الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من العزلة والانطوائية وأخشى التعامل مع الغرباء، ما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم.
أشكر كل القائمين على هذا الموقع الرائع.

أنا شاب بعمر 18 سنة، عندما كنت في المرحلة الاعدادية، كنت أذهب إلى المدرسة، وأعود إلى البيت ولا أخرج إلا قليلا.

كنت أسأل نفسي لماذا لا أخرج مع أصدقائي الذين يسألونني دائما لماذا لا نراك خارج المدرسة؟ فكان ردي أنا لا أحب الخروج أو إلى أين أخرج؟

في المرحلة الثانوية في الصف الأول الثانوي كنت لا أحب الذهاب إلى المدرسة، لأني أخاف من التحدث أمام الطلاب في الفصل أو في الإذاعة المدرسية في المرحلة الاعدادية، أو المشاركة في الفصل مع المدرس خوفا من أن يسألني ولا أعرف الإجابة، أو أن أخطئ أو أتلعثم فيحرجني أمام زملائي، كنت أتغيب كثيرا من المدرسة، وعن الامتحانات الشهرية.

كنت خجولا وغير واثق في نفسي، ولا أحب أن ينظر إلى الناس، وإن فعلوا كنت أقول في نفسي ماذا سوف يقولون عني؟ هل يملكون عني فكرة جيدة أم ماذا يعتقدون أني كذا أو كذا؟

أنا معروف عني الأدب والخلق والهدوء، وأخشى أن يعرف عني عكس ذلك، واستمريت على هذا الحال وفي الصف الثاني الثانوي أيضا كنت أتغيب كثيرا عن المدرسة وعن الدروس الخصوصية، وعانيت كثيرا من خجلي داخل الفصل وأثر ذلك على دراستي وحصلت على درجات سيئة جدا بالكاد تكفي للنجاح وفي الصف الثالث الثانوي أيضا كنت لا أذهب إلى الدروس الخصوصية مع زملائي خوفا من أن يسألني المدرس عن درجاتي أو يسألني فلا أعرف الإجابة أو أن أضع نفسي في موقف سخيف، وأجعل نفسي أضحوكة بينهم فأمتنع عن الذهاب، وإن قررت الذهاب تعتريني حالة من الخوف الشديد الذي ربما يزول مع الوقت في نفس الدرس أو الحصة، وكنت أذهب إلى المدرسة كرها، خوفا من الفصل، بسبب كثرة غيابي، فكنت في الفصل الحاضر الغائب!

تأثرت دراستي بسبب عدم ذهابي إلى الدروس الخصوصية، وجاءت فترة الامتحانات فلم أدخل الامتحانات، واعتبرت راسبا خوفا من أن لا أحصل على مجموعة كبيرة، وها أنا أكرر نفس الذي حدث معي العام الماضي.

أهملت دروسي بسبب خوفي وعدم ثقتي بنفسي وخجلي، حتى إنني أخجل وأنا أمشي في الشارع، وأخجل أن أتعامل مع الفتيات، أو حتى مجرد التحدث معهن، وما زاد الطين بلة أن هناك بعض الفتيات في الحي الذي أسكن فيه، يجلسون أغلب الوقت أمام منازلهم.

كلما أمر أمامهم ينظرون إلى بطريقة تخجلني، كأنهم معجبون بي، مثلا لا أعرف، فكلما أردت الخروج من المنزل أنظر هل هم موجودون أم لا؟ حتى إذا لم أجدهم أمضى في طريقي بسلام، حتى إنني لا أذهب إلى المسجد للصلاة، وأصلي في البيت لنفس السبب.

إذا قررت الخروج والتعامل مع الناس وعاملني أحدهم بطريقة سيئة أشعر بالحزن والضيق، وأدرك أن هناك مشكلة حقيقية بالفعل.

لقد رسمت صورة لنفسي في أذهان الناس والمعارف أخشى أن تتغير لأقل من ذلك أخشى التعامل مع الغرباء، وليس لدي الكثير من الأصدقاء والمعارف، حتى إن الكثير من أقربائي من لا يعرفني أصلا.

أنا قليل الكلام ومنعزل عن الناس، أحب أن أعيش مستقلا بحالي، بعيدا عن الناس، وعن أسرتي، وبالفعل لقد اشترى أبي بيتا بجوار بيتنا، وانتقلت إليه، وأخذت غرفة مستقلة فيه، وأبيت فيه وحدي، ولا أذهب إلى بيتنا الأول إلا من أجل الأكل أو الأشياء المهمة، ثم أعود ثانية أرفض القيام ببعض الأعمال، مثل الذهاب لشراء حاجيات المنزل من طعام وأشياء أخرى.

لا أريد أن أخرج من المنزل وأتعامل مع الناس، وهذا يوقعني في المشاكل مع أمي وإخوتي، أنا أعلم أن سبب ذلك كله هو مشكلة نفسية، ولا كأنهم لا يبالون ولا يقدرون كيف أتخلص من هذا كله، كي أعيش كأي شاب في مثل سني؟ وما العلاج الفعال والمناسب؟ سواء كان نفسيا أو ماديا، وأن لا يكون مكلفا، فأنا لا أعمل ولا أريد أن أخبر أحدا من أهلي بذلك على الإطلاق، فأنا حساس من جهتهم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ahmed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

رسالتك جيدة، وهي ليست طويلة إنما معبرة تمامًا عن مشاعرك، أستطيع أن أقول: إنك تعاني من انطوائية اجتماعية، لا تخلو أيضًا من مخاوف اجتماعية، ولديك سوء التقدير للذات، بمعنى أنك لا تقدر نفسك تقديرًا صحيحًا، لذا تحس بالحرج حين تتعامل اجتماعيًا.

أيها الفاضل الكريم: نعم حالتك بدأت في سنٍّ مبكرة، لكن يمكن علاجها، وعلاجها بصورة ممتازة جدًّا، هذا يتطلب منك جهد وقناعات جديدة، أهم هذه القناعات ألا تعتبر نفسك أقل من الآخرين أو تعتقد ذلك، وأنا أؤكد أنه لا أحد يستهزئ بك، والفتيات اللواتي يجلسن أمام بيوتهنَّ ليستهزئن بالمارين أعتقد أن رأيهنَّ يجب ألا يُقدَّر ولا يعطى أي نوع من الاهتمام، وأعتقد تصورك حساسًّا حول هذا الموضوع.

أريدك أن تضع برامج يومية تتكون من الآتي:
- لابد أن تصلي الصلوات الخمس مع الجماعة في المسجد، ابدأ حتى بالتدرج إلى أن تكون من الشباب الذين تتعلق قلوبهم بالمساجد، فهذا علاج عظيم، يشمل خيري الدنيا والآخرة.

- أريدك أن تمارس رياضة جماعية مع أصدقائك على الأقل بمعدل ثلاث مرات في الأسبوع، هذا علاج عظيم أيضًا، مهم وضروري ونعتبره أساسيًّا.

- اطرح فكرتين على أسرتك يوميًا، أفكارًا بسيطة جدًّا يمكن أن تكون ذات جدوى وتعطي ثقة في نفسك، مثلاً: كيف سنقضي عطلة نهاية الأسبوع؟ هذا موضوع، تحدث عن أي موضوع قرأته في إحدى الصحف، في أمور الدين، في الثقافة، في الفن، كما تشاء، وهكذا.

هذا يؤدي إلى توسيع معرفي، وإلى انصهار اجتماعي مع من تطمئن إليهم وهم أسرتك، وهذا يساعدك بعد ذلك على التوسيع في نمطك الاجتماعي وتواصلك.

- ضع خارطة واضحة جدًّا لمستقبلك حول التعليم، واعرف أن نوري العلم والدين لا يوازيهما شيء، وهما السلاحان اللذان لا يستطيع أحد أن يأخذهما منك، أما كل المكتسبات الأخرى من أموال وعمارات وعقارات فإنها تزول بعوامل كثيرة.

- لماذا لا تكوّن جمعية صغيرة من شباب الحي تقومون بنظافة الحي مثلاً، وهذه أفكار جديدة أفكار رائدة، فكل الذي نهدف إليه من الذي ذكرناه لك هو أن تطبع نفسك على نمط جديد، بناء نفسي جديد، حياة مليئة بالمهارات، وسوف تعود ثقتك بذاتك إن شاء الله تعالى.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً