الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أختي مرضت بالوسواس والتفكير الغريب، ما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم

البيانات تخص أختي المريضة، ولا أعرف فصيلة دمها، فاخترت عشوائيا.

ما يهمني في موضوع أختي أنها الآن لديها مرض، ربما كان نفسيا أو كان بسبب سحر، ولا أعرف الفرق!

منذ أكثر من عام بدأت بالبرود المزاجي، وبعد ذلك ذهبت إلى عزاء وعادت مريضة، ولا أعلم ما أصابها بالضبط، وبدأت بالاستماع للرقية الشرعية لمدة لا تقل عن 5 أشهر، وتحسنت بفضل الله، وذهبت عنها المعاناة، وعاد وجهها المشدود وملامحها، وأصبحت أحسن مما هي عليه، ثم ذهبت إلى عرس نفس أصحاب العزاء السابق، وعادت مريضة كذلك، ثم أصبحت تشك في كل شيء، وبدأت تشك حتى في اللاب توب تدريجيا، حتى بدأت تشك في النت، وأنه تم تصويرها، وهذه الحالة بدأت قبل مرضها الأول، فلها أكثر من عام وكل ما خرجنا إلى الشارع قالت هؤلاء الجيران يصوروني، وهكذا كلما رأت أحدا يرفع جواله قالت صورني، وبعد المرض الثاني أصبحت لا تأكل حتى ما في البقالة وتوسعت دائرة الشك كثيرا، وبدأت تقول: إن العالم كله يتآمر ضدها، وهكذا وهم يقولون فعلت وفعلت ولم تفعل، وأصبحت معتزلة عن الأسرة ولكنها بعقلها، وبدأت في العناد تعصي كل أحد، ثم بعد ذلك ذهبت إلى وليمة مولود، وجاءت، وقد ازداد الشرود الذهني، وأصبحت عيونها مفتحة، وازداد الشك بنسبة كبيرة جدا، وتقول بأني سحرت فلانا وفلانا، وأثناء الرقية الشرعية صرعت في المرة الأولى ورفعت شعار الصليب، ولكن الآن هي تحسنت، ولكنها حاليا نرى خللا في تصرفها العقلي والنفسي، وبعد الرقية الأخيرة خنقها الراقي وتدمرت النفسية لديها، وهربت من البيت أكثر من مرة وأعدناها، ولكن تظل فكرة الخروج من البيت تراودها ونحن نربطها تارة ونراقبها تارة أخرى، ولا نستطيع النوم إلا تناوباً.

وهي الآن تشعر بشوك في صدرها، وتقول: عندما خرجت من البيت أحسست براحة، ورغم أننا خرجنا إلى المسجد مرة وخرجنا إلى السوق ولكن النغزات التي تحرك ظهرها كما في البيت، والصوت الذي يرميها بالاتهام لم يتوقف خارجه، إضافة إلى أنها أصبحت تتخيل أنها حامل من رجل أعمال! وأنه سيأتيها ليأخذها، وأن رش الأسحار في عتبة الباب تمنع من إتيانه، وعندما تفكر فيه تقول بأنها تشعر بالاختناق، وتريد أن تخرج لتشم الهواء خارج البيت، ونحن خائفون من ذلك، ولا نريد أن تخرج، خصوصا أنها تقول: لو خرجت ورأيت فلانا سأركب سيارته، ونحن نخاف أن ترى أي سيارة وتركض وراءها.

أفيدونا في أمرها، أهو سحر أم حالة وسواس قهري أم خلل في المخ؟

علما أنها تعاني من عدم القدرة على النوم ليلا منذ سنوات، والبلغم في الصدر كثير، ولديها قولون عصبي، وكانت أحيانا تواصل اليوم بالتالي دون نوم.

أكثر ما نخاف خروجها، وفي فترة الخروج السابق كانت تسب وتلعن أناسا لا تراهم بعينها! احترنا كثيرا.

أرجوكم، وخالص شكري ماذا نمل لها بالضبط؟ وهل ثمة فحوصات لازمة أو الاستمرار بالرقية، شكر الله سعيكم.

رغم أنه مع الرقية ذهب عنها الخوف وتحسنت، وفكرة الحمل هذه جديدة كل يوم تصر، وتقول هي حقيقة صدفتم أم لا، رغم أنها ليس لديها شيء، وتأتيها الدورة بالانتظام ولا تخرج لأي مكان يجعلنا نشك فيها نهائيا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

استنباطًا مما ورد في رسالتك أقول لك وبما لا يدع مجالاً للشك أن هذه الأختِ - عافاها الله وشفاها - مريضة بأعراض مرض الفصام، ويسمى الفصام الزواري أو الباروني أو الشكوكي، هذا مرض رئيسي، مرض أساسي، وله علاجات ممتازة جدًّا الآن.

اذهبوا بها إلى الطبيب النفسي ليعطيها أحد مضادات الذهان أو أحد مضادات الفصام - كما تُسمى - وكما ذكرت لك هي أدوية فعالة وممتازة جدًّا، وبالتدريج بعد أن تتناول الدواء سوف تتحسَّنُ بصورة ملحوظة، وبعد التحسُّنَ لابد من المتابعة أيضًا مع الطبيب من أجل الجرعات الدوائية الوقائية.

هذا الأمر أنا أحتِّم عليه، لا تتأخروا أبدًا، لأن مقابلتها للطبيب مبكرًا هذا له عائد علاجي كبير، أما هذا المرض إذا أزمن وأطبق على الإنسان فربما تكون هنالك صعوبة شديدة في التعامل معه.

الأفكار التي أوردتها كلها أفكار ظنانية مرضية بارونية، عندها ما يسمى بضلالات التلميح، عندها ظنان واضح جدًّا، عندها سوء تأويل، وهذا طبعًا يعطِّل حياتها، يُضعف من مهاراتها، يجعل مقدراتها المعرفية ضعيفة، والتعجيل بعلاجها مهم.

موضوع السحر: السحر موجود، لكن أقول لك هذا مرض، هذا مرض ذهاني عقلي معروف، ولا أعتقد أن للسحر دخلا فيه، لكن الإنسان يُحصِّن نفسه، وإذا كان مريضًا يقرأ عليه الآخرون، ويكون هنالك حرص على أداء الصلاة، وحرص على أذكار الصباح والمساء، وتلاوة الورد القرآني يوميًا، والرقية الشرعية، هذا يكفي تمامًا، لكن الدواء مهم ومهم جدًّا في حالتها.

حقيقة أنا أشكرك جدًّا على اهتمامك بأمر أختك، لكن أرجوك ألا تتأخري أبدًا في تقديمها للطبيب النفسي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً