي بنفسي، وضعي يزداد سوءا مع الوقت، هذا الأمر كبلني في حياتي، فلم أستطع أن أنجز أهدافي وطموحاتي في حياتي؛ لأني أتخوف من العمل مع الآخرين (فليس عندي القدرة على التواصل معهم).

العجيب أن هذا الأمر يحدث مع كل الناس، وتحت كل الظروف، بمعنى أن هذا الأمر يحدث معي، سواء في حديث بسيط مع زميلي المقرب أو أخي؛ وأيضا يحدث معي عندما أتحدث مع أستاذي في الجامعة، أو مع شخص غريب.

أرجو منكم مساعدتي، وأسأل الله لكم التوفيق والرضوان، وأن يجزيكم خير الجزاء، وأن يرزقكم الفردوس الأعلى في الجنة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عاصم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على الكتابة إلينا بهذا السؤال.

صحيح أن الحالة هذه تبدو غريبة وعويصة بالنسبة لك الآن، إلا أنها شائعة جدا، وأكثر مما تتصور، وخاصة عند الشباب.

ويبدو من خلال سؤالك أن ما عندك هي حالة من الخجل أو الارتباك الاجتماعي، ولا شك أن لهذا علاقة وثيقة مع الطريقة التي عوملت بها في طفولتك من قبل أسرتك وإخوتك، ومع تجارب الحياة التي مررت بها، وليس لمجرد ضعف أو خلل في الشخصية أو ما شابه ذلك، فتجارب الحياة هي التي أوصلتك لهذه الحال حيث تشعر بالخجل أو الارتباك والانطوائية وقلة كلامك مع الناس...فهل يستطيع الإنسان تجاوز تجارب الطفولة؟

الجواب: نعم، ليس بالسهل أحيانا، إلا أنه ممكن.

وقد يصل الخجل الاجتماعي لحد الرهاب والخوف غير الطبيعي، والتصحيح الأكثر فاعلية هو العلاج السلوكي، والذي يقوم على إعادة تعليم الشخص بعض السلوكيات والتصرفات الصحيّة كبديل عن السلوكيات السلبية، فبدل تجنب الكلام مع الناس الغرباء أو المعلمين، وإلقاء السلام عليهم أو تجنب الأماكن والمواقف المخيفة أو المزعجة، فإن العلاج يقوم على التعرض والإقدام على هذه المواقف والأماكن حتى "يتعلم" الشخص من جديد كيف أن هذه المواقف والأماكن ليست بالمخيفة أو الخطيرة كما كان يتصور سابقا.

ويشرف عادة على هذه المعالجة الطبيب النفسي أو الأخصائي النفسي، والذي يحتاج أن يكرر جلسات العلاج النفسي عدة مرات.

ولكن ليس بالضرورة على كل من يعاني من الخجل الاجتماعي أن يحتاج للذهاب للأخصائي النفسي، فكثير منهم يعالج نفسه بنفسه، والمطلوب منك الآن العمل على اقتحام مواقف الاختلاط بالناس والتعامل معهم، ومحاولة تغيير الأمر الذي اعتدت عليه، فمثلا أن تلقي السلام إذا دخلت على الناس، وعدم التجنب، فالتجنب لا يزيد المشكلة إلا تعقيدا، وسترى وخلال فترة قصيرة كيف أن ما كنت تخشاه من بعض المواقف في مواجهة الناس والكلام معهم ليست مخيفة كما كنت تعتقد.

وأنصحك أيضا بقراءة كتاب عن حالات الخجل والرهاب، فمعرفتك بهذا يزيد من احتمال تعافيك، وهناك على هذا الموقع الكثير من الأسئلة والأجوبة المتعلقة بهذا الموضوع، مما يشير إلى مدى انتشار مثل هذه الحالات، وإن كان معظم الناس يتجنبون الحديث في هذا الموضوع.

وستلاحظ وبعد تشجيع نفسك واقتحام لقاءات الناس والجرأة في الحديث معهم في واقع الحياة سواء كان هذا في قاعات الدراسة أو أجواء العمل، ستلاحظ أنك أقوى شخصية مما كنت تتصور.

ابدأ بهدوء وبالتدريج، فمثلا مع أول اجتماع لك بالناس حاول إلقاء التحية عليهم والكلام ببعض الكلمات، وستلاحظ أن الأمر أبسط بكثير مما تتوقع.

والأمر الآخر: اطمئن فمن الواضح أنت ما زلت في عمر الشباب، وستكبر وتتجاوز هذا الأمر.

أدعو الله تعالى لك بالتوفيق والنجاح.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً