الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبحت أرهب الناس وأتجنب أي مقابلة، فهل من علاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إخواني الكرام، أسأل الله أن يمن عليكم بتمام الصحة والعافية.

أنا فتاة أبلغ من العمر 29 سنة، أكرمني الله بحفظ القرآن الكريم وتعليمه، وأموري طيبة - بفضل الله -، منذ سنتين بدأت مشكلتي، وبشكل مفاجئ، حيث إني أصبحت أرهب من قراءة القرآن أمام الناس، رغم أني لا أهتم بكلام الناس، ولا بتعليقاتهم إلا النقد البناء منها، ووفقني الله، فكنت من المتفوقات سواء على مستوى الحفظ، أو مستوى التدريس.

حاولت معالجة الأمر والمقاومة، إلا أن الأمر ازداد سوءاً، فرُبط لساني، وانقطع صوتي، فلا يكاد يخرج منه شيء، ويضيق صدري فأختنق، وأشعر أن قلبي سينفجر من شدة الضغط، مع العلم أن علاقاتي الاجتماعية طيبة، ودائمًا ما أبادر بالحديث بكل أريحية، ولا تأتيني هذه الحالة إلا عند قراءة القرآن، أو تسميع المحفوظ، أو في المقابلة الشخصية، ولاحظت مؤخراً أنها أصبحت تأتيني عندما أغضب، فتضطرب عضلات وجهي لا إراديًا على غير العادة.

توقفت حياتي، فأصبحت أتجنب أي أمر فيه مقابلة، أو ما يثير مشكلتي، وكم فاتتني من الفرص الذهبية، وفي كل مرة كنت أستعين بالله وأتقدم لمقابلة، تزداد مشكلتي، فأتراجع وقلبي مكسور وحزين.

حاولت إشغال نفسي بأي شيء ينفعني في ديني ودنياي، وأن أطلب العلم عن بعد، لكني دائمًا أفكر في مشكلتي، فما الحل لها؟

حزنت وأصبحت نادرة الخروج، ومنغلقة على نفسي، وأحب الجلوس في الظلام، والبقاء وحيدة، وأبكي من دون سبب أحياناً، أو لأي سبب يضايقني ولو كان تافهاً، فزاد وزني إلى الآن عشرين كيلو جراماً.

لن أستسلم لهذه المشكلة، وسأعود - بلطف الله وفضله - بحال أفضل مما كنت عليه، فأود منكم - أثابكم الله -، أن تدلوني إلى العلاج المناسب، حيث إني لا أستطيع الذهاب للعلاج، ولم أخبر عائلتي عن مشكلتي، وأود إعلامكم أني أعاني من حساسية الصدر، والضغط عندي يرتفع قليلاً ثم ينزل، فهو غير منتظم، في هذه الفترة أتبع حمية غذائية معتدلة؛ لإنزال وزني، وتمارين رياضية.

أحسن الله إليكم كما أحسنتم إلينا، وجزاكم عنا وعن المسلمين خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سهر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله تعالى لك العافية والتوفيق والسداد.

أعتقد أن الذي حدث لك هو نوع من المخاوف الظرفية، ربما مررت بموقف كان فيه شيء من الهرع، أو التخويف في أثناء قراءة القرآن، والتفاعل الاجتماعي من هذا النوع حتى وإن كان بسيطًا، ولم تعريه اهتمامًا في لحظته، إلا أن آثاره النفسية قد تظهر في شكل مخاوف، وضيق الصدر، والشعور بالاختناق، وتسارع ضربات القلب، هذا كله دليل على وجود نوع من الرهبة، والرهبة دائمًا مرتبطة بالقلق وبالتوتر.

أيتها الفاضلة الكريمة، يجب أن تعيدي ثقتك في نفسك، أنت صاحبة مقدرات، أنت حافظة لكتاب الله تعالى، وتقومين بتعليمه، فيجب أن تشعري بمكافأة داخلية عظيمة جدًّا، لأن هذا إنجاز وأي إنجاز، حظي به - بفضل الله تعالى - القلة القليلة من الناس، فخيركم من تعلم القرآن وعلمه.

الأمر الثاني: أنا أؤكد لك ألا أحد يراقبك، أو يسخر منك، أو يستهزئ منك، على العكس تمامًا، أنت محط التقدير والاحترام من الجميع.

ثالثًا: حاولي أن تتدربي على تمارين الاسترخاء، هذه التمارين ضرورية، تمارين مفيدة جدًّا، وإسلام ويب لديها استشارة تحت رقم (2136015)، أرجو أن ترجعي إليها، وتطبقي كل ما بها من تمارين.

رابعًا: حاولي أن تُكثري من التواصل الاجتماعي، وعرضي نفسك في الخيال لمصادر الخوف، تصوري أنك تقومين بإلقاء محاضرة أمام جمع كبير من الناس، وكانت هنالك أسئلة كثيرة، وحوارات دارت مع الحضور؛ فمثل هذا الخيال إذا أتقنه الإنسان وأخذه بجدية يفيد كثيرًا في مواجهة المخاوف.

أيتها الفاضلة الكريمة، زيادة الوزن هذه يجب أن تُعرف أسبابها، هل ناتجة من نوعية الأطعمة التي تتناولينها؟ أو ناتجة من عسر واكتئاب؟ لأن الاكتئاب النفسي في بعض الأحيان يؤدي إلى زيادة في الوزن، بالرغم من أن الشيء المعهود هو نقصان الوزن من فقدان الشهية، لكن في قلة قليلة قد يأتي الاكتئاب بصورة معاكسة ومخالفة ومعهودة.

لا تنزعجي لكلامي هذا، لكن اذهبي وقابلي الطبيب، طبيب الباطنية، أو طبيب الأسرة، ليس من الضروري أن تذهبي وتقابلي الطبيب النفسي إن كان ذلك يسبب لك إزعاجاً أو مضايقة، ولابد أن تُجرى فحوصات طبية عامة، خاصة بالنسبة لوظائف الغدد، واتباعك للحمية والطرق الأخرى لإنقاص الوزن قطعًا جيدة ونقرها تمامًا، وقطعًا حين ينقص وزنك هذا سوف يعطيك شعورًا إيجابيًا جيدًا، يساعدك في قهر هذه المخاوف الظرفية.

لا أرى هنالك داعي أن تخفي أي شيء عن أسرتك، أطلعي أسرتك، لأن الكتمان في حد ذاته يؤدي إلى القلق، والتوتر، والمخاوف، والوساوس، فتكلمي مع والدتك، وتكلمي مع أختك مثلاً عمَّا تعانين منه، وعمَّا نصحناك به.

ومن وجهة نظري أن تناولك لعقار (زيروكسات)، والذي يسمى علميًا باسم (باروكستين)، لفترة قصيرة سيكون جيدًا جدًّا لك، والجرعة هي عشرة مليجرام، يتم تناولها ليلاً لمدة عشرة أيام، ثم تُرفع إلى حبة كاملة ليلاً، وقوة الحبة 20 مليجرامًا، تستمري عليها يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلي الجرعة نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهرٍ آخر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً