الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دخلت في علاقات مشبوهة وتبت منها، ولكنني أخشى على سمعتي مستقبلاً

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ترددت كثيراً في مراسلتكم، لكن بعد تفكير عميق قررت الكتابة والفضفضة قليلاً لكم، علني أجد نصيحة تعيد توازني أو صدراً رحباً يتفهم كلامي، ويبادر بإرشادي وتوجيهي.

أنا في مشكلة كبيرة، وفي ضيق شديد، لا يعلم به إلا الله، لا أدري ماذا أقول، لكنني منذ أن وعيت وأنا في ابتلاءات -والحمد لله على كل حال-.

منذ سنوات وأنا مصابة بمرض جلدي، لم ينفع معه لا دواء ولا طبيب، يخبرونني أنه ليس هناك علاجاً يحد من المرض، لكن مع ذلك لم أيأس، وجربت جميع المراهم، ولجأت إلى الطب البديل، ولكن بلا فائدة، فالمرض عمل على تشويه جسمي وإسقاط شعر رأسي، بقيت صابرة ومحتسبة وأعاني في صمت.

أنا فاشلة في كل شيء، حصلت على الثانوية العامة قبل ست سنوات، لكنني لم أتم دراستي، وجميع صديقاتي حصلن على الشهادة الجامعية، ومنهن من أصبحت تعمل، وأنا كما أنا، لم أفعل أي شيء سوى أنني تحملت مسؤولية البيت من طبخ وكنس وغيره، كل أشغال البيت علي.

حتى في ما يخص الزواج، تمت خطبتي مرة مدة 8 أشهر، حتى جهزنا كل شيء للعرس، ولم يتبق على الزواج سوى شهر واحد، وتراجع الخطيب، انهرت ومررت بأزمة -الحمد لله-، وتقدم لخطبتي الكثير بعده، لكنني رفضت لعدم الارتياح، رغم أنني أتمنى أن أتزوج وأصبح أماً، والعمر يمضي، والآن عمري 24 سنة.

مشاكل عائلية أثرت علي كثيراً، فأردت الهروب من هذا الجو الكئيب، ووقعت في المحظور، تكلمت مع شباب، ولم يبق ذنب لم أرتكبه، وآخر شيء فعلته هو أنني تعرفت على شخص عن طريق النت، ووثقت فيه، وأعطيته صوري، وكنا نتحدث على (الكام) لساعات طويلة، ووقعت معه في المحظور، وفعلنا الكثير، لكن اكتشفت أن كل كلامه كذب، وبعد فترة وجدت صوري في حساب شخص موجود في قائمة أصدقائه، طلبت منه أن يمسح صوري، فأخبرني أن الحساب لأحد أصدقائه، وقد سرق منه الصور، لم أصدقه، وشككت في كلامه، وحاولت حذف الصور بأية طريقة، وتمكنت من إيقاف ذلك الحساب، واكتشفت أنه متزوج ولديه ابنة، وأن جميع المعلومات التي أخبرني بها كاذبة.

تركته وندمت أشد الندم على ما فعلت، وتبت إلى الله و-الحمد لله- واظبت على الصلاة منذ أربعة أشهر، وواظبت على صلاة الفجر، وأتصدق دائماً لكي يرفع الله عني هذا البلاء الذي أصابني بسبب ذنوبي، أدعو الله دوماً أن يسترني.

الآن أعيش في رعب وخوف من الفضيحة؛ لأنني معروفة بالسمعة الحسنة والأخلاق الطيبة، لكنها غلطة عمري، وأنا أدعو الله دائماً أن يغفر ذنبي ويسترني، بالله عليكم انصحوني، ماذا أفعل؟ وليس بيدي حيلة إلا الدعاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك بين آباء وأخوان يحرصون عليك، فأنت في مقام البنت والأخت، ولا تستحقين سوى الاحترام والتقدير، ونبشرك بأن ربنا تواب قدير، ونسأله سبحانه بأن يتوب علينا وعليك، ويتجاوز عن التقصير، وثقي بأن الرحيم الذي سترك وأنت على معاصيه لن يخذلك بعد أن أقبلت عليه، وأصبحت ممن يسجد له ويناجيه، ومن التي أقبلت على الله بصدق ولم يقبلها ويوفقها ويحميها؟

ولا يخفى عليك أن المهم هو صدق التوبة، وإيقاف العبث؛ لأن الله يستر على الإنسان، لكن إذا استمر على المعصية، وبارز الله بالعصيان، فإن الله يفضحه ويخذله ويهتكه (ولا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون).

فتعوذي بالله من شيطان أوقعك في الأخطاء، والآن يحاصرك ويحزنك ليدفعك إلى اليأس من رحمة الرحيم، وهذه كبيرة وجريرة، ومن ثم يدفعك للاستمرار في الخطأ ومعالجة الخطأ بما هو أكبر منه، وهذا أسلوب الشيطان، قال سبحانه: (كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني برئ منك).

فاستري على نفسك، وأكثري من الحسنات الماحية، فإن الحسنات يذهبن السيئات، وثقي بأن ما عند الله من توفيق وخير لا ينال إلا بطاعته سبحانه، وتجنبي التفكير في الماضي، وإذا ذكرك الشيطان ليحزنك فغيظيه بتجديد التوبة، وبترديد الاستغفار، واعلمي أن عدونا يحزن إذا تبنا، ويتأسف إذا استغفرنا، ويبكي إذا سجدنا لربنا، فعامليه بنقيض قصده، وابتعدي عن شياطين الإنس؛ فإنهم أخطر، وما أكثرهم في أجواء الشبكه العنكبوتية المليئة بالشر والكذب والخداع، وأنت أعلم بما يفعله أهل الإجرام، ولكن عزاءنا أن المكر السيء لا يحيق إلا بأهله.

وأنت لست فاشلة، والذي أوصلك بفضله إلى الثانوية هو الذي يستطيع أن يوفقك ويدفع بك إلى الإمام، فتوجهي إليه بالصلاة والدعاء والصيام، وابتعدي عن الحرام، فأنت -ولله الحمد- مطلوبة، وبابك مطروق، وسوف يأتيك ما قدره لك القدير، فحافظي على حيائك لتكوني مطلوبة عزيزة لا طالبة ذليلة.

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، ونسأل الله لك التوفيق والسداد، ونسعد بالاستمرار في التواصل مع موقعك، ونتشرف بمساعدتك، ونسأل الله أن يعينك وينصرك ويثبت خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • فلسطين وعدجمال

    الله سبحانه وتعالى غفور رحيم ومن لجا اليه لن يندم ابدا بالاستغفاروالدعاء والمداومه على الصلاة سيفرج الله همك فالانسان خطاء ولكن عيه انيتوب وان لن يرجعلخطاءه

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً