الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل هناك أمل في أن أستعيد مشاعري وإحساسي واستمتاعي بحياتي وعبادتي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله..

أريد استشارتكم في أمر يقلقني جدا، كما أرجو قراءة رسالتي بتمعن، وأرجو من الله أن يوفقكم لإيجاد حل لمعاناتي، وجزاكم الله خيراً.

عمري 35 سنة، متزوجة، وكنت مع زوجي في السعودية، معاناتي بدأت بعد الولادة بأسبوعين، حيث سهرت مع طفلي يومين بدون نوم، وبعدها لم أتمكن من النوم، وكنت أحس بالجوع، ولا أستطيع الأكل، وكنت أبكي، وهاج التهاب القولون عندي، وذهبت إلى أخصائي الباطنية، حيث شخصت حالتي بالتهاب بسيط في القولون.

كما أنني أعاني من الغازات، ولا أدري هل هي بسبب القولون أم ماذا؟ لأن الغازات تكثر عندي وقت الصلاة، حتى أنني احياناً أتوضأ ما بين 4 إلى 6 مرات للصلاة الواحدة، ومع أنني شُفيت منه في 2009 بعد عمل رقية عند أحد المشايخ؛ إلا أنه عاودني ثانية، المهم أنني بعد تناول العلاج أيضاً لم أتمكن من النوم، ولا أستطيع البكاء، ولا تدمع عيني أبداً إلى الآن، ولا أدري ما السبب؟

وبعد الطهر من النفاس؛ كنت أصلي ولكن دون تدبر، وتركت الصلاة، وقراءة الأذكار والتلاوة دون معرفة السبب، علماً بأنني كنت أصلي منذ صغري، وما توقفت أبداً، وأصلي النوافل باستمرار، وخاصة صلاة الضحى، وأتأثر عندما أستمع لبعض القُراء، وأدعو وأبكي في السجود، وأحس بالخشوع.

ولكني الآن أصبحت لا أحس بذلك، ولا أريد سماع الأذان أحياناً وخاصة الفجر، وظهر عندي عدم الإحساس بالحزن، أو الفرح، أو القلق، وعدم التأثر بأي موقف محزن أو مفرح، وكأنه لم يعد لي قلب، لأني لا أحس بوجوده، وأحياناً أتحسس قلبي لاُحس بوجوده.

كما أنه لم تعد لي شهية للأكل، ولا إحساس بالجوع أو الشبع عند الأكل، وعدم الإحساس بالعطش، ولكن أتناول القليل من الأكل والشرب.

وعند المراجعة للمرة الثانية؛ شخص لي أخصائي الباطنية على أنه كآبة ما بعد الولادة، وكتب لي علاجا نفسيا، وأوقف الطبيب عني إرضاع طفلي، المفاجأة أنه لم يؤثر ذلك في حالتي النفسية أبداً ابداً، فتأكد لي بأنني فعلاً فقدت الإحساس.

وبعدها ظهرت عندي حكة في الركبتين، حيث كنت أجثو بركبتي في السرير وأحركهم بالتناوب، ثم توقفت عن حركة الرُكب، وأصبحت أتحرك جيئة وذهاب في البيت دون سبب، ولا أستطيع الجلوس لفترة أو الرقاد، ولا أدري أهي حالة عصبية أم ماذا؟ وعُملت لي رقية 3 مرات عند 3 من الشيوخ، ولم تظهر طبيعة المرض، فراجعنا طبيب الباطنية للمرة الثالثة، وحولني إلى الطبيب النفسي، وكتب لي العلاج، ولكني لم أتحسن لمدة شهرين متتاليين.

بعدها توقفت عن تناول العلاج النفسي، وعدت إلى السودان، وبدأت أصلي، وأقرأ القرآن أحياناً، ولكن دون الإحساس بالخشوع، والأهم من ذلك أنه عندما يحين وقت الصلاة -والعياذ بالله-، أحياناً لا أريد سماع الأذان، وما زلت أعاني من مشكلة النوم وعدم الإحساس.

قابلت مستشار الطب النفسي (اختصاصي طب نفس الأطفال والشباب)، ولم يُشخص لي المرض، ولكن كتب لي مجموعة من الأدوية لمدة شهرين.

أثناء الاستخدام كنت أشعر برجفة في الأنامل، وخاصة في الصباح، وتشوش في الرؤيا وجفاف الفم، وزيادة في القلق وعدم الارتياح، وحرقان في فم المعدة والمريء، وحركة في الرأس كالتنميل، واختفت هذه الأعراض بعد انتهاء الشهرين، والتوقف عن العلاج، ولكن لم يحدث أي تحسن فيما أعانيه.

وبالإضافة لذلك ظهرت عندي أكبر مشكلة، حيث إنني لم أستطع الخروج من المنزل طول فترة الشهرين، وإلى الآن، ورغم كثرة المحاولة، ولا أدري ما السبب؟

أرجو من الله ثم منكم المساعدة، أفيدوني، وفقكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ um abdu حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

رسالتك هذه اطلعت عليها منذ يومين، والرسالة السابقة تحمل نفس المحتوى فقط.

ففي الرسالة الأولى: ذكرت أن الطبيب الاستشاري في السودان كتب لك بعض الأدوية، وأذكر أن من الأدوية عقار (رزبريادون)، وهو دواء جيد، ولكن ربما يسبب لك بعض الآثار السلبية.

عمومًا مجمل حالتك -كما ذكرت وتفضلت- هي نوع من القلق الاكتئابي، والذي ظهر واضحًا وجليًّا في فترة ما بعد الولادة، أو ما يسمى باكتئاب النفاس، وهو من الواضح أن الحالة الاكتئابية وما صاحبها من ضجر وكدر أدى إلى إجهاد نفسي وجسدي؛ مما جعلك غير مُقدمة على الحياة بكليَّاتها، وخاصة على عباداتك.

أيتها الفاضلة الكريمة: هذه الحالات تُعالج -إن شاء الله تعالى–، ومن الواضح أنك إنسانة مقتدرة ومتفهمة، فاجعلي فكرك إيجابيًا، لا تكوني متشائمة، أحسني إدارة الوقت، فحسن إدارة الوقت تُشعر الإنسان بإيجابياته وفعالياته، وهذه تعتبر إضافة عظيمة جدًّا، كما أن ممارسة أي تمارين رياضية تناسبك أعتقد أنها سوف تكون إضافة جيدة جدًّا لصحتك النفسية.

وقطعًا مضادات الاكتئاب ومحسّنات المزاج أنت في حاجة لها، مثل: عقار (فلافاكسين)، والذي يعرف تجاريًا باسم (إفيكسر)، سوف يكون جيدًا ومفيدًا، كما أن البروزاك أيضًا من الأدوية التي تُعطى في مثل هذه الحالات، وربما تحتاجين لمحسِّنٍ للنوم مثل جرعة بسيطة من عقار (كواتبين).

فيا أيتها الفاضلة الكريمة: تواصلي مع الطبيب، وأنا متأكد بتناولك للإفيكسر سوف تتحسن أحوالك تمامًا، مع جرعة بسيطة من الكواتبين، وتغيير نمط الحياة وجعله أكثر إيجابية، قطعًا هذا سوف يفيدك.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً