الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخوف من الخروج بعيدًا سبب لي الاكتئاب.. كيف أسيطر على خوفي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أشكركم على ما تقدمونه من نصائح وطرق علاجية جميلة، هذه ثاني استشارة لي في موقعكم.

بداية الأعراض التي تأتيني هي الخوف من الخروج بعيدًا، وأخاف من السفر أيضًا خوفًا من الدوخة الفجائية التي تأتيني، وضيق التنفس.

هذا هو السبب الرئيسي لخوفي، كانت تأتيني الدوخة المفاجئة كل سنة مرة، وبعض الأحيان كل سنتين، منذ أن كنت طفلاً تقريبًا بعمر 11 أو 12، ولا أعلم ما سببها!! ربما لأني تعرضت في طفولتي لضرب وحجزت في بيت شخص، وضربني بدون سبب، وبعدها خرجت وكانت باقي حياتي شبه طبيعية، حيث إني لا أذكر شعوري ذالك الوقت.

كانت أول استشارة لي بعد أن حصلت لي دوخة مفاجئة وضيق تنفس، وجلست في البيت، ولم أخرج لمدة شهرين إلا مرة تقريبًا، كان يأتيني خفقان، وخوف، وغثيان عند الخروج، وحتى وأنا جالس في البيت، لكن في الخارج كان هذا الخوف أقوى.

كل هذا كان قبل حوالي سنة ونصف، ولا أجزم هل هي حالة نفسية، أو عين، أو مرض؟ تغيرت حياتي للأسواء، ونقص وزني حوالي 15 كيلو، ولكن كان وما يزال أملي بالله كبيرًا، لم أتخلص من هذه الأعراض، لكنها خفت بشكل كبير جدًا، بدأت أخرج بدون أي خوف إلا قليلاً جدًا، وبعض الأحيان أفكر بالخوف فيزداد، ولكني أسيطر عليه، الآن يوجد خوف خفيف، وضيقة خفيفة، وتحسنت حالتي 70 % -الحمد لله-.

ولكن لا زلت أتضايق منها، وأنا مدرك إدراكًا تامًا أنه إذا جاءت الحالة سوف أسيطر عليها بحول الله وقوته، وشددت على نفسي، وحاولت السفر لمدينة قريبة حوالي الـ 250 كيلو، وذهبت وجاءت الحالة في منتصف الطريق، ولكني لم أعرها أي اهتمام، ولم أفرح أبدًا بها؛ لأني لم أفكر إلا بالحالة طوال الطريق، وغثيان خفيف وضيقة تزيد وتنقص، ذهبت وأنهيت العمل ورجعت مباشرة، وإلى الآن لم يذهب الخوف بشكل كامل.

منعت نفسي من استخدام أي علاج نفسي، ولا أحب التفكير به؛ لأني شخص أوسوس كثيرًا، وأخاف إذا تركته أن ترجع الحالة أقوى، آخر مرة أتتني الحالة قبل حوالي شهر، ولكني ما إن بدأت الحالة إلا وأقوم بتغيير تفكيري وأتجاوزها بسهولة –والحمد لله-.

الآن حالتي مستقرة، ولكني أخاف من الاكتئاب؛ لأني بدأت أحزن قليلا؛ لأن حالتي طالت، أعتذر عن الإطالة، وكثرة الكلام عن الموضوع، لكني لا أريد أن أبقي بخاطري كلام.

خلاصة الموضوع: خوف وضيق عند الخروج للأماكن البعيدة، وغثيان، ما هو الحل الأمثل بدون أي علاجات؟ لأني -ولله الحمد-أجاهد نفسي بقوة، فمرة أتغلب على نفسي ومرة تغلبني.

وجزاكم الله عنا كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد العزيز حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرًا لك على الكتابة إلينا في هذا الموقع.

الأرجح أن لديك حالة من رهاب الخروج من البيت، ربما لسبب ما، وربما له علاقة بما حدث معك عندما حجزت وضربت، فتكون عندك هذا الخوف من الابتعاد عن البيت، فالموضوع ربما له علاقة برهبة الخروج من البيت، والابتعاد عنه لعدم شعورك بالأمان، وهذه حالة معروفة ونعالجها عادة باستمرار عند الشباب، ولعل كثرة الأسئلة والأجوبة في هذا الموضوع على هذا الموقع وغيره تشير إلى مدى انتشار مثل هذه الحالات.

ومن أهم الطرق في علاج هذا الرهاب والخوف، هي: العلاج المعرفي السلوكي، والذي يقوم على إعادة تعليم الشخص بعض السلوكيات والتصرفات الصحيّة كبديل عن السلوكيات السلبية، فبدل تجنب الخروج من البيت والذهاب للأماكن والمواقف المخيفة أو المزعجة، فإننا نشجعه ليقوم بالخروج والتعرض والإقدام على هذه المواقف والأماكن؛ حتى يتعلم من جديد كيف أن الخروج وهذه المواقف والأماكن ليست بالمخيفة أو الخطيرة كما كان يتصور سابقًا.

ويشرف عادة على هذه المعالجة الطبيب النفسي أو الأخصائي النفسي، والذي يحتاج أن يكرر جلسات العلاج عدة مرات.

ولكن ليس بالضرورة على كل من يعاني من الخجل الاجتماعي أن يذهب للأخصائي النفسي، فكثير منهم يعالج نفسه بنفسه، والمطلوب منك الآن العمل على الاستمرار بالخروج من البيت، ولو يوميًا، واقتحام مواقف الاختلاط بالناس والتعامل معهم، وعدم التجنب، فالتجنب لا يزيد المشكلة إلا تعقيدًا، إنك كلما طال تأخير خروجك من البيت، كلما صعب عليك الخروج ومتابعة أعمالك، والنصيحة أن تخرج غدًا، إن لم يكن اليوم، وليس بعد الغد.

ومن الطبيعي والمتوقع أنك ستواجه بعض الصعوبات في بداية الساعات الأولى من الخروج، وربما الأيام الأولى، ولكن ما هو إلا يوم أو يومان حتى تبدأ بالشعور بالراحة والاطمئنان والثقة بالنفس، وبراحة الضمير والشعور بالنجاح والإنجاز، أنك تجاوزت هذه العقبة، وسترى وخلال فترة قصيرة كيف أن ما كنت تخشاه من الخروج ومن بعض المواقف من مواجهة الناس ليست مخيفة كما كنت تعتقد.

فهيا إذن، فأنت ما زلت في الـ 20 من العمر، وبنشاطك وحبك للحياة وللدراسة لا شك أنك ستكون من المتفوقين، ولكن لا بد أولا من الخروج.

وفقك الله ويسّر لك النجاح.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً