الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فقدت رغبتي في الحياة ولا أعلم كيف أسترجعها

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة أبلغ من العمر 17 سنة، سوف اجتاز امتحان (البكالوريا) النهائي هذه السنة - إن شاء الله -، مشكلتي أنني أعاني من مرض عضوي، ومرض نفسي.

فأنا أعاني من الإمساك منذ سنة تقريباً، واعتدت على تناول الأدوية الملينة حتى أٌصبت بالشرخ الشرجي، فوصفت لي الطبيبة علاجاً، ولكنه لم ياتي بأيّ نتيجة، والآن أنا مصابة بالبواسير، ويلازمني الإمساك الدائم، أو الإسهال الدائم، أو الإحساس بعدم إخراج الفضلات بشكل كامل، ويرافق الخروج دماً، يخرج مع الفضلات، مع العلم أنني أعاني من كثرة الغازات والتجشؤ، حتى أنني في أحد المرات شعرت بصعوبة في التنفس وسرعة في ضربات القلب، ورجفة، فذهبت إلى طبيبة القلب، وبعد الفحص، كانت النتائج بأن قلبي سليم.

أُصبت بالوسواس، حيث إنني كنت أقوم بأخذ الماء معي أينما أذهب، وإن لم أجد الماء، أشعر بالخوف الشديد، ولكنني - بفضل الله -، سوف أتغلب على هذا الوسواس.

معاناتي الحالية هي تشتتي الذهني، والخوف أحياناً، دائماً أملك الرغبة في الانتحار، ولكنني أُصاب بالخوف الشديد لمجرد التفكير في هذا الأمر، أحياناً أسأل نفسي من أنا؟ ولماذا أعيش بهذه الحياة؟ أشعر بأنني سوف أنفجر، أقضي معظم وقتي في البكاء، لم أجد أي معنى للحياة، أتمنى استرجاع حبي للحياة، والعيش بشكل طبيعي، أشعر بالضياع، وكأنني في عالم لا أنتمي له، أو حلم مزعج أود الخروج منه، سأُصاب بالجنون، فأنا لم أعد أعرف نفسي.

تغيرت كثيراً، لقد فقدت تركيزي في الدراسة، بعد أن كنت من الأوائل دائماً، بدأ الأساتذة بالتعجب، والبدء في سؤالي ما الذي يجري وما هذا التغيير الحاصل؟! فقدت رغبتي في الاستمتاع بالحياة، أصبحت لا أحب أن أخرج من منزلي، ماذا أفعل؟
هل التجاهل والنسيان يساعدانني على تخطي ما أنا به؟

أخاف أن يؤثر هذا الأمر على دراستي، فماذا أفعل؟ وفيما يخص البواسير والإمساك، هل يجب أن أذهب إلى أخصائية؟ وشكراً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ وفاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

وأنت في هذه السن الجميلة، لماذا تفكرين بهذه الصورة السلبية؟ آلمني جدًّا حديثك، أنه لديك إحساس ورغبة في الانتحار، هذا كلام خطير جدًّا، لا يناسب أبدًا أحد فتيات الإسلام، فانظري للحياة بمنظار آخر، منظار التفاؤل، الأمل، الرجاء، وأنت لديك طاقات نفسية وجسدية ممتازة جدًّا، وجّهيها التوجيه الصحيح، عمرك هو عمر المتغيرات النفسية، والفسيولوجية، والجسدية، وحتى السلوكية، وأنا متأكد أنك يمكن أن تنطلقي انطلاقة إيجابية ممتازة، إذا رتبت نفسك ووقتك، وتخليت عن الفكر السلبي.

كل الذي تعانين منه، وهو نوع من القلق النفسي، وليس أكثر من ذلك، فتنظيم الوقت والتفاؤل، أعتقد أنه سوف يساعدك كثيرًا، وأريدك بجانب ذلك أن تمارسي أي رياضة تناسب الفتاة المسلمة، وأن تطبقي تمارين التنفس التدرجي، هذه التمارين ممتازة وسهلة التطبيق: اجلسي في داخل الغرفة، كوني مسترخية، يمكن أن تنامي على السرير، ضعي يديك بجانبيك أو على صدرك، أغمضي عينيك، تأمَّلي في حدث جميل، ثم خذي نفسًا عميقًا وبطيئًا عن طريق الأنف، اجعلي صدرك يمتلأ بالهواء، أمسكي على الهواء لفترة لا تتجاوز أربع أو خمس ثوانٍ، ثم بعد ذلك أخرجي الهواء بكل قوة عن طريق الفم، ويجب أن يكون إخراج الهواء ببطء وقوة، أي عملية الشهيق والزفير هذه تتم ببطء شديد وقوة، كرريها خمس مرات متتالية بمعدل مرة في الصباح ومرة في المساء، وسوف تجدي فيها فائدة عظيمة جدًّا.

موضوع الإمساك والبواسير سوف يفيدك فيه أحد الأخوة الأطباء، لكن لا تقلقي نحوه أبدًا.

أنت قد تكوني محتاجة لدواء بسيط يقلل من التوتر والقلق، وفي هذا السياق يمكن أن تذهبي وتقابلي الطبيب، لكن تطبيق ما ذكرته لك من إرشاد أعتقد أنه كاف جدًّا ليُخرجك من هذه الحالة النفسية الظرفية.

احرصي على صلاتك في وقتها، وعليك بوردك القرآني اليومي، وعليك بالدعاء، وأضيف أيضًا أن بر الوالدين له مدلول صحي نفسي إيجابي عظيم جدًّا، فكوني حريصة على ذلك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

++++++++++++++++++++++++++++++
انتهت إجابة ... د. محمد عبد العليم ... استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
وتليه إجابة ... د. عطية إبراهيم محمد ... استشاري طب عام وجراحة وأطفال.
++++++++++++++++++++++++++++++

الأدوية الملينة للأسف تأتي بنتيجة عكسية في بعض الأحيان، وتؤدي إلى حالة من الارتخاء للأمعاء، وضعف الحركة الدودية التي تميز الأمعاء، والتي تساعد على انتقال محتويات البطن في اتجاه المستقيم، والإمساك عَرَض، وليس حالة مرضية؛ بسبب سوء التغذية أو التغذية الخاطئة؛ الناتجة عن نقص السوائل، والماء، والخضار المطبوخ، والسلطات في الطعام، ونقص الألياف الموجودة في الخبز الأسمر، وفي الحبوب، مثل: الشوفان، والقمح الكامل، بالإضافة إلى أكل الفلفل الحار والشطة.

والنقطة الأهم في علاج الإمساك، من خلال شرب الماء، وهذا ما تحرصي عليه وهو جيد، ولا ضرر منه، مع تناول العصائر، خصوصاً عصير الخوخ، وتناول فاكهة التين الطازج، أو المجفف المنقوع، وتناول الكثير من السلطات، وزيت الزيتون، والخبز الأسمر، وشوربة الشوفان، وتلبينة الشعير، وهي عبارة عن: "مغلي ملعقتين شعير مطحون في كوب حليب دافئ قبل النوم"، كل ذلك يساعد على إخراج لين، وبالتالي عدم الضغط على فتحة وعضلات الشرج، وإعطاء فرصة للبواسير في الشفاء التام والسريع، ويمكن تناول حبيبات (Agiolax)، ملعقة كبيرة مرتين يوميًا، للمساعدة في علاج الإمساك، أو أكياس (fybogel)، على كوب من الماء، حيث إن هذه الأدوية لا تؤثر على الأمعاء - إن شاء الله - تأثيراً سلبياً.

وتناوب مرات الإمساك والإسهال، مع التجشؤ والغازات، له علاقة بالقولون العصبي، وهذا يتماشى مع حالتك النفسية المضطربة، والقولون يمثل الجزء الأخير من الأمعاء الغليظة، وفيه يتكون البراز، أو الغائط، وهذا يتطلب شرب كمية كافية من الماء، ووجود كمية كافية من الألياف في الطعام، مثل: الخضروات الطازجة والمطبوخة، والخبز الأسمر، وشوربة الشوفان، وتلبينة الشعير المطحون، والمغلي في الماء، أو الحليب، والقمح النابت - جنين القمح -، وهذه الأطعمة تحتوي على كثير من الألياف والسوائل الضرورية للقولون، وبالتالي يخرج البراز أو الغائط ليناً، وتقل تبعا لذلك كمية الغازات الخارجة، والمتكونة من تخمر الطعام.

ولعلاج القولون، يمكن تناول حبوب (Spasmocanulase)، قرص ثلاث مرات يوميًا قبل الأكل عند الضرورة، ويمكن تناول خليط مكون من: (مطحون الكمون، والشمر، والينسون، والكراوية، والهيل، وإكليل الجبل، والقرفة، والنعناع) وإضافته إلى السلطات، والخضار المطبوخ مع زيت الزيتون، أو شربهُ مغليًا مثل الشاي، وهذا يساعد كثيراً في التخلص من الغازات، والانتفاخ، والمغص - إن شاء الله -، وللحموضة يمكنك تناول قرص pariet 20 mg))، قبل الأكل يوميًا مرة واحدة، مع ترك الوجبات الحارة، والشطة في الطعام.

وقد يساعدك بالإضافة إلى النصائح القيمة التي قدمها لك استشاري الطب النفسي, تناول حبوب (PROZAC 20 MG)، يوميًا قرص واحد، وهذه الحبوب سوف تحسن مزاجك العام، وتساعدك على الإقبال على الحياة - إن شاء الله -.

وفقك الله لما فيه الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً