الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ابن خالي يمكث أحيانا في بيتنا وأريد أن أحسن تربيته، فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ابن خالي -حفظه الله- عمره 7 سنوات، توفيت والدته في رمضان، ولديه أخت عمرها سنة ونصف تقريبًا، يتركه والده ينام في منزلنا أحيانًا، وليس عندنا أطفال كلنا كبار، وهو هداه الله كثير الشغب إذا رأى الجميع لاهيًا عنه بدأ بالتخريب والتكسير، وهو عنيد جدًا، ولا يسمع الكلام إلا كلام والده، فلما أشتكي لوالده يقول: أنتم تدللونه، ويقول: إذا فعل شيئًا خاطئًا اصرخوا عليه وعاقبوه، فبدأت أصرخ عليه، لكن أمي تمنعني، فبدأت أستخدم طريقة أخرى لعقابه، وهي ألا أكلمه حتى يعتذر؛ لأنه يحب الحديث معي.

بالأمس سألته عن شيء فكذب فغضبت منه، فهو كثير الكذب فصرخت عليه، وقلت له لماذا تكذب؟ لقد رأيتك فعلت كذا وكذا، فسكت، وكأنه محرج أني كشفته بعدها أراد أن يغير الموضوع ويفتح موضوعًا آخر معي، فصرخت في وجهه وقلت: أنا لا أتحدث مع الكاذب، ولم أكلمه طوال الوقت، وكلما أتاني يريد التحدث عن لعبة، أو أي شيء صددت بوجهي عنه، ولا أرد عليه، فأضل صامتًا وهادئًا على غير العادة.

بعدها تحدثت لأمي وأبي، فجاءني وقال: أنا آسف، فقلت له: لماذا تعتذر؟ فقال: لأني كذبت، فسكت قليلًا، وأكملت حديثي إلى أمي، ثم التفت عليه، وقلت له: هل تريد (شاي)، وكأن شيئًا لم يكن بعدها انفجر بالبكاء، وهو نادرًا ما يبكي عندها شعرت بالذنب، وجاءت في مخيلتي الآية (وأما اليتيم فلا تقهر) عندها ضممته، وحاولت تهدئته، وقلت له: إننا سنأخذه إلى الألعاب؛ لأنه شاطر، فاعتذر مني، وقال: بأنه لن يكذب أبدًا، وهز رأسه أنه موافق.

فهل ما فعلته معه صحيح؟ وما هي الطريقة الصحيحة للتعامل مع اليتيم إذا كان كثير الكذب والعناد والتخريب حتى أنه يغار من أخته الصغرى -هداه الله-.

مع العلم أن والده شديد جدًا في التعامل معه، فهو يصرخ عليه صرخة ترعبنا جميعًا، وعلى أتفه الأشياء، ونصحته والدتي كثيرًا أن يغير معاملته لولده، لكنه يقول: أنا والده وأعرف كيف أربيه (ونحن لا نخبر خالي عادةً بما يفعله ولده في غيابه من التخريب والعناد؛ خوفًا من أن يضربه، أو يقسو عليه).

أنا كثيرًا ما أهدد الطفل بوالده وأني سأخبره إن لم يسمع الكلام فهو -هداه الله- لا يمتثل لأوامري إلا بهذه الطريقة، ولست أطلب منه شيئًا لنفسي، بل لأجله: كالاستحمام، وكتابة الدرس، وعدم الكذب، ما الحل؟

جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مسلمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الفاضل- ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يصلح الأحوال، وأن يحقق في طاعته الآمال، لا شك أن الإحسان إلى اليتيم مطلوب - وللمعلومة فإن اليتيم في الشرع هو من مات أبوه وكان دون البلوغ - والبشارة لمن يحسن لليتيم عظيمة، قال ربنا الجليل: {ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير}، وقال -صلى الله عليه وسلم-: {أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين}.

ولكن الإحسان لليتيم لا يعني تركه يفعل ما يريد، والدلال باب من أبواب الإفساد للأيتام حيث يتذكر الناس ضعفهم فيبالغوا في الشفقة والدلال فيستغل اليتيم ذلك، ومن هنا فنحن ندعوك إلى فعل كل ما يعود عليه بالنفع والفائدة، ولكونه طفل فأنتم من يقدر مصالحه ولا نؤيد قسوة والده، ولا نوافق على الصراخ؛ لأنه سوف يجعله ضعيف الشخصية، ويهز ثقته في نفسه، أما المنع والتعامل معه بالحزم فهذه أشياء مطلوبة.

ونتمنى أن لا تنهار بعد الشدة عليه فتفقد العقوبة فائدتها، ويشعر أنه كان مظلومًا، وقد يستجلب عطف الوالدة وتأييدها بذلك، وكل ذلك ليس فيه مصلحته، وأرجو أن يعلم الجميع أن هذه السن لا يصلح فيها أو معها الضرب وإذا استمر الضرب، فإن عقوبة الضرب ستفقد أثرها، وبعد ذلك سوف تصعب السيطرة على الأوضاع، خاصة عند دخوله إلى مرحلة المراهقة.

وهذه وصيتنا لكم جميعا: بتقوى الله، ثم بالدعاء لوالدة الطفل وأموات المسلمين، وعليكم بالصبر عليه، والتفريق بينه وبين الصغيرة حتى تخف مسألة الغيرة، وأرجو أن يأخذ حقه وحظه من الاهتمام، ولقد سعدنا باستشارتك وأفرحتنا مشاعرك النبيلة تجاه اليتيم، ونسعد أكثر بدوام تواصلكم، ونسأل الله أن يوفقكم ويسدد خطاكم.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الأردن هبة الله

    ربي يقدركم على تربيته و لكم الاجر يارب

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً