الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قلقة وخائفة من مواجهة الآخرين ومن الإصابة بالمس، فما العلاج؟

السؤال

السلام وعليكم ورحمة الله وبركاته.

بداية أود أن أشكركم شكرا جزيلاً على هذا الموقع الرائع، أسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتكم.

عندما كنت صغيرة كنت خجولة ولا أختلط كثيرا مع البنات في المدرسة، كنت أكتفي بصديقة واحدة، وكنت أخاف خوفاً شديداً من الجن والمس؛ لأن خالتي كان عندها مس، وإذا ذهبت لحفلات الزواج كانت تتعب، كنت أراقب حالتها، ولهذا السبب أصبحت أخاف الذهاب للأعراس والرقص، أخاف أن يحصل لي مثلها.

في مرحلة المراهقة تغيرت تماما، وأصبحت إنسانة أخرى، صار عندي صديقات أكثر، ولا أخجل كثيراً، ولكني أخاف إذا أردت الذهاب لبيت جدي أضطر للذهاب مع أمي؛ لكي أرتاح أكثر وأكون جريئة، وعندما أصبح عمري 18 سنة تزوجت، والآن عندي ثلاثة أطفال -ولله الحمد-.

مشكلتي الكبيرة بدأت قبل ثلاث سنوات، كنت ذاهبة لحضور زواج ابنة خالي، وعندما كنت في السيارة قرأت آية الكرسي والمعوذات ومسحت على كل جسمي ودخلت لقاعة العرس، كنت عادية جداً ومرتاحة، فقمت أرقص، وعندما انتهيت ورجعت مكاني شعرت بضيقة شديدة، وشعرت بشعور غريب جدا كأني ضائعة، ولا أعلم ماذا حصل لي؟ أحسست بأن الجميع ينظر إلي، شعرت بالخوف، فقلت في نفسي: لعلي أصبت بما أصيبت به خالتي؟ فازداد خوفي أكثر، وتمنيت أن تنتهي الحفلة بسرعة؛ لأني أعتقد أن الكل لاحظ ما أصابني، ولكن لا أعلم ما الذي لاحظوه علي؟ وانتهى الزواج، ثم خرجت، وأصبحت بعد ذلك أحسن -ولله الحمد-.

وفي اليوم الثاني أخبرت زوجي بما حدث لي بالأمس، فقال لي: ليس بك إلا العافية، وفي نفس اليوم سألتني أختي ما الذي حصل لك بالأمس؟ كنت متوترة، قلت لها: ربما موعد الدورة قد اقترب.

منذ ذلك اليوم وإلى هذا اليوم لم أذق طعم الراحة، أقول في نفسي: أنا متأكدة من أن الذي أصابني هو المس، وذهبت لشيخ يرقيني، فقال لي: لا أرى شيئاً -ولله الحمد-.

أعراضي هي: ضيقة قوية، أخاف خوفاً شديداً من التجمعات ولا يمكنني الذهاب إليها، عندما أزور أهل زوجي أحس بتوتر وخوف وقلق وارتباك وضيقة، وأتمنى أن أخرج بسرعة، وإذا زارني شخص من الأهل في البيت تأتيني نفس الأعراض.

لا أخاف من الأغراب، ولكني أخاف من الناس الذين أعرفهم، كما أني أقرأ القرآن –بفضل الله-، ولكني أشعر بأن حياتي أصبحت جحيما، والآن سوف يتشتت بيتي وعيالي بسببي، فقد انتقلت من البلد الذي فيها الأهل وذهبت إلى بلدة ثانية هربا من تجمعات الأهل.

آسفة على الإطالة، وأسأل الله أن يوفقكم ويسدد خطاكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نورة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنت ليس لديك حالة مرضية حقيقة، كل الذي بك هو درجة بسيطة من قلق المخاوف، وأعتقد أن هذه الأفكار قد ترسخت في وجدانك وذاكرتك؛ لأن الاعتقاد في مجتمعنا حول الجن والمس، وتداخلات هذه الغيبيات، واختلاط الحقائق بما هو غير حقيقة، وأمور الشعوذة؛ هذا أخل كثيراً بالصحة النفسية للناس، أنا متأكد أن قناعتك إيمانية وقناعة راسخة، أن -الله تعالى- هو النافع وهو الضار، وأن الله خير حافظا، هذا يجب أن يكون منطقك التفكيري، فهذا مهم جداً.

الأمر الثاني: تحقير فكرة الخوف وتجاهلها، أعتقد أن ذلك أمر مهم وضروري.

ثالثاً: أنت –والحمد لله- لديك إيجابيات طيبة في حياتك، لديك الزوج، لديك الذرية، لديك كل ما يمكن أن يجعلك هانئة وسعيدة في هذه الحياة، فلا تشغلي نفسك بالسلبيات وكثرة العائلة، فهذا -إن شاء الله تعالى- فيه خير وفيه بركة، ولا تنظري له بالسلبية أبداً، لكن نظمي وقتك حتى تستطيعي أن توازني وتوفقي بين الالتزامات الاجتماعية، والالتزامات الزوجية، والتربوية، والأطفال، والتزاماتك حول نفسك، فإن لنفسك عليك حقا، إذاً فترتيب الوقت وتنظيمه يجعلك أكثر كفاءة من حيث المقدرات النفسية، والاجتماعية.

أيتها الفاضلة الكريمة: درجة القلق والمخاوف التي لديك سوف تستجيب كثيراً على العلاج الدوائي أيضاً بجانب ما ذكرته لك، فإن تيسر لك أن تذهبي وتقابلي أحد الأطباء المختصين في الصحة النفسية؛ فهذا سوف يكون أمراً إيجابياً، وإن لم يتيسر لك، واقتنعت بتناول الدواء؛ فأرى أن العقار الذي يعرف باسم زيروكسات، ويسمى باروكستين هذا هو اسمه العلمي، وفي أمريكا الشمالية وكندا يسمى باكسيل، تحتاجين لأن تتناوليه بجرعة 12.5 مليجراما، وهذا يسمى زيروكسات أو باكسيل سي أر، استمري على هذه الجرعة تناوليها بعد الأكل ليلاً وتستمري عليها لمدة شهر، بعد ذلك اجعليها 25 مليجراما يومياً لمدة ثلاثة أشهر، ثم 12.5 مليجراما يومياً لمدة ثلاثة أشهر، ثم 12.5 مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

الدواء دواء رائع جداً لعلاج قلق المخاوف، وتحسين المزاج، وهو غير إدماني وغير تعودي، ولكن ربما يؤدي إلى زيادة بسيطة في الوزن عند بعض الناس، وننصح أيضاً بعدم استعماله في أثناء الحمل.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً