الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أفرق بين القدر وبين ما أنا مخيرة فيه في اختيار أو رفض من تقدم لي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

أولا: أتقدم بجزيل الشكر والتقدير للقائمين على هذا الموقع المتميز والناجح، والذي أصبح منبرا منيرا لكل المسلمين.

سؤالي هو: كيف أفرق بين القدر وبين ما أنا مخيرة فيه؟

لقد كان هناك شاب ذكرني عند أهلي من أجل الزواج، وكانت مشكلته أنه كان أقل من مستوانا الاجتماعي بكثير، وحالته المادية ضعيفة، ولكنه كان على خلق فترددت في قبوله، فقد كنت أطمح بالزواج من شخص ذو دين وخلق ومقتدر ماديا، ولقد انتظرت قليلا ثم قبلت به أخيرا، وكانت في هذه الفترة تقع بيننا مشاكل فأعاود ترددي في الزواج منه، لأن المحيطات بي ينصحنني أن لا أتزوجه وهو فقير، وكان صابرا على طباعي وترددي لأنه كان يحبني حبا لا يوصف، ثم وقعت بعض المشاكل وافترقنا.

مرت سنوات وأنا لا يتقدم لخطبتي إلا الأغنياء، ولكن لا أحد فيهم على مستوى التدين الذي أطمح له، وأنا شرطي الأول والأهم التدين ثم اليسرة المادية، إلى أن بلغت 30 عاما ولم أعثر على المتدين الذي أحلم بالزواج منه، فأصبحت عائلتي تطالبني بالقبول بأي كان، وأن لا أنتظر من هذا الواقع أن ينجب لي شيخا من شيوخ الفضائيات الذين أتابعهم باستمرار، فاهتديت أنه علي أن ألغي شرط اليسرة المادية وأن أكتفي بشرط التدين، فقلت في نفسي: إن الشاب الذي تقدم لي أول مرة هو المتدين الوحيد بينهم، فقررت أن أسامحه، لأنه في آخر مرة كان هو المخطئ بشأني، فعندما سألته إن كان لا يزال يريدني زوجة له، وأني سامحته على ما بدر منه، أخبرني أنه ينوي عقد قرانه على أخرى، وأنه لم يعد يحبني، فتمنيت له التوفيق، وجلست أبكي لأني طوال تلك السنين كنت أحبه، وكنت أفكر فيه حتى ولو لم أعترف له، لأني كنت خائفة أن يكون الاعتراف حراما لأني لست زوجته.

والآن جل ما أريد أن أعرفه هل الخلافات التي كانت بيننا ونحن مخطوبين كانت مقدرة؟ وهل افتراقنا كان مقدرا؟ أم أن الله رزقني بشاب صالح وأنا لم أحسن التعامل مع ما رزقني الله وتكبرت على عطيته، فما كان من الله إلا أن حرمني منه عقابا لي على عدم حمدي وتوكلي والقبول به ولو كان فقيرا؟

أستسمحكم على الإطالة، وتقبلوا مني فائق التقدير والاحترام.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سهيلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يقدر لك الخير وأن يصلح الأحوال، وأن يرزقك بصاحب والمال وطيب الخصال.

كل ما يجرى في كون الله بقضاء وقدر، ولن يحدث في هذا الكون إلا ما أراده الله، والمسلمة تفعل الأسباب، ثم تتوكل على الكريم الوهاب، ونتمنى أن لا تردي الخطاب، لأن ذلك يبعدهم عن الأبواب، ونشكر لك الرغبة في صاحب الدين.

ومن المهم أن تكون النظرة للمتقدم شاملة، كما أن القرار الصحيح يقوم على قواعد مهمة من حيث النظر إلى العواقب والخيارات البديلة، والفرص المتاحة وردود الأفعال المتوقعة في حالتي الرفض أو القبول، ونتمنى أن يكون لمحارمك دور وتدخل، فالرجال أعرف بالرجال، وأولياء الفتاة هم مرجعها وأول من يهتم بمصالحها، ولكن الرأي النهائي للفتاة، ونؤكد أن كل ما حصل من خلاف أو وفاق هو من تقدير الله، فلا تحزني على ما لم يقدره، وثقي بأن الخير من الله، وأن ما يختاره للإنسان أفضل مما يجرى وراءه الإنسان.

والعاقلة تنتفع من الذي يحصل معها، وهي لا تلدغ من الجحر الواحد مرتين، وعليك أن تفعلي الأسباب ومنها الدخول في تجمعات النساء الصالحات، مثل مراكز التحفيظ والمحاضرات، وأظهري بينهن ما وهبك الله من جمال وذوق وطيب خصال، واعلمي أنه لكل واحده منهن ابن أو أخ أو محرم يبحث عن طريقها عن الفاضلات من أمثالك، ومن المهم العلم بأن التدين المطلوب هو في الأساسيات والأركان، لأنه قد يصعب وجود شخص بلا نقائص أو عيوب، ولكن طوبى لمن انغمرت سيئاته في بحور حسناته، وليس هناك داع للتأسف، ولا لوم على فتاة في رفضها لأي شاب طالما كان الرفض بأدب واحترام وانتقاء للكلمات، فمن حق الفتاة أن ترفض من تشاء ولو لم يكن فيه عيب، وهذا الحق للشاب إذا شعر بعدم الارتياح.

ووصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، وليس هناك داع للتأسف، والمؤمنة لا تقول: لو كان كذا كان كذا. لكنها تردد: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان.

سعدنا بتواصلك ونشرف بخدمة أبنائنا وبناتنا، ونسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به، وأكرر ثم يرضيك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً