الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من أفكار ووساوس شديدة، ما العلاج الفعال للتخلص منها؟

السؤال

السلام عليكم
جزاكم الله كل خير, كنت قد استشرتكم سابقًا في حالتي النفسية, وبعد معاناة 6 سنوات ذهبت لطبيب نفسي شخص حالتي بالوسواس القهري.

بدأت بتناول الفافارين قبل سنتين 300 ملغم، مع نصف ملغم رسبال, الحمد لله، ذهبت جميع الوساوس, ولكن وسواس واحد وهو أني أريد رؤية الأموات أحياء مرة ثانية، استمر ستة أشهر بعد تناول العلاج، تدرج في البداية بأني أريد رؤية حماي المتوفى ثم اختفى بعد شهرين، وبعد ذلك بعمي المتوفى لمدة شهرين ثم اختفى ثم السوريين القتلى في سوريا ثم بالعالم أجمع, ولكن كل ذلك اختفى بفضل الله تعالى, شعرت بتحسن شبه كامل لمدة 5 شهور, ثم انقطعت عن الدواء فجأة.

عاد الوسواس نفسه مرة أخرى لمدة 20 يوما, ثم فجأة جاءني وسواس الإيذاء لأول مرة، وهو أني سوف أقوم بإيذاء الآخرين، واستمر لمدة شهر ثم اختفى ثم جاءني وسواس أني سوف أؤذي ابنتي التي سوف تولد قريبا, ثم اختفى ثم وسواس إيذاء زوجتي ثم اختفى!

الآن أنا في دوامة بين تلك الوساوس، مع الشعور أحيانا بأني سوف أفقد السيطرة على نفسي! وأنا أتناول الفافرين 300 ملغم مع نصف حبة رسبال يوميا منذ ثلاثة شهور, الهدف من استشارتي أني قرأت الكثير على موقعكم وغيره أن الدواء يمكن أن يعالج الوساوس ولكن لا ينجح في أخرى, وأنا أشعر أن الفافرين استنفذ قوته العلاجية.

أود أن تضيفوا لي دواء آخر فعالا بنظركم في علاج وسواس الإيذاء, وكيف يتم الدمج بينهما؟ ومتى ممكن أن يبدأ الدواء الآخر مفعوله العلاجي مع الفافرين؟ وهل هذا الوسواس خطير؟ وهل يمكن أن أفعل ما أفكر فيه؟

مع أني واثق تماما بعدم فعل أي شيء ولكنه فعلا مزعج جدا، وكما أن المعالجة النفسية التي كنت أزورها قالت: إني أمارس العلاج مع منع الاستجابة بمواجهة الناس، وعدم الإيذاء، وهو فعال جدا في علاج هذا الوسواس لكني أمارسه من 4 شهور، وأحيانا أشعر بالاستفادة، وأحيانا لا، لأن الوسواس ما إن يختفي حتى يعود، وهكذا منذ 4 شهور.

لا أستطيع زيارة الطبيب والمعالجة لأسباب مادية, كما أني كنت أعاني ولكن لم أعالج منه، وعندما أذهب لمنطقة بعيدة أشعر بالقلق والتوتر اللاإرادي، وأني سوف أفقد السيطرة على نفسي، ويزداد هذا الشعور في الأزمات المرورية أو إذا كنت بدون سيارة خاصة أقودها أنا أو إذا خرجت مع أحد في سيارة أخرى.

هذا الشيء سبب لي إحراجا وقلقا، حتى إنني لم أستطع الذهاب لشهر العسل أبداً لا خارج الأردن ولا داخله، ولا كثير من مناطق عمان بسبب البعد أو معرفتي بوجود أزمات هناك، فما الحل؟

شكرا جزيلا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأشكرك على ثقتك في إسلام ويب.

أخِي الكريم: تكالُبُ هذه الوساوس وتغيُّرها واستحواذها على تفكيرك من وقت لآخر أرجو ألا يزعجك، هي بوتقة واحدة، هي رزمة واحدة، وكل المطلوب منك هو أن تحقّرها، والآن أنت اكتسبت خبرة كبيرة جدًّا مع هذه الوساوس.

أخِي الكريم: أيًّا كانت لا تحاورها، لا تناقشها، حتى موضوع وساوس الموتى وغيره كلها على نفس الشاكلة، المهم مبدأ التجاهل التام مع التحقير ومنع الاستجابة هو العلاج الأساسي.

يُضاف إلى ذلك أن تستفيد من وقتك وتُحسن إدارته؛ لأن الوساوس تتصيد الناس من خلال الفراغ الذهني أو الفراغ الفكري أو الفراغ الزمني، فلا تترك لها مساحات فارغة أبدًا.

لا تنزعج للعلاج الدوائي، بعض الوساوس تحتاج لأن يتناول الإنسان الدواء لفترة طويلة، خاصة الوساوس الفكرية، وساوس الأفعال لا تستجيب بصورة جيدة للدواء، لكن وساوس الأفكار تستجيب بصورة ممتازة جدًّا، مع التدعيم السلوكي على الأسس المعروفة والتي أشرنا إليها باختصار.

أخي الكريم: الفافرين عقار جيد، لكن أتفق معك أعتقد أنه وصل الأمر لأن تستعمل معه عقارا يعرف تجاريًا باسم (بروزاك) ويسمى علميًا باسم (فلوكستين).

هنالك بعض التفاعلات الدوائية التي تحدث ما بين الفافرين والبروزاك لكنها ليست خطيرة، وعشرون مليجرامًا من البروزاك تُعادل تقريبًا خمسة وسبعين مليجرامًا من الفافرين.

الجرعة القصوى للبروزاك هي أربع كبسولات في اليوم – أي ثمانون مليجرامًا – والجرعة القصوى للفافرين كما تعلم هي ثلاثمائة مليجرام.

إذًا حتى نحسب الجرعة السليمة بالنسبة لك أقول لك: ابدأ في تناول البروزك بجرعة كبسولة واحدة في الصباح، واجعل الفافرين مائتي مليجرام ليلاً، وبعد أسبوعين، اجعل الفافرين مائة مليجرام ليلاً، واجعل البروزاك أربعين مليجرامًا صباحًا.

أعتقد – أخِي الكريم – هذه جرعة جيدة، ممتازة جدًّا، أما بالنسبة للرزبريادال فاجعله اثنين مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم ارجع واجعل الجرعة واحد مليجرام ليلاً لمدة عام مثلاً.

بالنسبة للبروزاك كبسولتين في اليوم والفافرين مائة مليجرام في اليوم أعتقد أنك يجب أن تستمر على هذه التركيبة لمدة عام، وهذه ليست مدة طويلة أبدًا.

بعد ذلك يمكن أن يُخفف الدواء ليكون بمعدل كبسولة واحدة من البروزاك ومائة مليجرام من الفافرين، وهذه لو استمريت عليها لمدة سنتين أو ثلاث لا أرى إشكالاً في ذلك أبدًا.

أخِي الكريم: لا بد أن تنطلق في الحياة، لا بد أن تتواصل اجتماعيًا، وتُحسن إدارة وقتك، لا تطاوع أو تُطيع نفسك فيما تراه غير مناسب وغير صحيح، وعش الحياة بكل قوةٍ وأملٍ ورجاءٍ.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً