الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أستطيع السيطرة على النظر إلى الحرام، ماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة، عمري 15 سنة، أعاني من عدم السيطرة على النظر إلى المحرّم، وبعدما أفعل ذلك الشيء أشعر بندمٍ شديد، وأظل أستغفر، وأقرّرُ التوبة، ولكن سرعان ما أعود لذلك الفعل القبيح.

أرجوكم، دلوني ماذا أفعل؟ وكيف أتصرّف؟ وادعوا لي بالهداية والمغفرة.

شكرًا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منال حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلًا بك -أختنا الفاضلة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يوفقك لكل خير، وأن يصرف عنك الشر.

وبخصوص ما تفضّلت بالسؤال عنه، فإنا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:

أولًا: نحمد الله إليك أن رزقك نفسًا لوامة، تلومُكِ على فعل المعصية، وهذا يدل على أن الخير فيك قائم، ولكنك تحتاجين إلى عدة أمور حتى تقوِّي وازع الخير على داعي الشر -إن شاء الله تعالى-.

ثانيًا: نريد منك الآن وفورًا -أختنا- أن تُحْدِثِي لله توبة صادقة نابعة من قلبك، توبة عمادها عدم العودة، توبة غايتها رضا الرحمن عليك، توبة تحمل الندم، وتذكري أن باب التوبة مفتوح مهما عظم الذنب، أليس الله هو القائل: {‏‏قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ، لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ* وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ...} [الزمر:53، 54]؟ هذه رحمة الله، حتى مع من أسرف في الذنوب، لكنه عاد إلى الله تائبًا نادمًا، قد بشّره الله بالمغفرة متى ما كان صادقًا في توبته، ولعلكِ تلحظين في صيغة النداء أن الله نسَبَ العاصي إلى نفسه فقال: {يَا عِبَادِيَ}، ثم قال: {الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ}، أي: أكثَروا في الخطايا، {لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ}، أي: لا تيأسوا من رحمة الله، { إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} أي: إنه يغفر الذنوب جميعاً عظمت أم صغرت، كثرت أم قلّتْ.

بادري بالتوبة إلى الله، وأقبِلي على ربك، وساعتَها ستخرجين من الهمّ والحزن والغم والقلق إلى الطمأنينة والسكينة، ولن تجديها إلا في التوبة، قال الله: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ، فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً، وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل 97]، توبي -أختنا- وكوني واثقة أن مغفرة الله أقرب إليك مما تظنين متى ما كنتِ صادقة فيها، واستحضري حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، أنه سمع رسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إن عبداً أصاب ذنباً، فقال: يارب، إني أذنبت ذنباً فاغفره لي ، فقال ربه: علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب، ويأخذ به، فغفر له, ثم مكث ما شاء الله, ثم أصاب ذنباً آخر, وربما قال: ثم أذنب ذنباً آخر، فقال: يارب، إني أذنبت ذنباً آخر فاغفره لي، قال ربه: علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب، ويأخذ به، فغفر له, ثم مكث ما شاء الله, ثم أصاب ذنباً آخر, وربما قال: ثم أذنب ذنباً آخر, فقال: يارب إني أذنبت ذنباً آخر فاغفره لي، قال ربه: علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب، ويأخذ به، فقال: غفرت لعبدي فليعمل ما يشاء.

ثالثًا: حتى تتخلصي من هذا التفكير المحرّم، كرّري على نفسك أنه حرام، وأنك -بهذا الاتصال- آثمة، وعاصية لله ورسوله، هذا الشعور لا بد أن تستحضريه كلما هممت بالتفكير في هذه المعصية، وتذكري كذلك أن الله يستر عبده مرة وثانية وثالثة، لكن العبد إذا أصر على المعصية، ولم يتلقَّ رسائل الله جيدًا، نزع الله عنه ستره، وتخيّلي -أختنا حفظك الله- لو نزع الله ستره عليك، كيف سيكون حالك؟!

رابعًا: المعصية -أختنا- هي نوع من أنواع الشهوة المحرمة، وأهل العلم ذكروا أن من أعظم أسبابها: غياب المحافظة على الصلاة كما ينبغي؛ فقد قال الله؛ {فخَلَفَ من بعدِهم خلفٌ أضاعُوا الصَّلاةَ واتَّبعُوا الشَّهواتِ..} [مريم 59]، فكل من اتبع شهوته وانشغل بالحرام، يعلم قطعًا أنه ابتعد عن الصلاة كما ينبغي، وبالعكس، كل من اتبع الصلاة وحافظ عليها وأدّاها كما أمره الله، أعانه الله على شهوته.

خامسًا: نريدك -أختنا- أن تجتهدي في زيادة معدل التدين عندك، عن طريق كثرة النوافل، وكثرة ذكر الله، والصيام، واعلمي أن القلب كالوعاء، لا يكون فارغًا قط، إن لم تُحسني شَغْله بالطاعة، شُغل بالمعصية.

أخيرًا: نريد كذلك أن تكثري من الصحبة الصالحة، فإن المرء بإخوانه، وإخوانه بدونه، اجتهدي أن تتعرفي على أخوات صالحات يذكرونك بالله كلما ضعفت.

نسأل الله أن يوفقك لكل خير، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • عمان moon2015

    مشكور"ه اخي اواختي ع النصيحه جعلها الله في مبزان حسناتك

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً