الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دعاء الوالد على ولده

السؤال

هل عفو الوالد عن ولده يرفع ويمنع استجابة دعوة الوالد على ولده؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أمين الشيباني حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يجعلك من أهل البر والعطف على والديهما، وأن يُصلح ما بينك وبين والدك، وأن يرزقك رضاه ورضى والدتك، وأن يجعلك من صالح المؤمنين.

وبخصوص ما ورد برسالتك من سؤالك هل مسامحة الوالد لولده ترفع وتمنع استجابة دعوة الوالد على ولده؟
الأصل في ذلك ينبغي عليك أن تعلم أن الدعاء هو أحد أسباب التغيير، ولعل من أقوى هذه الأسباب –كما هو مُشاهد في السنة وكما هو مبيَّنٌ أيضًا في كلام الله تبارك وتعالى– فإن الله دمَّر حضارات كاملة على رأس أصحابها ببعض دعاء أولياء الله تعالى، عندما عتا الناس وظلموا وطغوا وبغوا، كما هي قصة نوح عليه السلام، وكما ورد ذلك في قصة عادٍ، وفي قصة ثمود، وقوم لوط، إلى غير ذلك.

فالله تبارك وتعالى جل وعلا دمَّر هذه الحضارات الفاسدة البائدة المفسدة في الأرض بدعاء الصالحين من أوليائه.

فينبغي أن نعلم مع هذا أن الدعاء أقوى وسيلة من وسائل التغيير، لأن الله تبارك وتعالى هو الذي أمرنا به، ووعدنا بأنه يستجيب لنا، ولا يوجد هناك أصدق من الله حديثًا ولا أصدق من الله قِيلاً.

فالدعاء شأنه عظيم، وينبغي على المسلم أن يُلح على الله تعالى في كل أمرٍ وأن يلجأ إليه، وأن يعلم أن الله يُحب الملحين في الدعاء، وأن يعلم أن الدعاء أكرم شيء على الله تبارك وتعالى كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (ليس شيء أكرم على الله من الدعاء).

إلا أن الله لا يُحب المعتدين في الدعاء، أي المتجاوزين، ومن التجاوز أن يدعو الوالد على ولده، لأن النبي نهى عن ذلك –صلوات ربي وسلامه عليه– عندما قال: (لا تدعو على أنفسكم ولا على أموالكم ولا على أولادكم، لئلا توافقوا ساعة إجابة فيستجيب الله لكم).

فعلى الوالد مهما كان الخلاف الذي بينه وبين ولده ألا يدعو عليه، إلا أنه حدث ودعا الوالد على ولده وسأل الله تبارك وتعالى بعد ذلك أن يغفر لولده وأن يتوب عليه، وألا يستجيب لدعائه فيه، فإن الذي استجاب لدعائه عندما دعا على ولده يستجيب له أيضًا عندما دعا لولده؛ لأن الذي يُجيب الدعاء في كل الأحوال إنما هو الله تبارك وتعالى.

ولذلك إذا سامح الوالد ولده فعلاً، وإذا عفى عنه، وإذا دعا له بالخير فإن الله يستجيب له، ويُغيِّر الله تبارك وتعالى قدَره، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبرنا بقوله: (لا يردُّ القضاء إلا الدعاء) وقال أيضًا: (إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل) فإذا كانت الدعوة الأولى قد أحدثت مشكلة عند الولد فإن دعا والده مرة ثانية فإن الله يرفع أثر هذه المشكلة كما هو ملاحظ ومُشاهد في كلام الله تعالى وكلام نبيه -صلى الله عليه وسلم- وواقع الناس.

إذًا أقول لك: نعم، إذا حدثت هناك مسامحة وعفو من قِبل الوالد ورضًا منه على ولده، فإن دعا لولده بالخير وبتغيير الواقع إلى الأحسن فإن الله يستجيب له، لأن هذا هو فضل الله تبارك وتعالى للوالدين، فدعوة الوالد لولده مستجابة، كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهنَّ) وعدَّ منها (دعوة الوالد لولده) وفي رواية (دعوة الوالد على ولده).

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً