الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حياتي تسير نحو الهاوية حيث أنني لا أشعر بالواقع بسبب أبي، ساعدوني.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

جزاكم الله خيراً، ونفع بكم.

لا أعلم من أين أبدأ، وكيف أصف شعوري، أكتب وكأن أحداً يجلس في بلعومي، أريد أن أعرف ما الذي يحدث لي، مجرد أفكار أم مرض.

حصل حدث في حياتي منذ سنة ونصف انقلبت حياتي بعده، بداية كنت في اكتئاب، كان يؤثر بالأغلب على قلبي وشعوري أكثر من عقلي، يثقل علي التحدث، وأشعر بالثقل وأنا أمشي، أما الآن تأثر عقلي كثيراً، أصبت بخلل في التفكير، لا أرى الأمور على طبيعتها، ولا أفكر مثل الشخص الطبيعي، حتى أنني إذا سمعت كلمة مجنون أشعر بأنني المقصودة رغم أنني أعلم أن القائل لا يفعل ذلك، ولو على سبيل المزاح.

أتوهم أنني كنت حية وذهبت، لا أعلم إلى أين، لست على أرض الواقع، أشعر بالانفصال وأن الناس الذين أعرفهم أوهاماً أيضاً، وكلما طال الوقت تفرع التفكير أكثر، وإن نمت أصحو مختنقة، وأحيانا كأن أحداً جالس على صدري، ودائمة الحزن والغثيان والتوتر، ولا أقرأ شيئاً، أو أي حدث أو موضوع إلا ربطته بموضوعي وحياتي، لا أستطيع التركيز وأود أن أصرخ، أخاف من أشياء غير منطقية أبداً تسبب لي الرعشة وضيق الصدر والحرارة والقولون العصبي، ولا أستطيع السيطرة على نفسي، وأخشى أن تصيبني الحالة الآن، ويأتيني ما هو أشد، أشعر أن الدنيا تسير إلى الأسوأ فقط، أقل هم أحمله وأستثقله جداً، أشعر بصعوبة الحياة.

أعرف علتي وأعرف دواءها، لكن بيد أبي بعد الله، عسى الله أن يفرجها عني وعن المسلمين، وما زاد المشكلة عندي والدي، والذي دائماً يضخم الأمور ويتشكى ويمُنُّ بما يفعل، ويقلل من شأني، وينظر للمستقبل بنظرة سوداوية وحسب مزاجه ورغبته، فهو السليم ونحن الأطفال حسب تربيته الدكتاتورية والسيطرة، لا يهتم بأحد أبداً، حتى أن أمي تعبت منه، كنت أستطيع تجاوز ذلك مسبقاً، أما الآن فلا أستطيع لأنني تعبت جداً، أعتذر على الإطالة، آجركم الله وأسعدكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فجر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله لك العافية والشفاء، هذه الأعراض في مجملها هي أعراض قلق أكثر مما هو اكتئاب، والذي يسيطر عليك نسميه أيضاً اضطراب الأنّية، الشعور بأنك لست على أرض الواقع، الشعور بالانفصال، الشعور بالتقرب أو البعد من الذات أو الآخرين، هذا كله ناتج من القلق النفسي الذي نشاهده كثيراً في مرحلتك العمرية، حيث التغيرات الفسيولوجية والوجدانية والعاطفية، وهنالك قضايا كبيرة الآن، قضايا الهوية، الانتماء، الوظائف، الزواج، الأحداث الحياتية الضخمة التي تدور حولنا، هذا كله يؤدي إلى متغيرات -أيتها الفاضلة الكريمة-، لكن الإنسان ينظر للحياة نظرة إيجابية، أنت -الحمد لله تعالى- في بدايات سن الشباب، لديك طاقات ممتازة يجب أن تستفيدي منها استفادة بليغة وجيدة وممتازة، هذا الشعور الذي يأتيك كأن أحد يجلس على بلعومك ناتج من انقباضات عضلية ناتج من القلق، فاحرصي على ممارسة تمارين الاسترخاء، مارسي أي نوع من الرياضة التي تناسب الفتاة المسلمة، كوني دائماً ايجابية التفكير، نظمي وقتك تنظيماً إيجابية.

وبالنسبة لمشاعرك السلبية حول والدك لا أريدك أن تضخمي هذا الأمر، إذا كان والدك يضخم الأمور فأنت لا تضخمي مشاعرك السلبية حوله، هو والد يجب أن يبر، محبته لكم عظيمة حتى وإن كان منهجه التربوي ليس سليماً، لكن هذا خوف عليكم ويريدكم أن تكونوا أفضل منه، حب الآباء والأمهات لأبنائهم هو حب غريزي وجبلي، حاولي أن ترسمي صورة إيجابية عنه، تقربي له، وكوني إنسانة فاعلة ومؤثرة تأثيراً صحيحاً وإيجابياً في أسرتك، هذا يجعلك تحسين بالرضا والأمان وجمال الحياة -أيتها الفاضلة الكريمة-، اذهبي وقابلي الطبيبة في الرعاية الصحية الأولية، أجري فحوصات عامة للتأكد من صحتك الجسدية، لا أرى -إن شاء الله تعالى- أي مكروه لكن دائماً التأكد مهم بالذات معرفة مستوى الهيموجلوبين ووظائف الغدة الدرقية، وأعتقد أن كل الذي تحتاجين إليه هو أحد الأدوية البسيطة جداً التي تساعد في إزالة القلق والتوتر والأعراض النفسوجسدية، مثل الشعور بالضيق في الصدر والحرارة والقولون العصبي.

عقار مثل دسايبين بجرعة 25 مليجرام ليلاً أعتقد أنه سوف يكون مفيداً جداً لك، أو عقار مثل فلوبنتكسول والذي يعرف باسم فلونكسول بجرعة نصف مليجرام يومياً سيكون جيداً بالنسبة لك أيضاً، والجرعة التي تحتاجينها ومدتها قصيرة أعتقد أن مدة شهرين سوف تكون كافية جداً.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وأشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً