الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بالخوف من أي مشكلة وأضخّم الأمور وشخصيتي ضعيفة، ما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

جزى الله القائمين على هذا الصرح خير الجزاء على ما يقدمونه من نفع للناس.

أنا شاب، بعمر 25 سنة، متزوج، وموظف، لديّ طفل -ولله الحمد-، مشكلتي هي أنني أخاف بشدة من أي مشكلة أو أي موقف ضدي، مع أي شخصٍ كان، لا أستطيع أن أدافع عن نفسي بالشكل المطلوب، حصلت لي بعض المواقف الجنسية في صغري، وأيضاً لدي أبوان سلبيان إلى أبعد درجة، وطريقة تربيتهم كانت قلقية جداً، فكنت أخشى كل شيء في صغري بسبب طريقتهم في تربيتي.

كانت تعتمد تربيتهم على لا تفعل وافعل، فأصبحت أخاف من أي موقف، وخصوصاً إذا كان الموقف متوترًا، يأتيني شعور بالخفقان والتعرق ورجفة في اليد وتلعثم في اللسان، وأتخيل أن الدنيا انقلبت على رأسي، حتى لو كنت على صواب، لا أستطيع المدافعة عن نفسي بالشكل المطلوب.

أيضاً مع زوجتي، تكون هناك بعض اختلافات الرأي، وبعض المشاكل الصغيرة، فتنقلب الدنيا، وأكبِّر الموضوع، وتصبح ضجة من لا شيء، تكمن مشكلتي في تضخيم حجم المشكلة، وحمل همها، ودائمًا يحصل لي مثل هذه المواقف؛ أنني أحمل هم الموقف، حتى لو كان سخيفاً، أيضاً أشعر بنقص في ثقتي بنفسي، وأشعر بالفزع من أي خبر؛ بسبب ضغوطات الحياة التي أواجهها.

أرجو منكم أن تصرفوا لي الدواء المناسب لتخفيف حالتي؛ لأنني فعلاً أشعر بتعب نفسي كبير.

جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ راجي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

موضوع التجارب السلبية في مرحلة الطفولة؛ نحن لا نقلل من أهميتها النفسية، لكن في ذات الوقت، الآن هنالك دراسات كثيرة جدًّا تُشير أن الإنسان إذا نظر لحاضره بإيجابية ولم يخف من المستقبل واستفاد من تجارب الماضي، حتى وإن كانت سلبية، هنا الإنسان يستطيع أن يعيش حياة نفسية متوازنة جدًّا.

أخِي الكريم، ما حدث لك في الصغر قد انتهى، قطعًا المواقف الجنسية مؤسفة، لكن -إن شاء الله تعالى- بشيء من الاستبصار والثقة بالنفس تتخطى آثارها السلبية.

أما بالنسبة للمنهج التربوي الذي انتهجه أبواك فلا أريدك أبدًا أن تنظر إليه بسلبية، الآباء والأمهات يُحبون أبناءهم حبًّا جبليًّا وفطريًّا، وقد تكون لهم اجتهادات خاطئة في التربية في بعض الأحيان، كل أب أو أم؛ تجده يجتهد ويُجاهد حتى يكون أبناؤه أفضل منه من الناحية التربوية، لكن قد تقع أخطاء، فأرجو ألا تحمِّل هذه الفترة –أي فترة التنشئة- أكثر مما تتحمل، وكن إيجابيًا حول حاضرك.

موضوع تضخيم وتجسيم الأحداث نجده عند الأشخاص القلقين، الأشخاص الحسَّاسين، الأشخاص الذين يميلون إلى الكتمان وسوء التأويل، فكن منطلقًا مع ذاتك، وكن منطلقًا مع الآخرين، وأنت لديك إيجابيات عظيمة جدًّا في حياتك، فهنالك الزوجة وهنالك الذرية وهنالك الوظيفة، نِعمٌ عظيمة جدًّا لديك، وبشيء من الترتيب والانطلاق بنفسك وذاتك، وأن توثِّق تواصلك الاجتماعي، وأن تطوّر مهاراتك، أعتقد أنك تستطيع أن تتخطى كل الذي أنت فيه.

بالنسبة لتضخيم وتجسيد الأمور: يمكن أن تدخل في مقارنات، هنالك أحداث في العالم ضخمة جدًّا، هذه الأحداث من صنع البشر، هنالك من يحمل زر القنبلة النووية، هو أيضًا من البشر، فيا أخِي الكريم، اجعل هذه المقارنات وهذه المقاربات، وأعطِ كل موقفٍ حقه، ودائمًا ابدأ ببسم الله، وانتهِ بـحمد الله، وكن يقظًا حيال هذه المفاهيم، فهي تعود عليك بخير عظيم.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أنا أرى أن عقار (زولفت)، والذي يسمى علميًا باسم (سيرترالين)، ويسمى تجاريًا أيضًا (لسترال) سيكون مفيدًا لك، أنت تحتاج لجرعة صغيرة، وهي أن تبدأ بنصف حبة (خمسة وعشرين مليجرامًا)، تناولها ليلاً لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها حبة كاملة ليلاً، واستمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة لمدة شهرين، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهرٍ، ثم توقف عن تناول الدواء.

الدواء –بفضل الله تعالى– من الأدوية السليمة والفاعلة، ربما يؤخر قليلاً القذف المنوي عند الجماع، فلا تنزعج لهذا الأثر الجانبي إن حدث.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً