الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أختي مصابة بالاكتئاب ولا تستجيب للنصح.. ساعدونا

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لي أخت في الثانوية جاءها اكتئاب ذهاني بسبب ضغوط لم تتحملها، أو حسب ما قال لنا الطبيب، ولأنها اختلطت بطالبات لا أعرف كيف أصفهن؛ لكنهن جزء من الضغوط، ومنها أننا انتقلنا إلى مكان جديد مع أناس لغتهم تختلف عنا (أكراد) بسبب أوضاع البلد التي نعيش به، لكن بعد أن أنجاها الله من المرض تركت الصلاة والعبادات الحقيقة، لم ينفع معها التوجيه والموعظة، وهي في حالة مرضية خطرة، وأسلوب الأمر معها يعيدها إلى المرض.

حسب ما قرأت عن المرض أن نسبة ضئيلة من الناس تنجو من هذا المرض، وأن الأطباء هنا لا يعطون طريقة للتعامل معها، فقط يطلبون بأخذ العلاج، فما هي الطريقة المثلى للتعامل معها؟

علمًا أنها لم يعد ينفع معها الكلام، فقد تغيرت كأنها إنسان آخر، أرجو منكم الرد بسرعة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأشكرك على توصلك مع إسلام ويب، وعلى اهتمامك بأمر أختك هذه.

أيها الفاضل الكريم: أولاً من حيث الأسباب ربما تكون الضغوط النفسية والاجتماعية ساهمت في مرض أختك، لكن لا نستطيع أن نقول أنها هي السبب الرئيسي، فلا أحد يعرف على وجه التحديد أسباب الأمراض النفسية، خاصة الشديدة منها، والعوامل الوراثية ربما تلعب دورًا، وإذا أتت بعد ذلك العوامل البيئية السلبية، فهذا قد يؤدي إلى المرض النفسي أو العقلي، خاصةً إذا كان الإنسان أصلاً له القابلية والاستعداد نسبةً لاضطراب ما أو هشاشة في شخصيته.

عمومًا بالنسبة للمناهج العلاجية: أتفق معك أن التوجيه السلوكي مهم بجانب العلاج الدوائي.

هذه الابنة – حفظها الله – لا بد أن تتناول علاجها الدوائي. فالاكتئاب الذهاني – أيها الفاضل الكريم – ينتج من اضطرابٍ شديدٍ في كيمياء الدماغ، هنالك مواد تحدث ضُعفا في إفرازها، وهنالك مواد تفقد حساسيتها، هذه المواد تُسمى بالمواد العصبية، وأهمها مادة الـ (سيروتونين Serotonin) ومادة الـ (دوبامين Dopamine)، وهذه لا يمكن أن ترجع لأوضاعها الطبيعية إلا عن طريق الدواء.

الدواء في هذه الحالات النفسية الشديدة يجب أن يستمر لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات على الأقل، وهنالك جرعة علاجية، ثم بعد ذلك تأتي الجرعة الوقائية، أعتقد أن تناولها لأدويتها حسب توجيه وإرشادات الطبيب هذا سوف يكون فيه خير كبير لها، وأنتم من جانبكم شجعوها، وحفّزوها بأن تلتزم بتناول العلاج الدوائي.

بعد ذلك سوف تسهل الأمور، ويسهل التفاهم معها، ويسهل إرشادها، ويسهل مساندتها، هذا مهم جدًّا، ومن أهم العلاجات السلوكية هي أن تُشعروها بقيمتها أنها عضو فعّال في الأسرة، فتُستشار، وتُعطى مهاماً، وتُشارك في المناسبات الاجتماعية... هذا هو التأهيل الحقيقي، لكن هذا التأهيل لا يصل إليه الإنسان إذا لم يكن يتناول علاجه الدوائي.

إذًا الوصفة هي حزمة واحدة: دواء، مساندة، توجيه، إرشاد، فعالية حياتية، وإشعار الإنسان بقيمته... هذه هي الأسس أيها الفاضل الكريم.

بالنسبة لموضوع الصلاة والعبادات: ادعوها بالتي هي أحسن، بلطف، بتأنٍ، بتدرج، -وإن شاء الله تعالى- تعود إلى ربها قويةً مؤمنةً ثابتة.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً