الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فقدت متعتي وانسجامي الدراسي!!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالبة طب في السنة الخامسة، أعاني من مشاكل في الدراسة، حيث فقدت متعتي في المذاكرة، ولم يعد باستطاعتي المذاكرة أو القراءة، إلا إذا فرضت عليّ وكانت إجبارية للاختبار، وتكررت غياباتي بشكل كبير، وحصلت على إنذارات في أكثر من مادة، وحرمت أيضاً.

لم أعد أجد أي دافع للذهاب للكلية أو المستشفى، لقد فقدت رغبتي في التعلم، والمبادرة في السؤال، خلافاً عن الثلاث السنوات الأولى، حيث إنني كنت من المتفوقات والأوائل، ولكن الآن ومنذ عامين وأنا أعاني من الدراسة، فقد فقدت قدرتي على تنظيم وقتي وترتيب أولوياتي، علماً بأن جوانب حياتي الأخرى لم تتأثر، بل أصبحت أفضل، فأصبحت أرغب في الخروج لأي مكان، بحجة تجديد نفسيتي للمذاكرة، ولكنها أعذارٌ واهيةٌ بلا جدوى.

بالإضافة لمعاناتي أثناء الكلام أمام الآخرين، فيبدأ وجهي بالاحمرار، وتتعرق يداي وقدماي، علماً بأن تعرق يدي يلازمني منذ طفولتي، ويكون موجوداً دون الحاجة لمواجهة الآخرين، ولكنه ازداد بشكل كبير عند خروجي من المنزل، ومواجهة العالم الخارجي، وفي أثناء وجودي في المستشفى.

مع العلم بأنني أقوم بتقديم عرض تقديمي أمام زميلات الدراسة حينما أكون مجبرة لنيل الدرجات، ولا أعاني من اللعثمة في الكلام، كل ما أعانيه هو الرجفة، واحمرار الوجه وتعرقه بشكل خفيف، إضافة إلى تعرق يدي، وقد بدأت معاناتي الحقيقية حينما بدأت في دراسة الحالات السريرية.

أرشدوني جزاكم الله خيراً، وما هو رأيكم في دواء (سبراليكس) لمثل حالتي؟ وهل هناك علاج له آثار جانبية أقل ومفعول أفضل؟ وماذا عن العلاج المعرفي السلوكي؟

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ طموح حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك الشفاء، والعافية، والتوفيق، والسداد.

أيتها الفاضلة الكريمة: هذا التغير والاضطراب في حالتك النفسية، وكذلك طموحك ودافعيتك حول الدراسة، هذا تغيُّرٍ كبير، ويجب أن يُعالج من وجهة نظري، وهنالك عدة أسباب، من أهمها: وجود اكتئاب نفسي، والاكتئاب النفسي قد يؤدي بالفعل إلى افتقاد الطموح وقلة الدافعية، ولكن الاكتئاب يمكن علاجه بصورة فاعلة جدًّا، وأنت ذكرت عن العلاج السلوكي، والعلاج السلوكي هو علاج يقوم على مبدأ أن الإنسان يمكن أن يُغيِّرَ ما بنفسه، والحق عز وجل يقول: {إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم}.

وعليه - وبما أنك طالبة في كلية الطب -، أنا لا أريدك أن تتناولي أي دواء أبدًا، أريدك أن تذهبي وتقابلي أحد أساتذتك الفعالين، كل كليات الطب بها أساتذة مختصين في الطب النفسي، ومن المقتدرين، وأنا متأكد أنه سوف يتم معاملتك بكل خصوصية وتقدير واحترام، وتُوضع لك بعد ذلك الخطة العلاجية، والأدوية كثيرة جدًّا، ونستطيع أن نقول: إن معظمها أدوية ممتازة، وسليمة، وقليلة الآثار الجانبية.

لا تتناولي (السبرالكس)، ولا تتناولي أي دواء آخر، حيث إن ظروفك تسمح لمقابلة الأطباء، فأنت جزء من المحيط الطبي، ويجب أن تُقدَّم لك أفضل الخدمات.

التغيير يجب أن يكون منك أنت، تغيير في التفكير، وتبديل الفكر السلبي، وجعله إيجابيًا، وعليك أن تنظمي وقتك، ويكون لديك الإصرار على الأداء، وعلى الإنجاز، وعلى تفعيل الذات، والنوم المبكر ليلاً يجعلك تستيقظين مبكرًا، وتُصلين صلاة الفجر، وسوف يأتيك إحساسٍ بأن طاقاتك بالفعل متجددة، وهنا تستعدِّي للذهاب إلى الكلية، ويمكن أن تدرسي قبل ذهابك لمدة نصف ساعة أو ساعة، هذه الساعة قيِّمة جدًّا؛ لأن مستوى الاستيعاب فيها كبير، وكبير جدًّا.

والغياب عن الدراسة خطير جدًّا، وأنا أعتبره نوعاً من التمرد على الذات، مهما كانت درجة الإحباط، مهما كان افتقاد الفعالية والدافعية يجب أن تذهبي إلى الكلية أيتها الفاضلة الكريمة، قد تَحسِّي بأن الأمر مستعصيًا، لكن قطعًا إذا انتظمت لمدة أسبوع إلى أسبوعين سوف يعود عليك - إن شاء الله تعالى- هذا بمردود إيجابي كبير، وهنا تكوني قد غيَّرتِ ما بنفسك، بمعنى أنك قد أخذت بالسبب، والاستفادة من الطاقات العظيمة التي حباك بها الرحمن تعالى.

أيتها الفاضلة الكريمة: التغيير ممكن، وممكن جدًّا، ما دام الإنسان واعيًا ومستبصرًا، ولابد أن تحسِّي بشيء من التنافسيَّة في الحياة، التنافسيَّة الشريفة، التنافسيَّة التي لا يشُوبها الحسد، نحن الآن في عالم تنافسيٍّ جدًّا، وأعتقد أن خير ما يتزود به الإنسان في هذه الدنيا من أسلحة هما سلاحي العلم والدين، فكوني حريصة على ذلك.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على التواصل مع استشارات إسلام ويب

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً