الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجتي جريئة وعصبية في التعامل مع أبي وأهلي.. كيف أغيرها؟

السؤال

أنا شاب أبلغ من العمر 29 عامًا، متزوج من فتاة عمرها 21 عامًا، ومدة زواجنا سنتين -والحمد لله- أحبها وتحبني رغم وجود بعض الشوائب العادية في حياتنا الزوجية.

المشكلة ليست بيني وبين زوجتي، ولكن المشكلة بين زوجتي والناس وأهلي، وقبل أن أحدثكم عن المشكلة سأحدثكم عن زوجتي قليلا، هي إنسانه طيبة وفطرية، أي أنها تفعل كل شيء على نياتها وببدائية شديدة، صريحة، وجريئة، وعصبية، وليست ذكية، ولا تعترف بأخطائها، بل تبرر دائمًا لنفسها، وكل شخص لديه عيوب ومميزات.

المهم أنني اكتشفت مؤخرًا أن أهلي لا يحبون زوجتي، ويكرهون وجودها بينهم، وعندما دققت أكثر في الموضوع، وبصعوبة كبيرة اكتشفت أن زوجتي لا تحترم من هم أكبر منها، وجريئة في كلامها وأسلوبها، ولا تتقبل النقد، أو المناقشة، وتمزح كثيرًا، وتغضب ممن يمزح معها، وغيرها من الشكاوى، وطبعًا هذه الشكاوى كانت من أمي وأخواتي، وبعض قريباتي، ولكنهم لم يقولوا لي شيئًا؛ لأنهم يحبونني ويعتقدون أنهم لو أخبروني بالموضوع سأغضب منهم.

أنا بصراحة لم أتوقف عند هذا الكلام فقط، بل بحثت ودققت وراء زوجتي وعلاقتها بصديقاتها، وأهلها فلربما أهلي لم يكونوا موفقين بالحكم عليها، وعندما دققت أكثر في علاقتها مع أهلها اكتشفت وللأسف نفس الشيء، أخوها الكبير لا يكلمها إطلاقًا؛ لأنها لا تحترمه وتعارضه، ولا تتقبل آراءه، وأخوها الآخر قال لي: من المستحيل أن يمر ثلاثة أيام بلا مشكلة بيني وبينها؛ لأنها لا تحترمني، ولا تطيع أوامري، وترفع صوتها علي، وأمها قالت لي: إن ابنتي عنيدة، ولا تسمع الكلام.

أيضا تذكرت بعض المواقف والأشياء في حياتنا مسبقًا، والتي اثبتت لي أن هذه الصفات السيئة فعلا في زوجتي مما أغضبني جدًا.

في بداية زواجي كانت زوجتي تغضب مني، ومن بعض قراراتي، ولكن أنا كنت أردعها، ولا أسمح لها، وإلى الآن وأنا لا زلت أعاني من بعض الأشياء والمشاكل المتكررة بيننا، ولكن ليس هذا موضوعنا حاليًا، ولكن بشكل عام أنا أحب زوجتي، وأريد مساعدتها في حل مشاكلها.

زوجتي يتيمة الأب، وأمها شديدة، وعاشت ظروفا صعبة في حياتها، هذه التصرفات السيئة هي لا تفعلها من سوء بها، ولا من قصد، بل هي تفعل كل شيء على الفطرة، لا تحسب حساب أي شيء، لدرجة أنها أحيانًا تتجرأ بالكلام مع أبي، لا أقصد أنها تخطئ عليه، ولكنه تتجرأ بشكل معيب، ورغم أنني أمنعها وأوبخها إلا أنه بعد فترة طويلة عندما تقابل أبي أجدها تتجرأ عليه، وأبي لا يحب هذه الجرأة، وقد أخبرني بذلك.

كنت أعتقد أن زوجتي يتيمة وتعامل ابي كأبيها، ولكني اكتشفت أن إحساسي خاطئ، بل هي بكل بدائية وفطرة تريد أن تتعامل مع أبي كإحدى صديقاتها.

أنا الآن لم أتخذ أي خطوة تجاه الموضوع، ولكني أريد أن أغير هذه الطباع في زوجتي، هي جوهرها ثمين، وهي إنسانة طيبة، ولكن ربما لا تعي كثيرًا ما تفعله، أتمنى أن أجد حلا شافيًا وكافيًا للمشكلة، لا أريد أن أسمع جملة "طالما أنك سعيد معها فلا تهتم بأهلك وأهلها" بالعكس أريد أن أعالج هذه العيوب في أسرع وقت كي لا تحدث مشاكل مستقبلية نحن في غنى عنها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حاتم أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك في موقعك، ونشكر لك التواصل، ونثني على اهتمامك بمشاعر أفراد الأسرة الكبيرة وعلاقتهم بزوجك، وقد أسعدنا ثناؤك على إيجابياتها، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد وطاعة رب العباد.

ونتمنى أن تجلس مع زوجتك جلسة حميمية تمدحها بما فيها، ثم تطالبها بأن تنصحك إذا رأت منك نقصًا في علاقتك معها أو مع الآخرين، وتطلب منها التعاقد على التناصح؛ لأنه ثمرة الحب الخالص، بل هو واجب شرعي، والمسلمون نصحه، والمنافقون غششة، والأمر كما قال عمر رضى الله عنه: "لا خير في قوم ليسوا بناصحين، ولا خير في قوم لا يحبون الناصحين"، وقد قال الشافعي رحمه الله: "ليس أحد أكبر من أن ينصح، وليس أحد أقل من أن ينجح".

وقد أعجبنا أنك لمن تتخذ أي خطوة، بل بادرت للمشاورة، وهذا دليل على كمال عقلك، ومن يشاور يضيف عقول الآخرين وخبراتهم إلى ما عنده فيفلح وينجح؛ لأنه ينظر للأمور من عدة زوايا، ونتمنى أن تكون البداية بمناقشتها حول المواقف التي وقفت عليها بنفسك حتى لا تقول من التي قالت ومن ومن؟ فيضيع أصل القضية، وقد تدفعها عاطفة المرأة واندفاعها إلى الدخول في مزيد من المشكلات، ومن المفيد أيضًا سؤالها عن علاقاتها وتعاملاتها مع أهلها ومع أهلك، وهل تواجه صعوبات أو تجد مضايقات وعندها سيظهر لك كثير من الحقائق.

وعندما تخبرك عن التوتر بينها وبين شقيقها الأكبر اسألها عن السبب، وبين لها أن الكبير يحترم، وأنني ألاحظ أنك تتعاملي ببراءة مع الكبار، وديننا يطالبنا باحترام الكبير، ثم ينفتح لك الباب للحوار الهادئ المثمر.

ولا شك أن سعادتك من سعادة من حولك، فحافظ أنت وزوجتك على التميز في علاقاتكم الداخلية والخارجية، ونتمنى ألا تستعجل النتائج؛ وذلك لأن زوجتك عاشت يتمًا ومعاناة، وحاجة الفتاة في مرحلة المراهقة إلى الأب كبيرة جدًا، وإليه غالبًا تميل، وهي لم تجد الأب أمامها في الظروف القاسية، بل وجدت أمًا قاسية، وأشقاء منافسين، وعندها يشعر الإنسان أنه في غابة تنبت أظفارًا وأشواكًا.

وعلى كل حال نحن سعداء بكم كأسرة، ونتمنى أن تعتذر لأهلك سرًا عن الذي يصدر منها ويضايقهم، وانقل مشاعرها النبيلة تجاههم، واعلم أن هذ النوعية من البشر غالبًا ما يكونون من أطيب الناس نفسًا، وما يظهر منهم لا يعبر عن حقيقتهم.

نسعد بتواصلك حتى نتابع معك خطوات التصحيح، ونبشرك بأن السلوك يتغير، وندعوك إلى أن تشبعها عاطفيًا، وسوف تكون أطوع لك من بنانك، واعلم أن تأخر العقل وتقدم العاطفة أصل في المرأة، وجزء من تكوينها.

هذه وصيتنا لكم بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً